قوانين الليثيوم الأميركية تقمع فرص كسر هيمنة الصين

تصطدم مساعي الولايات المتحدة لتصبح منتجا عالميا رئيسيا لمعدن الليثيوم المهمة في التحول النظيف بمزيج مربك من اللوائح الحكومية التي تردع المطورين وتعرقل الجهود الرامية إلى كسر سيطرة الصين على قطاع المعادن الحيوي.
واشنطن- أجمع منظمون من سبع ولايات أميركية وخبراء قانونيون وسياسيون وملاك الأراضي والمستثمرون وشركات والمديرون التنفيذيون في الصناعة والاستشاريون على أن قوانين الليثيوم المحلية تعيق أهداف الولايات المتحدة في منافسة الصينيين.
وليس من الواضح من يملك أطنان الليثيوم المحبوسة في المحاليل الملحية تحت التربة في تكساس ولويزيانا وغيرها من الولايات الغنية بالمعادن، وكيف يتم تقييم المعدن من المنظمين ومن يجب عليه الدفع مقابل معالجته وتحويله إلى مادة قابلة للاستخدام من الشركات.
ويعد هذه الغموض القانوني أحدث عائق إلى جانب التحديات التقنية وانخفاض أسعار السلع الأساسية أمام خطط واشنطن لإنتاج المزيد من الليثيوم الخاص بها وفطام البلاد عن الإمدادات الأجنبية.
ويبدو المسؤولون الفيدراليون عاجزين إلى حد كبير عن إجبار الولايات على تغيير اللوائح، مما يترك أهداف “الكهربة العدوانية” لإدارة الرئيس جو بايدن خاضعة للوتيرة التي يقوم بها المسؤولون المحليون بتحديث القوانين التي عفا عنها الزمن.
ومن المتوقع أن يتجاوز الطلب العالمي على الليثيوم العرض بمقدار 500 ألف طن سنويا بحلول 2030. ويحذر المحللون من أنه ما لم تعزز الولايات المتحدة إنتاجها، فسيجد المصنعون أنفسهم يعتمدون على الصين وغيرها من أجل الإمدادات مع اقتراب نهاية العقد.
وعلى سبيل المثال، وافق المجلس التشريعي لولاية تكساس العام الماضي على قانون بدعم من شركتي ستاندرد الليثيوم وشيفرون، يقضي بتوجيه هيئة تنظيم حقول النفط في الولاية إلى صياغة القواعد التنظيمية لاستخراج الليثيوم من المحاليل الملحية.
لكن الهيئة التنظيمية، المعروفة باسم لجنة السكك الحديدية في تكساس، أكدت لرويترز أنه ليس لديها جدول زمني لموعد الانتهاء من هذه المهمة، لكنها أشارت أنها ستنشر قواعدها للتعليق العام عليها بمجرد صياغتها قبل التصويت عليها من قبل ثلاثة مفوضين.
وقال برادي مورفي الرئيس التنفيذي لشركة تيترا تكنولوجيز، التي تهدف إلى إنتاج الليثيوم مع شريكتها إكسون موبيل “لا أعرف حتى من أين أبدأ فيما يتعلق بالعمل مع السلطات المحلية للحصول على حقوق المعادن شديدة الملوحة في تكساس. إنه أمر مربك”.
وفي حين أن قانون المياه النظيفة الأميركي لعام 1972 يمنح واشنطن سلطة تنظيمية بشأن استخراج المياه وإعادة حقنها في جميع أنحاء البلاد، فإن مسؤولي الدولة يتمتعون بالاستقلالية في إدارة أجزاء أخرى من العملية.
وقال مورفي إن تيترا، التي تنتج أيضا مواد كيميائية لمعالجة المياه وإعادة تدويرها “اختبرت أكثر من 200 عينة من المياه المالحة من تكساس، لكنها اختارت حتى الآن عدم القيام بأعمال تجارية بسبب عدم اليقين القانوني”.
وذكرت شركة ستاندرد ليثيوم المدعومة من شركة كوش أندوسيتري في أكتوبر الماضي أنها حفرت بئرًا بمحلول ملحي في تكساس بتركيزات من الليثيوم تعادل تقريبا تلك الموجودة في أجزاء من تشيلي، التي تمتلك أكبر احتياطيات من الليثيوم في العالم.
لكن ستاندرد لا يمكنها لمس هذا الليثيوم حتى يتم وضع اللوائح. وقال روبرت مينتاك، الرئيس التنفيذي للشركة “إننا نتبع نهجًا مدروسًا تجاه تكساس”.
وفي أوكلاهوما، التي توجد بها رواسب المياه المالحة، أكدت لجنة شركة الولاية التي تشرف على تطوير النفط والغاز إنها ليست لها سلطة قضائية على إنتاج الليثيوم وعوائده. كما أكدت وزارة المناجم بالولاية، أنها لا تشرف أيضا على الليثيوم. .
وفي ولاية يوتا، وافق المجلس التشريعي للولاية وحاكمها على مشروع قانون العام الماضي يهدف إلى منع انخفاض مستويات المياه في بحيرة سولت ليك الغنية بالليثيوم.
وأدى ذلك إلى قيام شركة كومباس مينيرالز بالتخلي عن خططها الشهر الماضي لإنتاج الليثيوم لشركة فورد في البحيرة المعرضة للخطر وحل فريق الليثيوم بالكامل، قائلة إن “المخاطر التنظيمية زادت بشكل كبير حول هذا المشروع”.
500
ألف طن سنويا الفجوة بين العرض والطلب لمعدن الليثيوم بحلول عام 2030
ويؤدي الافتقار إلى المبادئ التوجيهية الحكومية في لويزيانا إلى إثارة مخاوف خبراء القانون من احتمال قيام المنتجين بالتعدي على الأراضي المجاورة عندما يعيدون حقن المياه المالحة بعد تصفية الليثيوم.
