قوات الدعم السريع تتعهد بإيصال المساعدات لإنهاء المجاعة السودانية

جنيف - أعلنت الدول الراعية للمحادثات في سويسرا السبت أن قوات الدعم السريع في السودان وافقت على التعاون في إيصال المساعدات الإنسانية، بعد قرار الجيش السوداني فتح معبر رئيسي مع تشاد، الواقع تحت سيطرة الدعم السريع التي وصفت القرار بـ"عطاء من لا يملك".
واندلعت المعارك في السودان منتصف أبريل 2023 بين الجيش بقيادة الفريق الأول عبدالفتاح البرهان، وهو أيضا رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق الفريق الأول محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.
وأوقع النزاع عشرات آلاف القتلى وأدى إلى أزمة إنسانية كبرى، وفق الأمم المتحدة، وأجبرت المعارك 20 بالمئة من السكان على النزوح.
وتدير الولايات المتحدة محادثات لوقف إطلاق النار وإيصال مساعدات، انطلقت الأربعاء في موقع لم يعلن عنه، بالتعاون مع السعودية وسويسرا وبمشاركة الاتحاد الإفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة.
وفي حين قبلت قوات الدعم السريع الدعوة للمشاركة في المحادثات، تتغيّب سلطات السودان، بقيادة البرهان، بعدما أبدت تحفّظها على آليتها وعبرت عن اختلافها مع الولايات المتحدة في شأن المشاركين.
وفي بيان مشترك رحّبت الدول الخمس مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بقرار فتح معبر أدري الحدودي من تشاد إلى شمال دارفور للأشهر الثلاثة المقبلة.
وأضاف البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الإماراتية "نرحب بالتزام قوات الدعم السريع بالتعاون مع عمليات نقل المساعدات، ولا سيما من خلال طريق الدبة الحيوي إلى دارفور وكردفان، وبحماية العاملين في المجال الإنساني في عملهم".
وتابع البيان "ستمكن هذه القرارات البناءة من كلا الطرفين دخول المساعدات اللازمة لوقف المجاعة، ومعالجة انعدام الأمن الغذائي، والاستجابة للاحتياجات الإنسانية الهائلة في دارفور وخارجها".
إلى ذلك شدّد البيان على أنه "يتعين على الأطراف التواصل الفوري والتنسيق مع الشركاء في المجال الإنساني لتفعيل هذه الممرات بكفاءة للوصول المستدام للمساعدات بدون عوائق".
ولفت موقّعو البيان إلى أنه "على المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية اغتنام هذه الفرصة لنقل المساعدات، وإنقاذ الأرواح، وخصوصا للفئات الأكثر ضعفا".
ويواجه نحو 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف عدد سكان السودان، "انعدام الأمن الغذائي الحاد"، وفق ما أفاد تقرير مدعوم من الأمم المتحدة في يونيو.
وأعلنت الأمم المتحدة تفشي المجاعة في مخيم زمزم للنازحين، القريب من مدينة الفاشر المحاصرة في دارفور.
وكان إغلاق معبر أدري قد أثار قلق منظمات الإغاثة التي تواجه صعوبات في إيصال الأغذية والإمدادات إلى منطقة دارفور في السودان.
وأثار قرار البرهان، بفتح معبر أدري الحدودي أمام المساعدات الإنسانية، جدلا في السودان، إذ ردت قائلة إن قرار البرهان هو محاولة لتحقيق أجندة سياسية والتغطية على رفضه الذهاب إلى محادثات جنيف.
ويقع معبر أدري على الحدود الغربية للسودان مع الجارة تشاد، وهو من ضمن المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، منذ بداية الحرب، في وقت ظل الجيش السوداني يعارض فتح المعبر، ويصر على إدخال المساعدات عبر معبر "الطينة" الواقع تحت سيطرته في شمال دارفور.
ورغم معارضة الجيش السوداني فتح معبر أدري أمام المساعدات الإنسانية، بيد أن العديد من الشاحنات التابعة لوكالات الأمم المتحدة كانت قد دخلت إلى إقليم دارفور عبره، تحت إشراف قوات الدعم السريع، كما دخل من المعبر عدد من كبار موظفي الأمم المتحدة، بينهم نائب منسق الشؤون الإنسانية، طوبي هاروود.
وكان هاروود وصل إلى وسط دارفور في منتصف يوليو الماضي، عبر معبر أدري على رأس وفد أممي رفيع بغرض دراسة الأوضاع الميدانية لتأسيس مركز مساعدات إنسانية لمتابعة أوضاع النازحين في منطقة جبل مرة خاصة وإقليم دارفور عامة.
ووصف المستشار بقوات الدعم السريع، الباشا طبيق، قرار البرهان بفتح معبر أدري بأنه "عطاء من لا يملك، لأن المعبر تحت سيطرة الدعم السريع وهذه مناورة سياسية ليس إلا".
