قوات الدعم السريع توسع نطاق سيطرتها في دارفور

قوات تنشق عن البرهان وتنضم إلى حميدتي تلبية لنداء القبائل.
الخميس 2023/07/20
الجيش يتكبد خسائر مادية فادحة

لا يزال الاقتتال الضاري في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع يتسع شيئا فشيئا من دون أفق قريب لوقف الحرب. ويرى مراقبون أن التعويل على الحسم العسكري مستبعد في ظل توازن الردع وأن المفاوضات وحدها كفيلة بحل الأزمة.

الخرطوم - يعكس توسيع قوات الدعم السريع لسيطرتها في إقليم دارفور وانتشارها الكثيف في العاصمة الخرطوم أن الحل العسكري الذي يتمسك به قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان لحل الأزمة ووقف الاقتتال غير مرجح، وأن الجلوس إلى طاولة المفاوضات هو السيناريو الأبرز لتفادي اتساع دائرة الاقتتال وتدخل أطراف خارجية فيه.

ويشير مراقبون إلى أن القتال المندلع حاليا في مدن الخرطوم الثلاث بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضي لم يفرز أي منتصر، في ظل تداخل مناطق السيطرة والنفوذ مكانيا وحتى زمانيا، بل جوا وأرضا، في بقعة صغيرة يكتظ فيها عشرات الآلاف من المقاتلين المدججين بالسلاح.

واندلع قتال عنيف على مدى الأيام الماضية في مدينة كاس بولاية جنوب دارفور بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، حيث تمكنت قوات الدعم من فرض سيطرتها على المنطقة.

وتمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة على حامية عسكرية للقوات المسلحة السودانية في كاس، مستخدمة الأسلحة الثقيلة في هجومها، مما أدى إلى سقوط قتلى من الجانبين.

وقالت نقابة المحامين في دارفور إنه تم الإبلاغ عن وفيات وإصابات في عدة أحياء بجميع أنحاء المدينة، لاسيما في حي الوحدة.

وفي الضعين عاصمة شرق دارفور أفادت تقارير بأن عددا من أفراد الجيش السوداني قد انشقوا عن البرهان وانضموا إلى الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) تلبية لنداء زعماء القبائل.

السيطرة على مصفاة الجيلي ومصنع اليرموك العسكري تمنح قوات الدعم السريع قدرة على مواصلة القتال دون أن تُستنزف

وقالت قوات الدعم السريع في بيان على تويتر إنها “حققت انتصارًا كبيرًا” وسيطرت “بشكل كامل على اللواء 61 للقوات المسلحة السودانية في مدينة كاس بجنوب دارفور”.

وأضاف البيان أن “قوات الدعم السريع استولت على 13 مركبة قتالية و70 مدفعًا وأسرت العقيد قائد اللواء و30 من أفراد القوات المسلحة السودانية”.

وفي بيان منفصل قالت قوات الدعم إنها “ترحب بـ51 من الضباط وضباط الصف من فرقة نيالا السادسة عشرة التابعة للقوات المسلحة السودانية في جنوب دارفور الذين انضموا إلى صفوفنا الآن”. وأضاف البيان أن الضباط “انضموا إلى قواتنا مع كامل أسلحتهم وعتادهم العسكري”.

وتنتشر قوات الدعم السريع في مساحات شاسعة خاصة في الخرطوم ودارفور وكردفان، إلا أنها لا تعاني من نقص في المؤن والوقود والذخائر.

ويعود ذلك إلى سيطرتها على مصفاة الجيلي للنفط في الخرطوم، وكذلك على مصنع اليرموك للتصنيع العسكري وعدة معسكرات للجيش، ما يمنحها قدرة على مواصلة القتال إلى أمد أطول دون أن تُستنزف.

ويتلقى قائد قوات الدعم السريع دعما هاما من زعماء قبائل في دارفور، إذ دعا زعماء أكبر سبع قبائل عربية في الإقليم أفراد قبائلهم للانضمام إلى قوات الدعم السريع والانسحاب من الجيش.

الحديث تصاعد في بعض الدوائر المعنية بالصراع الحالي في السودان حول ضرورة التدخل الدولي

ومن شأن هذا الوضع تعزيز الإمدادات البشرية لقوات الدعم السريع وتعويض ما خسرته من مقاتلين خلال المعارك.

ويتجه التركيز نحو السيطرة على ولايات دارفور الخمس التي تتصاعد فيها المعارك، بينما يسعى الجيش لحشد معظم قواته في الخرطوم باعتبارها ساحة معركته الرئيسية دون أن يسحب قواته من دارفور وكردفان.

وفشلت جهود السلام التي جرت في جدة السعودية بوساطة المملكة والولايات المتحدة في التوصل إلى أي اتفاق مهم، وتم تجاهل وقف إطلاق النار المتكرر إلى حد كبير.

وتصاعد الحديث في بعض الدوائر المعنية بالصراع الحالي في السودان حول ضرورة التدخل الدولي على أمل أن يتكفل بردع الجيش وقوات الدعم السريع وحضّهما على وقف الحرب بعد أن دخلت شهرها الثالث، وأخفقت مبادرات متعددة في التوصل إلى تهدئة تمهد لوقف دائم لإطلاق النار.

وكرر نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الانتقالي مالك عقار خلال زيارته إلى موسكو مؤخرا رفض التدخل الدولي، بما يوحي بالخطر على فريقه وبأن النصر قريب، قائلا “إن أيّ مبادرة لنشر قوات في السودان نعتبرها مبادرة احتلالية”.

ولم تعلن قوات الدعم السريع صراحة موقفها من طرح الفكرة أو دراستها، لكنها تبدي مرونة ظاهرة في ما يتعلق بالرغبة العامة في التهدئة والتجاوب مع المبادرات الإقليمية والدولية الهادفة إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى العملية السياسية.

ويتسم تعامل المجتمع الدولي مع الحرب في السودان بقدر كبير من الارتباك والتناقض وعدم الاستعداد للتدخل مباشرة وتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية، وهو ما سمح للطرفين المتصارعين بزيادة وتيرة المعارك أملا في كسبها أو تثبيت أمر واقع يعمل لصالح أحدهما.

2