قوة "الهضبة"

تكمن قوة عمرو دياب في برمجته الجيدة، وفي إصراره على تأمين صحته ونجوميته.
الأحد 2023/08/27
"الهضبة" قرر أن يجعل من نفسه جبلا في مملكة الغناء العربي

يبدو أن لدى عمرو دياب قدرة أسطورية على تجديد نفسه مع المحافظة على نجوميته التي تجعل منه الفنان الأعلى أجرا في تاريخ الغناء المصري وربما العربي، رغم أن صوته أكثر من عادي وأغانيه الأخيرة أقرب ما تكون إلى طاحونة الشيء المعتاد.

مقابل إحياء حفله ببيروت الأسبوع الماضي، حصل “الهضبة” و(هذا لقبه الذي بات معتمدا) على أجر قدره 750 ألف دولار أي ما يساوي 23 مليون جنيه مصري، وهو مبلغ لا يشير أبدا إلى أن لبنان يعاني أزمة مالية واقتصادية، وإنما يوحي بأن الأموال موجودة وبكثرة ولا تحتاج إلا لمن يجتهد ويجمعها من أفواه الهوامير الكبيرة والقطط السمان.

اشترط “الهضبة” على جمهوره ارتداء اللون الأبيض، وهو ما جعل المسرح يتحول إلى كتلة بيضاء، في سياق خطة تسويقية مبنية على فكرة الإثارة ولفت الانتباه، وكأنه أراد أن يقول إنه نجح في تجميع الفرقاء اللبنانيين في لوحة تعبّر عن الصفاء والسلام.

أجبر المنظمون الإعلاميين الذين حضروا الحفل على توقيع التزام بعدم كتابة أيّ مقال ينتقد “الهضبة” أو التنظيم، والاكتفاء فقط بعبارات المديح والشكر والتقدير، وهو ما أثار جدلا واسعا في بلد الأرز الذي طالما كان بلد الصحافة الحرة والأصوات المتعددة، ودفع ببعض المعارضين إلى اعتبار ذلك الالتزام اعتداء على الدستور وتقييدا للحريات.

كان “الهضبة” يُزيّن معصمه بساعة ماركة رولكس المعروفة بـكوزموغراف دايتونا وهي مصنوعة من الذهب عيار 18 ومرصّعة بـ 36 قطعة ماس، ويبلغ سعرها 510 ألف دولار، أي ما يقارب 17 مليون جنيه مصري، وكالعادة أثار النجم المصري الكثير من السجال بسبب القرط الذي بات يضعه في أذنه كتقليد جديد بالنسبة إليه.

وضع “الهضبة” نفسه في مستوى استثنائي من التميز واللمعان والارتفاع الأسطوري للأجر على الصعيد العربي على الأقل، حتى أن كل مهرجانات المنطقة تقريبا ليست لها قدرة على التعاقد معه بخصوص تنظيم حفلات، وبإمكان معجبيه من الفقراء أو متوسطي الدخل أن يعيشوا حيواتهم على أمل مشاهدته عن قرب وهو يغنّي، ولكن دون جدوى.

تكمن قوة عمرو دياب في برمجته الجيدة، وفي إصراره على تأمين صحته ونجوميته، وكذلك في حفاظه على صورته في عيون الأجيال التي تداولت على التعلق به منذ ثمانينات القرن الماضي، وخاصة من خلال ابتعاده عن الإعلام والاستهلاك الرخيص لموهبته، وإحاطة نفسه بهالة أسطورية جعلت سعره في ارتفاع دائم واسمه في نجومية مستمرة.

“الهضبة” قرر أن يجعل من نفسه جبلا في مملكة الغناء العربي، وكل المؤشرات تؤكد أنه نجح في ذلك.

18