قوات الدعم السريع تدحض التضليل الإعلامي للجيش بشأن اقتحام السفارات

الأمم المتحدة تراجع خطتها الإنسانية وتعلن أن احتياجات السودان تقدر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار متوقعة بأن يتجاوز عدد الفارين من الحرب المليون هذا العام.
الأربعاء 2023/05/17
مكاسب الأرض تقوي سقف شروط الدعم السريع

الخرطوم – دحضت قوات الدعم السريع بقيادة الفريق الأول محمد حمدان دقلو ادعاءات الجيش السوداني بشأن تعرض سفارة الأردن أو مقر إقامة السفير السعودي لاعتداءات، وذلك في خضم احتدام المعركة الإعلامية الموازية للقتال على الأرض التي حققت فيها الدعم السريع مكاسب ميدانية ما يجعلها في موقع قوة خلال المفاوضات الجارية في مدينة جدة بالسعودية.

وقالت قوات الدعم السريع، في بيان مساء الثلاثاء إنها "تأكدت، خلال جولة ميدانية، من عدم صحة المعلومات بشأن تعرض سفارة الأردن ومقر إقامة السفير السعودي لأي اعتداءات من أي جهة"، مشيرة أن "هناك مقاطع فيديو موثقة دحضت إدعاءات وتضليل الفلول".

وأضافت أن "قوات الدعم السريع عملت طيلة فترة الحرب على تأمين البعثات الدبلوماسية ومقراتها إلى جانب القيام بعمليات إجلاء الرعايا الأجانب"، مستنكرة "تصرف فلول النظام البائد وتنكرها بزي قوات الدعم السريع في محاولة رخيصة لإلصاق التهمة بقواتها من أجل الوقيعة مع الجماهير".

ويرى مراقبون أن محاولات الجيش السوداني توريط قوات الدعم السريع في مثل الاعتداءات تدخل في إطار الحرب الإعلامية لأنه عجز عن تحقيق أي مكاسب ميدانية لذلك ظل مستمرا بالقصف الجوي، الذي خلف ضحايا من المدنيين أكثر من استهداف الخصوم.

ويشير هؤلاء إلى أن نزوع الجيش إلى هذا التضليل الإعلامي لن يكسبه مزيدا من التأييد سواء داخليا أو خارجيا، فجميع الدول تتعاطى مع الطرفين على قدم المساواة دون تمييز، وهو ما يزعج قائد الجيش الفريق الأول عبدالفتاح البرهان الذي كان يعتقد أن توليه رئاسة مجلس السيادة الانتقالي سيكون كافيا ليلقى حظوة أكثر من خصمه.

وكانت وزارة الخارجية الأردنية أعلنت في بيان الاثنين أن مبنى السفارة الأردنية تعرض "للاقتحام والتخريب"، في حادث يعتبر الثاني من نوعه بعد تعرض سفارة السعودية في الفترة القليلة الماضية لاعتداء مشابه.

ومساء الإثنين أعلنت الخارجية الكويتية، تعرض مقر سكني تابع لسفارتها في الخرطوم للاقتحام والتخريب دون توجيه اتهام لأي طرف.

وفرضت قوات الدعم السريع السيطرة على الأرض بنسبة أكبر من الجيش، وأقامت نقاط ارتكازها في كثير من الشوارع والكباري ومداخل الخرطوم، واستولت على مناطق استراتيجية ومهمة (كما أقر بذلك قادة في الجيش أنفسهم)، مثل السيطرة الجزئية على مطار الخرطوم، وأخرى على مقر قيادة الجيش والقصر الرئاسي بوسط الخرطوم، ومقر الهيئة الحكومية للإذاعة والتلفزيون، عدا عن السيطرة على مصفاة الجيلي شمال الخرطوم، ومركز التحكم في الإمداد الكهربائي جنوب الخرطوم، وأخيرا على مناطق عسكرية تتبع الجيش في الجيلي وقيادة الدفاع الجوي، وجميع المواقع العسكرية في منطقة شارع (61) في الخرطوم.

في مقابل هذا تجنب الجيش الدخول في مواجهات برية مع الدعم السريع، معتمدا على سلاح الطيران ليحدث أكبر الخسائر في صفوف المدنيين حيث قُتل حوالي ألف شخص معظمهم في الخرطوم ومحيطها وفي ولاية غرب دارفور، بحسب مصادر طبية.