وتعد إعادة الحقن خطوة أساسية للحفاظ على مستويات منسوب المياه الجوفية. وأكدت وزارة الطاقة والموارد الطبيعية في لويزيانا لرويترز أنها ليست لديها قوانين حالية تتعلق بالليثيوم.
وقال كيث هول، مدير معهد قانون المعادن بجامعة ولاية لويزيانا “من المرجح أن تكون هناك حاجة إلى معركة قضائية حول ما إذا كان لديهم الحق في القيام بذلك”.
ويكون المسار أكثر قتامة بالنسبة للمياه التي يتم استخراجها مع النفط الخام. لقد دفعت شركات النفط لعقود من الزمن تكاليف التخلص من تلك المياه المنتجة، والتي تحتوي على الليثيوم الذي يمكن بيعه لتحقيق الربح.
ومع ارتفاع الطلب على الليثيوم الآن، يتصارع ملاك الأراضي ومنتجو النفط والشركات، التي تشرف على التخلص من المياه على الملكية.
وقضت محكمة الاستئناف في ولاية تكساس العام الماضي بأن شركة سي.أوجي أوبيراتينغ تسيطر على المياه، التي تستخرجها إلى جانب النفط الخام، لكن الحكم لا ينطبق إلا على هذه الحالة المحددة.
ولا تتضمن عقود إيجار حقول النفط شروطا بشأن من يملك المعادن الأخرى المستخرجة إلى جانب النفط، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كان الليثيوم مشمولا بعقود الإيجار الحالية أو ما إذا كانت الشركات بحاجة إلى التفاوض على عقود جديدة مع مالكي الأراضي.
وقال جيمي رايمز، المحامي المتخصص في عقود المعادن في شركة المحاماة ليسكو آند لويس لرويترز “سيكون لهذا تأثير مروع على استثمارات رأس المال حتى يتم حلها”.
ويشدد خبراء قانونيون على أنه من غير الواضح كيف سيتم تقييم الليثيوم مقابل مدفوعات حقوق الملكية نظرا لتكلفة المعدات اللازمة لتصفية معدن البطارية من محلول ملحي، والذي على عكس النفط عادة ليست له قيمة سوقية في حد ذاته.
وفي أركنساس، حيث تأمل شركات تيترا وإكسون وألبيمارل وستاندرد ليثيوم في إنتاج معدن البطارية في غضون بضع سنوات، يناقش مسؤولو الولاية هيكل حقوق الملكية لتعويض ملاك الأراضي منذ عام 2018.
وقال شين خوري، الذي يشرف على الهيئة التي ستحدد سعر الإتاوة بصفته وزيرا لوزارة الطاقة والبيئة في أركنساس، إن “الولاية قد تفرض أسعارًا مختلفة اعتمادًا على كمية الليثيوم الموجودة في رواسب المياه المالحة”.
وتخطط ألبيمارل، أكبر منتج لليثيوم في العالم ولديها عمليات في الولايات المتحدة وتشيلي وأستراليا والصين وأماكن أخرى، لفتح منشأة تجريبية في أركنساس بحلول نهاية العام. وتؤكد الشركة أنها اختارت عدم تقديم رسوم حقوق ملكية في الوقت الحالي، وقد قررت اعتماد هذا الاقتراح أثناء مشاهدتها لعملية مراجعة حقوق الملكية الخاصة بشركة ستاندارد.
وقالت نيثا جونسون، المديرة التنفيذية لشركة ألبيمارل المشرفة على مشروع الليثيوم في أركنساس التابع للشركة “ننتظر لنرى كيف يتطور (وضع حقوق الملكية في أركنساس)”. وأضافت “هناك بعض الاختلافات الأساسية بين الطريقة التي يمكن بها حساب عائدات المياه المالحة”.
ولم تقدم إكسون أيضا اقتراحا بشأن حقوق الملكية رغم إنفاق أكثر من 100 مليون دولار في أركنساس وعلى منشأة اختبار في هيوستن كجزء من تحرك قوي نحو الليثيوم، لكنها قالت إنها تأمل أن “تكون حقوق الملكية في الولاية موحدة في جميع أنحاء الولاية”.
وفرضت ولاية كاليفورنيا، التي تمتلك احتياطيات كبيرة من الليثيوم في منطقة بحر سالتون شرق لوس أنجلوس، العام الماضي ضريبة ثابتة على كل طن متري من الليثيوم. وقد أدت هذه الخطوة إلى تأخير تطوير المشاريع المقررة لتزويد جنرال موتورز وستيلانتس.
ودافع حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم والمشرعون عن الضريبة باعتبارها وسيلة ضرورية لضمان استفادة جميع السكان من تحول الطاقة.
وبالنسبة لولاية نيفادا، التي لديها عملية الليثيوم التجارية الوحيدة في الولايات المتحدة، وهو منجم صغير تديره ألبيمارل، فقد فرضت ضرائب على المعادن لأكثر من 100 عام، ولكن بمعدل يعتمد على إيرادات كل منشأة. ويتوقع محللو الصناعة أن يتم وضع اللوائح التنظيمية في نهاية المطاف في ولايات مختلفة، ولكن توقع الموعد هو أمر لا يمكن لأحد أن يخمنه.
وقال مالك الأراضي الغنية بالليثيوم في عدة ولايات، والذي رفض الكشف عن اسمه حتى لا يسيء إلى المنظمين، إن “عدم اليقين هو الجزء الأكثر رعبا”. وأضاف “كيف يمكنك تطوير هذه المشاريع وحشد الدعم المالي دون وجود هيكل تنظيمي؟”.