قوة السلطة تفرض انضباط سكان شرق ليبيا في مواجهة كورونا

بنغازي (ليبيا) – في ظل تفشي فايروس كوفيد-19 المستجد والمعروف أيضا باسم كورونا حول العالم وطلب السلطات بالالتزام الجاد بالإجراءات الاحترازية لتفادي انتشاره ومن ضمنها البقاء في البيت، استجاب سكان مدن شرق ليبيا في العشرة الأيام الأخيرة لطلب الحكومة التي أعلنت حظر تجوال كإجراء أولي لمجابهة الفايروس.
وخرج متطوعون للشوارع لتقديم مطويات للتعريف بالفايروس، والتوعية حول ما يمكن للمواطنين فعله للحفاظ على عدم انتشاره بعد أن أغلقت السلطات المحلية كافة المنافذ. كما قام أخرون بتعقيم الشوارع والطرقات وأبواب المحلات.
وأعلنت وزارة الداخلية التابعة لحكومة شرق ليبيا حظر التجوال من الساعة الرابعة مساءً حتى الساعة السابعة صباحاً، مع إغلاق كل المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي والمنتزهات والصالات العامة الرياضية طوال اليوم.
وكانت الاستجابة تطوعية من سكان المدن وخاصة في ثان أكبر مدينة في ليبيا، بنغازي، حيث اتبعت الإجراءات الوقائية في العديد من محلات البقالة والصيدليات من بينها الحفاظ على المسافة المأمونة بين المترددين عليها. وقال الرائد طارق الخراز الناطق باسم وزارة الداخلية إن “هذه الاجراءات من شأنها تخفيف الازدحام”.
وانتشرت مقاطع فيديو على الإنترنت التقطها بعض سكان للازدحام أمام الأسواق والمصارف في محاولة منهم للحصول على مرتباتهم المتأخرة عن شهري يناير وفبراير. وتعاني ليبيا من أزمة سياسية حادة أدت إلى انقسام البلاد وانكماش الاقتصاد الليبي بسبب سيطرة الميليشيات المسلحة على مؤسسات الدولة في العاصمة طرابلس.
يحتج المواطنون في الشرق على تأخر صرف رواتبهم و يحملون سلطات طرابلس المسؤولية
واضطرت السلطات المحلية إلى التخفيف من مدة حظر التجوال بعد احتجاجات المواطنين على هذا الإجراء بسبب تردي الأوضاع المعيشية للسكان وتأخر صرف مرتباتهم ونقص بعض السلع التموينية.
وكان بعض المواطنين في مدن بنغازي والبيضاء قد تجمهروا في أماكن عامة تنديداً بتأخر صرف المرتبات والتي وصلت لأربعة أشهر. ويعتبر مصرف ليبيا المركزي في العاصمة طرابلس، وهي مقر حكومة الوفاق، المؤسسة المسؤولة عن صرف المرتبات.
وتتهم حكومة شرق ليبيا، حكومة الوفاق في طرابلس بتأخر صرف مرتبات موظفي شرق ليبيا والجنوب. وتعتمد ليبيا في اقتصادها بشكل أساسي على إيرادات النفط كمصدر رزق وحيد للبلاد التي انزلقت في فوضى عارمة منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي منذ تسع سنوات.
وتعرضت المنشآت النفطية لعدة هجمات وأعمال تخريبية، ولكن في منتصف شهر فبراير أغلقت قبائل في المنطقة الشرقية والوسطى موالية للجيش الوطني الليبي الحقول والموانئ النفطية متهمة حكومة الوفاق بإهدار ثروات الشعب على الحروب وجلب المقاتلين الأجانب.
وانعكست الفوضى والحروب في البلد العضو في الأوبك على الأوضاع في كافة مرافق الدولة وعلى رأسها مرافقها الصحية حيث تردت أحوالها، خصوصا مع نقص الإمداد الطبي والأطقم الطبية الأجنبية المتخصصة التي غادرت البلاد بسبب ظروف الحرب الدائرة في البلاد .
وأعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض في وقت متأخر من يوم الثلاثاء الماضي عن أول حالة تحمل فايروس كورونا. الحالة لرجل في الستين من عمره رجع إلى ليبيا عن طريق تونس في بداية شهر مارس، وأصبح مجموع الإصابات الآن ثلاثة.
ويظل التخوف الأكبر لدى المواطنين هو تفشي الفايروس في ظل عدم القدرة على توفير الخدمات الطبية اللازمة للمرضى والأطقم الطبية من كمامات وقفزات وأجهزة تعقيم وتنفس اصطناعي، والتي تم توفيرها حتى الآن بشكل متواضع بسبب غياب التمويل.
وقال الناطق باسم اللجنة الاستشارية الطبية، الدكتور أحمد الحاسي، في مؤتمر صحافي مؤخرا “إننا نعوّل على وعي المواطن في مواجهة هذا الوباء، ودولتنا لا تمتلك الإمكانيات الكافية، وكما نرى دول متقدمة طبياً وصناعياً تقف عاجزة الآن أمام مد وباء كورونا”.
ومن ضمن الإجراءات الوقائية التي اتخذتها السلطات، إعلان مصلحة الأحوال المدنية عن إيقاف إبرام عقود الزواج مؤقتا بحسب ما ذكرته في بيان على موقعها الرسمي. هذا وقد توقفت كافة المناسبات الاجتماعية وتم منعها بتاتا لحين إشعار آخر.