قنوات فضائية لبنانية منابر حزبية متشددة تتجاهل المعايير المهنية

منابر إعلامية تنخرط في الحروب السياسية بين الأحزاب اللبنانية.
السبت 2024/09/14
الحزب قبل الوطن

بيروت - تنخرط وسائل إعلام لبنانية في الحروب السياسية بحكم تبعيتها للأحزاب، لكن قناة “أو.تي.في” دخلت في صراع سياسي داخل التيار الوطني الحر، بعد سلسلة الانشقاقات والانقسامات التي واجهها، لاسيما أنها المنبر التابع للحزب، حيث هدد النائب المستقيل من التيار سيمون أبي رميا بأنه سيعلن موقفاً قانونياً ضدها على خلفية رفضها إعطاءه مساحة للرد على رئيس التيار جبران باسيل.

وقدم أبي رميا استقالته من التيار وكتلته النيابية في أغسطس الماضي، لينضم إلى ثلاثة نواب آخرين من أعضاء الكتلة تم إبعادهم عنها، وسط اتهامات وسجالات حادة مع القيادات في الحزب.

وقال أبي رميا في تغريدة له على منصة إكس “منذ خروجي من الإطار التنظيمي للتيار الوطني الحر في 7 أغسطس المنصرم، آثرت عدم الدخول في سجالات ومهاترات بالرغم من حملات تضليلية وكاذبة كان هدفها تشويه صورتي وصورة زملائي النواب بالإضافة إلى المسّ بالكرامات الشخصية”.

وأضاف “منذ ذلك اليوم، كانت قناة ‘أو.تي.ف’ تفتح أستديوهاتها أمام نواب رئيس التيار وعدد من المسؤولين والكوادر الذين قاموا بحملة ممنهجة تمس بسمعتنا وتاريخنا النضالي والسياسي والتشريعي، حتى أطلّ النائب جبران باسيل يوم الإثنين مساءً ليسرد ‘روايته’ عمّا جرى مع النواب الأربعة ومعي شخصيا، وهي رواية قائمة على افتراءات ومعطيات أقل ما يقال عنها إنها غير دقيقة”.

وتابع “صباح الثلاثاء اتصلت بمدير الأخبار الإعلامي جاد أبوجودة، ولم يجب على اتصالي وبعثت إليه رسالة خطية. فاتصلت برئيس مجلس الإدارة الأستاذ الصديق روي الهاشم للغرض نفسه وطلبت منه انطلاقا من حق الرد القانوني، أضف إلى كوني أحد الشركاء في الرخصة التأسيسية للمحطة ‘أو.تي.ف’، أن أطلّ عبر شاشة كي أردّ على الادعاءات المزيفة للنائب باسيل فاستمهلني لأخذ رأي المعنيين”.

وأضاف أبي رميا “تبلغت من مدير المحطة الأستاذ جورج عون، بطريقة مهذبة ودبلوماسية، عن قرار ‘الإدارة’ بعدم القبول بتلبية رغبتي في إجراء المقابلة عملاً بحقّ الردّ، وحتماً كان جوابي الاعتراض بحكم حقي القانوني والأخلاقي. هذا الجواب السلبي يعطي إشارة إضافية واضحة عن التمعّن في فرض الرأي الواحد على ‘أو.تي.ف’ كما يحصل داخل التيار”.

سيمون أبي رميا: تبلغت من المحطة بعدم قبول إجراء مقابلة عملاً بحقّ الردّ
سيمون أبي رميا: تبلغت من المحطة بعدم قبول إجراء مقابلة عملاً بحقّ الردّ

وأعلن النائب المستقيل أنه سيكون له موقف قانوني من هذا الرفض “خاصة لما يشكّل هذا الجواب السلبي من عدم احترام الأمانة الإعلامية والموضوعية المهنية”، مشيراً إلى أنه “يصرّ على سرد الحقيقة بكل شفافية لما حصل، خاصة لرفاقي التياريين والعونيين وهذا واجبي وحقهم”.

وتابع أنه سيعلن كل الحقائق في مؤتمر صحفي الأسبوع المقبل مرتكزاً على ما يردده الرئيس عون “الحقيقة تحرّركم”.

وعادة ما تعكس الحملات الإعلامية المتبادلة بين القنوات التلفزيونية اللبنانية صورة الصّراع بين القوى والأحزاب السياسية التي تتقاسم ملكية هذه الوسائل، والتي تتحوّل إلى منبر انتخابي باسمها في مرحلة الانتخابات، لكن حادثة القناة التابعة للعهد تشير إلى مدى التأثير السياسي على الإعلام بغياب المعايير المهنية في التعامل مع الأحداث.

ولا يخفي المسؤولون في بعض وسائل الإعلام انحياز مؤسساتهم إلى أحزابها ومرجعياتها السياسية، من دون أن تتنكر لحيثيات القانون والالتزام ولو بالحدّ الأدنى بمعاييره.

وعلى شاشات “أم.تي.في” و”الجديد” و”أل.بي.سي.آي” و”أو.تي.في” يتنافس رؤساء التحرير ومعدّو النشرات والتقارير على هجاء المسؤولين وانتقاد الطبقة السياسية المنافسة.

وتحوّلت المحطات التلفزيونية في لبنان إلى قنوات نفوذ للقوى السياسية، موزّعة على الأحزاب والتيارات الكبرى؛ “أو.تي.في” تتبع التيار الوطني الحرّ، وقد أسّسها العماد ميشال عون في عام 2008 خلال رئاسته للتيار قبل أن يصبح رئيساً للجمهورية، بينما تتبع “إن.بي.إن” رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهي ممولة من رجال أعمال قريبين سياسياً من برّي وحركة أمل، بينما يمتلك حزب الله تلفزيون “المنار”، ويعدّ إحدى وسائل الإعلام الحربي التابعة له ولما يسمّى محور المقاومة في لبنان والمنطقة.

إلى جانب هذه القنوات هناك ثلاث محطات غير حزبية، هي “إم.تي.في” التي يملكها النائب السابق غبريال المرّ، ويرأس مجلس إدارتها ابنه رجل الأعمال ميشال المرّ، وهذه المحطة قريبة سياسياً من خيارات قوى 14 آذار، لكنّها تملك هامشاً من الاستقلالية يمنحها حرية التنويع في استقبال الشخصيات من كل الأطراف خلال برامجها السياسية، وقناة “الجديد” التي يملكها رجل الأعمال تحسين خيّاط، لكنّها مؤيدة سياسياً لحزب الله، وعلى خصومة شديدة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي. أمّا المؤسسة اللبنانية للإرسال إنترناشونال “إل.بي.سي.اي” فهي أيضاً محطة مستقلّة، وتعتبر من أعرق المحطات اللبنانية بعد تلفزيون لبنان الرسمي، وتميل سياسياً إلى التيار السيادي الذي تمثله قوى 14 آذار، ويديرها بيار الضّاهر.

5