قواعد أميركية للتحكم في سوق رقائق الذكاء الاصطناعي

استثناء الصادرات إلى 18 دولة تشمل اليابان وبريطانيا وهولندا مع إقصاء الصين وتحديد حصص لنحو 120 بلدا.
الثلاثاء 2025/01/14
أجزاء صغيرة مدخل لاختراق المستقبل

تتجه الولايات المتحدة إلى فرض قيود إضافية على صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، ما سيؤدي إلى تقسيم العالم للحفاظ على قوة الحوسبة المتقدمة بينها وحلفائها مع توفير طرق أخرى لمنع وصول المنافسين إلى الإمدادات، بما يتيح لها الهيمنة على هذه السوق.

واشنطن - تضع الخطوة الأميركية الجديدة المتعلقة بإحكام القبضة على تدفقات رقائق الذكاء الاصطناعي في الأسواق العالمية، حدا أقصى لعدد أشباه الموصلات، التي يمكن تصديرها إلى معظم البلدان، ما يغذي المعركة القائمة في مجال التكنولوجيا المتقدمة.

وتسمح القيود المرتقبة بالوصول غير المحدود إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لأقرب حلفاء واشنطن، مع الحفاظ أيضًا على حظر الصادرات إلى الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية.

وتتجاوز القواعد الجديدة المطولة التي تم الكشف عنها في الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن الصين، وتهدف إلى مساعدة الولايات المتحدة في الحفاظ على مكانتها المهيمنة في الذكاء الاصطناعي من خلال السيطرة عليه في جميع أنحاء العالم.

وتحولت أشباه الموصلات إلى عنصر جوهري للاقتصاد الرقمي، ما فتح باب التنافس بين القوى العظمى للتحكم في إمدادات الرقائق، ذلك أن تزايد قدراتها يدعم تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يَعد بتغيير معالم العديد من القطاعات.

جينا رايموندو: الولايات المتحدة تقود هذا المجال وعلينا الحفاظ على ذلك
جينا رايموندو: الولايات المتحدة تقود هذا المجال وعلينا الحفاظ على ذلك

واتضح الدور الحيوي للرقائق عندما أدى وباء كورونا إلى اضطراب إنتاج الرقائق في آسيا لتعم الفوضى سلاسل توريد التكنولوجيا.

ولتفادي مثل هذه المشكلة فرضت واشنطن على مدار أشهر حزمة من القيود الهادفة إلى عرقلة طموحات الصين في القطاع وضمان هيمنتها على الريادة في ذلك المجال الحيوي.

ويرجح المحللون أن يستمر التركيز على الرقائق في عهد إدارة الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب، والتي تسعى إلى دعم القدرات والتصنيع في الولايات المتحدة.

وتمثل الرقائق العنصر اللازم لمعالجة واستيعاب الكميات الهائلة من البيانات التي باتت تنافس النفط على مكانة شريان حياة الاقتصاد.

وتتوقع شركة أبحاث السوق موردور إنتليجنس أن تنمو هذه الصناعة من 720 مليار دولار العام الماضي إلى 1.21 تريليون دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي قدره 10.86 في المئة.

ومعظم تكنولوجيا أشباه الموصلات الرائدة في الولايات المتحدة، ومع ذلك تهيمن تايوان وكوريا الجنوبية على تصنيع الرقائق حالياً، وعلى الجانب الآخر تعد الصين أكبر سوق في العالم لهذه المكونات الإلكترونية.

وقالت وزيرة التجارة الأميركية جينا رايموندو إن “الولايات المتحدة تقود الذكاء الاصطناعي الآن، كل من تطوير الذكاء الاصطناعي وتصميم الرقائق، ومن الأهمية بمكان أن نحافظ على ذلك.”

وتضع القواعد حدا لجهود إدارة بايدن التي استمرت 4 سنوات لتقييد وصول الصين إلى الرقائق المتقدمة، التي يمكن أن تعزز قدراتها العسكرية والسعي إلى الحفاظ على زعامة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي.

التكنولوجيا المتاحة بالفعل في أجهزة الكمبيوتر للألعاب وأجهزة المستهلك سيتم تقييدها
التكنولوجيا المتاحة بالفعل في أجهزة الكمبيوتر للألعاب وأجهزة المستهلك سيتم تقييدها

وسيتم سد الثغرات وإضافة حواجز حراسة جديدة للسيطرة على تدفق الرقائق والتطوير العالمي للذكاء الاصطناعي.