وأضاف عبر منصة إكس أن "حديث البرهان عن معبر أدري مقرونًا بتصريحاته بخصوص تشكيل حكومة في بورتسودان، هو قفز على الزانة وتنفيذ لمخطط الكيزان الهادف إلى تقسيم السودان، وهذه البالونات محاولة هروب إلى الأمام لشغل الرأي العام المحلي والدولي لتخفيف الضغط الشعبي والإقليمي والدولي على قيادة الجيش بعد رفض البرهان الذهاب إلى مفاوضات جنيف".
واعتبرت قوات الدعم السريع، قرار قائد الجيش السوداني محاولة لاستغلال معبر أدري لتحقيق أجندة سياسية والتغطية على رفضه دعوة الولايات المتحدة للتفاوض في جنيف.
وأكدت قوات الدعم السريع "في بيان على منصة "إكس"، أن معبر أدري الحدودي يقع بالكامل تحت سيطرتها، وأن دخول المساعدات الإنسانية عبره لا يخضع لموافقة أو رفض البرهان.
وقالت، إن وصول وفدها المفاوض إلى جنيف جاء بناءً على التزامها الأخلاقي تجاه الشعب السوداني، وليس لتحقيق أي مكاسب سياسية.
وأوضحت "نرحب بكل الجهود الدولية لإيصال الإغاثة إلى السودانيين جميعهم بما في ذلك معبر (أدري) الذي يخضع لسيطرة قواتنا بالكامل منذ اليوم الأول للحرب، وذلك بالتنسيق مع الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية".
وأضافت "بالتالي، فإن دخول المساعدات الإنسانية عبره لا يخضع لموافقة أو رفض البرهان وعصابته التي مارست أبشع الجرائم في حق الشعوب السودانية، وعاقبتهم سياسيًا باستخدام سلاح التجويع، وأن إصداره أي قرار بشأن معبر لا يسيطر عليه لن يغير من الواقع شيئًا".
وتضغط واشنطن لجلب البرهان لطاولة المفاوضات في جنيف، حيث بادر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للاتصال بالبرهان هاتفيا وحضه على الانضمام.
وانتقدت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية، السبت، موقف الجيش السوداني الرافض للمشاركة في محادثات جنيف، قائلة إنه يتسبب بشكل مباشر في إطالة أمد الحرب واتساع نطاقها.
وقالت "تقدم" في بيان، إن الجيش السوداني اتخذ موقف صمِّ الآذان عن الاستجابة لأصوات معاناة ملايين السودانيين ممن دمرت الحرب حياتهم، واستمع عوضاً عن ذلك لمواقف دعاة الحرب من فلول النظام السابق ممن يريدون إعادة عجلة الساعة لما قبل ثورة ديسمبر المجيدة، واستمرار التمكين، ونهب موارد البلاد عبر منظومة الفساد المؤسسي".
وأضافت أن "الجيش استمع لبعض الحركات المسلحة التي تتكسب من هذه الحرب، غير مبالية بآثارها المدمرة على البلاد وأهلها".
وأوضحت أنه "مرت أربعة أيام على انطلاق مباحثات سويسرا، التي دعت لها الولايات المتحدة الأمريكية، وما زال الجيش السوداني يرفض الحضور للتفاوض حول سبل وقف الحرب في السودان".
وأكدت "تقدم" أنه "في الوقت الذي وصلت فيه وفود الوساطة والمراقبين، ووفد قوات الدعم السريع، وهو أمر إيجابي؛ لأنه رفع الآمال حول إمكانية حدوث اختراق حقيقي في هذه الجولة، إلا أن هذه الفرصة في طريقها للضياع؛ بسبب تمسك الجيش بموقف عدم المشاركة".
واعتبرت عدم مشاركة الجيش بأنه "موقف يتسبب بشكل مباشر في إطالة أمد معاناة اهل السودان ويضاعفها بلا شك".
وأكدت "تقدم" أن موقف الجيش السوداني الرافض للجلوس لتفاوضٍ يفضي لوقف شامل للعدائيات وحماية المدنيين وتوصيل المساعدات، مع إقرار آليات مراقبة ملزمة وفعالة، سيؤدي لاستمرار دائرة العنف في البلاد واتساعها".
وتابعت "كما سيزيد من أعداد اللاجئين والنازحين ويطيل من أمد معاناتهم، وسيدخل نصف سكان السودان في دائرة المجاعة التي حذرت منها المنظمات الإنسانية المحلية والدولية".
ويمثل السودان الآن الكارثة الإنسانية الأكبر عالميًّا، وفقًا لأعداد اللاجئين والنازحين ومؤشرات المجاعة المعتمدة دوليًّا.
وبإضاعة فرصة إيقاف الحرب الآن، ستدخل هذه الكارثة فصلًا جديدًا مأساويًّا، يدفع ثمنه الشعب السوداني، حسب بيان "تقدم".
ودعا البيان جميع السودانيين المناهضين للحرب إلى توحيد أصواتهم، والوقوف بشكل صارم ضد كل من يطيل أمد الحرب، ويعيق الوصول لسلام فوري في البلاد.
كما دعا المجتمع الدولي لمواصلة جهوده وتوحيد الطاقات لإزالة العوائق التي تحول دون إسكات أصوات البنادق في السودان.