قواعد عالمية مشددة للتضييق على شركات الغسل الأخضر

بروكسل - ستواجه الشركات مزيدا من الضغوط للكشف عن كيفية تأثير تغير المناخ على أعمالها بموجب مجموعة جديدة من القواعد العالمية المدعومة من مجموعة العشرين بهدف مساعدة المنظمين على اتخاذ إجراءات صارمة ضد الغسل البيئي أو الأخضر.
وبرزت ظاهرة الغسل الأخضر والتي هي عبارة عن فعل تضليل المستهلكين حول الممارسات البيئية للشركة أو الفوائد البيئية لمنتج أو خدمة ما خلال السنوات القليلة الماضية، ولكنها بدأت تتسع بشكل كبير الفترة الأخيرة مع تركيز الحكومات على مكافحة تغير المناخ.
وتعمل الشركات في معظم القطاعات تقريبا على الإيهام عبر الغسل البيئي بجدوى المنتج أو الخدمة من خلال تغيير اسم العلامة التجارية أو لإعطاء انطباع عن كونها تنسجم مع البيئة.
وعلى سبيل المثال تقوم شركة ما بوضع صورة لأشجار خضراء على زجاجة من المواد الكيميائية دون أن يستجيب المنتج لمتطلبات مكافحة الاحتباس الحراري، أو أن تلتف شركة طيران على معايير البيئة المستخدمة خلال الرحلات.
وتنشر منظمات حماية البيئة بين الفينة والأخرى لائحة بالمنتجات والشركات المتهمة بالغسل الأخضر، وتتضمن منتجات من نظارات الغواصين إلى بعض الأطباق في المطاعم وأدوات التنظيف ثم أنواع معينة من الشوكولاتة وصولا إلى السيارات.
وفضلا عن ذلك فإن الغسل الأخضر يتضمن استخدام استثمارات بيئية في مشاريع مختلفة لا علاقة لها بحماية الطبيعة مما استدعى تصدي العالم لهذه الظاهرة.
وتمت كتابة المعايير التي تم نشرها الاثنين من قبل مجلس معايير الاستدامة الدولية (آي.أس.أس.بي) حيث تتدفق تريليونات من الدولارات إلى الاستثمارات التي تروج لأوراق اعتمادها البيئية والاجتماعية والحوكمة (إي.أس.جي).
وأكد إيمانويل فابر رئيس آي.أس.أس.بي أن الأمر متروك للدول الفردية لتقرير ما إذا كانت ستطلب من الشركات المدرجة تطبيق المعايير، كما أنه يمكن استخدام المعايير للتقارير السنوية لعام 2024 فصاعدًا.
وقال فابر في مقابلة مع رويترز إن “كندا وبريطانيا واليابان وسنغافورة ونيجيريا وتشيلي وماليزيا والبرازيل ومصر وكينيا وجنوب أفريقيا تدرس استخدامها”.
ويعتمد آي.أس.أس.بي على معايير طوعية من فريق عمل مجموعة العشرين المعني بالإفصاحات المالية المتعلقة بالمناخ (تي.سي.أف.دي).
وكانت بريطانيا أول اقتصاد رئيسي جعل إفصاحات تي.سي.أف.دي من قبل الشركات المدرجة إلزاميًا.
وبدأ استخدام تعبير الغسل الأخضر في عام 1986، وكان أول من استخدمه باحث بيئي أميركي اسمه جي ويسترفيلد.
وعلى خلاف ما يعتقده الكثيرون، فإن الغسل الأخضر لم يبدأ بشركات الطاقة، وإنما في الفنادق في ستينات القرن الماضي عندما تبنت حملة تشجع الزوار على إعادة استخدام المناشف لتوفير المياه ومساعدة البيئة، ما ساعد هذه المؤسسات على خفض التكاليف.
والعام الماضي أشارت دراسة أجراها باحثون من شركة تيراتشويس على المنتجات في الولايات المتحدة وكندا، إلى أن 98 في المئة من المنتجات الاستهلاكية التي شملها المسح، والبالغ عددها 2219، تقع ضمن “الغسل الأخضر”.
ويعد مجلس آي.أس.أس.بي جزءًا من آي.أف.آر.أس، المؤسسة المستقلة التي تكتب أيضًا قواعد المحاسبة المستخدمة في أكثر من 100 دولة، بينما من المتوقع أن “تصادق” هيئة الرقابة على الأوراق المالية العالمية (أي.أو.أس.سي.أو) على المعايير الجديدة.
الشركات في معظم القطاعات تعمل على الإيهام عبر الغسل البيئي بجدوى المنتج أو الخدمة من خلال تغيير اسم العلامة التجارية
وقال ديفيد هاريس رئيس المبادرات الإستراتيجية للتمويل المستدام في مجموعة بورصة لندن للأوراق المالية إنه “فقط يجلب المزيد من الدقة، وهو أكثر توافقًا مع التقارير المالية”.
وأشار إلى أن 42 في المئة من أكبر 4 آلاف شركة في العالم لا تقدم حاليًا بيانات عن النطاقين الأول والثاني من انبعاثات الكربون.
وأوضح هاريس أن “هذا يعني أن أسواق رأس المال أقل فاعلية بكثير لأنه ليس لديك صورة كاملة”.
وبموجب قواعد آي.أس.أس.بي، ستحتاج الشركات إلى الكشف عن انبعاثات المواد، مع إجراء فحوصات من قبل مدققين خارجيين.
ويضع الاتحاد الأوروبي اللمسات الأخيرة على قواعد الإفصاح الخاصة به الشهر المقبل، وقد سعى هو وآي.أس.أس.بي لجعل معايير كل منهما “قابلة للتشغيل البيني” لتجنب الازدواجية بالنسبة إلى الشركات العالمية.
ويطلب آي.أس.أس.بي إفصاحات أكثر تفصيلاً من البنوك بشأن انبعاثات الكربون المتعلقة بالقطاعات الفردية مثل النفط والغاز.
وقال فابر “نحن نحافظ على ذلك لأن البنوك والرقابة المصرفية كانا واضحين حقًا، إنهما ضروريان”.