قوات الدعم السريع تنأى بنفسها عن مقتل والي غرب دارفور

الخرطوم- عكس قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) الهجوم على الجيش متهما إياه بأنه حليف لمجموعة فاغنر الروسية، يأتي هذا في وقت نأت فيه قوات الدعم السريع بنفسها عن مقتل والي غرب دارفور خميس أبكر.
وقال حميدتي، في حوار مع وكالة نوفا الإيطالية الخميس، إن قواته لا ترتبط بأي علاقات مع مجموعة فاغنر، نافيا ما يتردد عن إمدادات عسكرية خارجية واعتبر ذلك “شائعات لا أساس لها”.
ويقول مراقبون إن الجيش، بقيادة عبدالفتاح البرهان، بعد أن فشل في تحقيق مكاسب ميدانية حاسمة ضد قوات الدعم السريع انتقل إلى حملة إعلامية مركزة لتضليل الرأي العام المحلي والخارجي والسعي لربط هذه القوات بمجموعة فاغنر، أو اعتبار أنها وراء مقتل والي غرب دارفور ليؤلب عليها الرأي العام المحلي.
واتهمت قوات الدعم السريع في بيان لها الجيش بنقل الصراع الدائر في الخرطوم إلى إقليم دارفور وإخراجه من نطاقه السياسي إلى القبلي، في محاولة لاستثارة العصبية القبلية والعرقية بهدف تأجيج النزاع.
ومن الواضح أن الجيش سعى لخلط الأوراق في منطقة دارفور التي تعتبر داعما قبليا لقوات الدعم السريع، وذلك باتهامها بخطف خميس أبكر وقتله.
ويتزامن هذا التصعيد مع تحذيرات متزايدة من تدهور الأوضاع في إقليم دارفور الذي عانى على مدى عقدين من نزاع دام، خصوصا في الجنينة، مركز غرب دارفور وإحدى الولايات الأربع للإقليم الواقع في غرب السودان عند الحدود مع تشاد.
وردت قوات الدعم ببيان مطوّل الخميس أدانت فيه “بأشد العبارات” مقتل أبكر “على أيدي متفلتين… وذلك على خلفية الصراع القبلي المحتدم في الولاية”.
وقالت إن مجموعة من “أحد المكونات القبلية” داهمت مقر أبكر، ما دفع الأخير إلى طلب “الحماية من قوات الدعم السريع” التي قامت “بتخليصه… وإحضاره إلى مقر حكومي”. إلا أن “المتفلتين داهموا المكان بأعداد كبيرة” واشتبكوا مع عناصر قوات الدعم “مما أدى إلى خروج الأوضاع عن السيطرة”.
ودعت إلى “تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتقصي حول الأحداث التي وقعت في الولاية وأدت إلى مقتل الوالي والمئات من المواطنين”.
وسبق لقوات الدعم أن حذّرت، منذ اندلاع الصراع المسلح الذي اتهمت فلول النظام السابق وجناح إخواني في الجيش بتفجيره في منتصف أبريل الماضي، من وجود دفع داخل القوات المسلحة لإقحام القبائل والحركات المتمردة في الصراع، وهو ما حدث لاحقا باندلاع مواجهات في الإقليم.
وتسبب ذلك في أزمة إنسانية خطيرة كما نسف الجهود التي بذلتها قيادة قوات الدعم السريع لتوطيد الأمن والاستقرار في دارفور ودعم جهود المصالحات.
ووصفت في بيانها الأعمال القتالية في الجنينة بأنها صراع قبلي، متّهمة الجيش السوداني بتأجيج نار النزاعات، وأكدت أنها تبذل جهودا لإدخال المساعدات إلى المدينة.
ويضمّ إقليم دارفور نحو ربع سكان البلاد البالغ عددهم 45 مليون نسمة تقريبا. وخلال العقدين الماضيين تسبب النزاع فيه بمقتل 300 ألف شخص ونزوح 2.5 مليون آخرين، بحسب الأمم المتحدة.
وكان أبكر زعيم إحدى حركات التمرّد الموقعة على اتفاق جوبا للسلام مع الحكومة عام 2020، سعيا لإنهاء النزاع.
وشجبت هيئة محامي دارفور قتل أبكر “بهذه الدرجة الممعنة في الوحشية والقسوة”.
وسبق مقتل أبكر تحذير رئيس بعثة الأمم المتحدة فولكر بيرتس الثلاثاء من أن العنف في دارفور، وخصوصا في الجنينة، قد يرقى إلى “جرائم ضد الإنسانية”.
وفي بيانها الخميس دعت البعثة إلى “الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية من أجل تهدئة الوضع، والتصدي للعنف العرقي المتزايد، والسماح بالحصول على المعونة الإنسانية، ومنع المزيد من التدهور الذي قد يؤدي إلى صراع واسع النطاق”.
وحوّل النزاع، الذي تستخدم فيه كلّ أنواع الأسلحة والمعدات العسكرية، العديد من أجزاء السودان إلى مناطق “منكوبة”، ولم يترك لسكانه ما يشي في الأفق بقرب انتهاء الحرب.
وفشلت جهود تقودها السعودية والولايات المتحدة، وشملت مباحثات في مدينة جدة، في التوصل إلى حلّ لهذه الأزمة. وأبرم الطرفان في جدة أكثر من اتفاق لوقف إطلاق النار، وبقيت غالبية هذه الاتفاقات دون تطبيق على أرض الواقع.
وتقود الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) مبادرة. وأعلنت هذا الأسبوع رفع عدد الدول المكلّفة بها، بضمّ إثيوبيا إلى لجنة كانت تقتصر على كينيا والصومال وجنوب السودان، على أن تكون كينيا رئيسة لها بدل جنوب السودان.
وأعلنت وزارة الخارجية السودانية الخميس “رفضها لرئاسة كينيا للجنة إيغاد الخاصة بمعالجة الأزمة”.
وشددت على أن كينيا “ليست مؤهلة لرئاسة اللجنة”، مؤكدة أن هذا الأمر “لم يطرح للنقاش” خلال القمة التي استضافتها جيبوتي هذا الأسبوع.
وكان الرئيس الكيني وليام روتو كشف أن الأطراف الأفريقية ستسعى إلى عقد لقاء بين البرهان وحميدتي، وهو ما قابله مسؤول حكومي سوداني بتأكيد أن قائد الجيش لن يجلس مع خصمه.