وفي حين أنه من غير الواضح كيف ستنفذ إدارة ترامب القواعد الجديدة، فإن الإدارتين تشتركان في وجهات نظر متشابهة بشأن التهديد التنافسي من الصين. ومن المقرر أن تدخل اللائحة حيز التنفيذ بعد 120 يوما من النشر، وهو ما يمنح إدارة ترامب الوقت الكافي للتدخل.

وسيتم وضع حدود جديدة على وحدات معالجة الرسومات المتقدمة (جي.بي.يو.أس)، والتي تُستخدم لتشغيل مراكز البيانات اللازمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.

ويتم تصنيع معظم هذه المعالجات بواسطة شركة إنفيديا ومقرها سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا، بينما تبيع شركة أدفنسيد ميكرو ديفايسيز أيضًا رقائق الذكاء الاصطناعي.

وستتمكن شركات تقديم الخدمات السحابية الكبرى، مثل مايكروسوفت وغوغل وأمازون، من الحصول على تراخيص عالمية لبناء مراكز البيانات، وهو جزء قوي من القواعد الجديدة التي ستعفي مشاريعها من حصص الدولة على رقائق الذكاء الاصطناعي.

وللحصول على ختم الموافقة يجب على الشركات المصرح لها الالتزام بشروط وقيود صارمة، بما في ذلك متطلبات الأمن، ومتطلبات الإبلاغ وخطة أو سجل حافل باحترام حقوق الإنسان.

وحتى الآن، فرضت إدارة بايدن قيودا شاملة على وصول الصين إلى الرقائق المتقدمة والمعدات لإنتاجها، وتحديث الضوابط سنويًا لتشديد القيود واحتجاز البلدان المعرضة لخطر تحويل التكنولوجيا إلى الصين.

ولأن القواعد تغير المشهد لرقائق الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات في جميع أنحاء العالم، فقد انتقدت أصوات صناعية قوية الخطة حتى قبل نشرها.

1.21

تريليون دولار حجم هذه الصناعة بحلول العام 2029، بحسب تقديرات شركة مورد إنتليجنس

ووصفت إنفيديا الاثنين القاعدة بأنها “تجاوز شامل”. وقالت إن البيت الأبيض سيفرض قيودا صارمة على “التكنولوجيا المتاحة بالفعل في أجهزة الكمبيوتر للألعاب وأجهزة المستهلك.”

وزعم مزود مركز البيانات أوراكل في وقت سابق من هذا الشهر أن القواعد ستسلم “معظم سوق الذكاء الاصطناعي ووحدات معالجة الرسومات العالمية لمنافسينا الصينيين.”

وتفرض القواعد متطلبات ترخيص عالمية على بعض الرقائق، مع استثناءات، كما تضع ضوابط لما يُعرف بـ”أوزان النماذج” لأكثر نماذج الذكاء الاصطناعي “ذات الوزن المغلق” تقدما.

وتساعد أوزان النماذج في تحديد عملية اتخاذ القرار في التعلم الآلي، وهي عمومًا العناصر الأكثر قيمة في نموذج الذكاء الاصطناعي.

ويقسم التنظيم العالم إلى ثلاث طبقات، فحوالي 18 دولة، بما في ذلك اليابان وبريطانيا وكوريا الجنوبية وهولندا، ستكون معفاة بشكل أساسي من القواعد.

وستواجه حوالي 120 دولة أخرى، بما في ذلك سنغافورة والسعودية والإمارات وإسرائيل، قيودًا على البلدان. وستُمنع الدول الخاضعة لحظر الأسلحة مثل روسيا والصين وإيران من تلقي التكنولوجيا تماما.

وبالإضافة إلى ذلك سيُسمح لمقدمي الخدمات الأميركيين، والذين من المرجح أن يحصلوا على تراخيص عالمية مثل أي.دبليو.أس ومايكروسوفت، بنشر 50 في المئة فقط من إجمالي قوة الحوسبة الخاصة بالذكاء الاصطناعي خارج الولايات المتحدة.

ولن يكون بمقدور هذه الشركات نشر أكثر من 25 في المئة خارج دول المستوى الأول، وليس أكثر من 7 في المئة في دولة واحدة غير المستوى الأول.

والذكاء الاصطناعي لديه القدرة على زيادة الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم والغذاء، من بين فوائد أخرى، ولكن يمكن أن يساعد أيضًا في تطوير الأسلحة البيولوجية وغيرها، ودعم الهجمات الإلكترونية والمساعدة في المراقبة وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان “يتعين على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة لزيادات سريعة في قدرات الذكاء الاصطناعي في السنوات القادمة، وهو ما قد يكون له تأثير تحويلي على الاقتصاد وعلى أمننا القومي.”

11