وتسهم المكاسب النوعية التي حققتها قوات الدعم السريع في رفع سقف شروطه خلال المفاوضات الجارية بمدنية جدة، في المقابل لا يمتلك الجيش من خيارات سوى تكثيف القصف الجوي على مناطق المدنيين وهو ما يجعل موقفه ضعيفا.

واستأنفت الاثنين جولة جديدة من المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة جدة السعودية لبحث سبل التوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار، حيث أكدت المملكة الثلاثاء مواصلة جهودها حتى يعود الأمن والاستقرار إلى السودان.

وقال وزير الإعلام السعودي سلمان بن يوسف الدوسري في بيان عقب الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز الثلاثاء إن "المجلس تناول آخر التطورات السياسية في المنطقة والعالم ولاسيما مستجدات مبادرة حل الأزمة بالسودان في ضوء ما تم التوصل إليه خلال المحادثات التمهيدية بين ممثلي القوات المسلحة والدعم السريع من الاتفاق على الالتزام بحماية المدنيين".

وجدد التأكيد على "مواصلة المملكة جهودها حتى يعود الأمن والاستقرار إلى هذا البلد وشعبه الشقيق".

وأوضح أن مجلس الوزراء تطرق إلى "ما توليه المملكة من الاهتمام بتطوير العلاقات مع مختلف دول العالم ودفعها إلى آفاق أرحب من خلال تبادل الزيارات واللقاءات، وكذا مد الجسور مع المنظمات متعددة الأطراف بما يزيد من فعالية العمل الجماعي والتنسيق تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك".

تجددت، الأربعاء، الاشتباكات العنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، شمالي وغربي العاصمة الخرطوم.

وأفاد  شهود عيان، أن الاشتباكات تجددت صباح الأربعاء في مدينتي بحري (شمالي الخرطوم) وأم درمان (غربيها) بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، مع استمرار تحليق الطيران الحربي لقصف تجمعات "الدعم السريع".

ودخلت اشتباكات السودان شهرها الثاني في ظل معاناة إنسانية يفاقمها نقص الوقود والخبز والكهرباء وشح المياه، واستمرار حالة النزوح من مناطق القتال

ومن جانبها، توقعت الأمم المتحدة، الأربعاء، في مراجعة لخطتها من أجل البلاد، أن "يبلغ عدد الفارين من السودان إلى مليون لاجئ هذا العام".

وقال مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف راميش راجاسينغهام للصحافيين "يحتاج اليوم 25 مليون شخص أي أكثر من نصف سكان السودان إلى مساعدات إنسانية وللحماية".

وأفادت الأمم المتحدة بأنها تتوقع أن تحتاج إلى 2.6 مليار دولار لتقديم مساعدات داخل الأراضي السودانية مقابل 1.75 مليار دولار وفق تقديرات ديسمبر.

وستسمح هذه الأموال لهيئات الإغاثة بالوصول إلى 18 مليون شخص يعدّون الأكثر عرضة للخطر داخل البلاد، بحسب راجاسينغهام.

وأشارت الوكالة الأممية في الوقت ذاته إلى حاجتها إلى مبلغ 470.4 مليون دولار إضافية لمساعدة الأشخاص الذين فروا من البلاد، مضيفة بأنها تستعد حاليا لتأمين احتياجات ما يصل إلى 1.1 مليون شخص يتوقع أن فروا من السودان خلال العام الجاري وحده.

قبل أسبوعين فقط، ذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنها ستحتاج إلى 445 مليون دولار حتى أكتوبر لسد احتياجات ما يصل إلى 860 ألف شخص قد يفرّون من البلاد.

وقال مساعد المفوض السامي لشؤون العمليات رؤوف مازو للصحافيين "حتى الآن، أدت الأزمة التي بدأت قبل شهر فحسب إلى تدفق هائل إلى بلدان مجاورة لحوالي 220 ألف لاجئ وعائد يبحثون عن السلامة في تشاد وجنوب السودان ومصر وجمهورية أفريقيا الوسطى وإثيوبيا".

إضافة إلى ذلك، نزح أكثر من 700 ألف شخص داخل السودان نتيجة القتال.

وقال مازو "ما زال عدد لا حصى من الأشخاص عالقين ويشعرون بالذعر داخل السودان، هم ضحايا أبرياء لهذا القتال العشوائي".

في الوقت ذاته، "أصيب بالإحباط أولئك الذين هربوا عبر حدود البلاد العديدة إذ تركوا في كثير من الأحيان أو خسروا أحباء ووجدوا أنفسهم في أماكن يعد الوصول إليها صعبا للغاية وحيث الموارد ضئيلة جدا".