قنوات أجنبية في تونس: مقاولات لتنفيذ مشاريع سياسية تمس بالسيادة الوطنية

الهايكا التونسية تحذر قنوات أجنبية انخرطت في الصراعات السياسية الداخلية.
الجمعة 2022/04/08
تغطية مفضوحة

تونس - اتهمت "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري" (الهايكا) التونسية المؤسسات الإعلامية الدولية بـ"الانحياز لطرف دون آخر" خلال تغطيتها للأحداث السياسية في البلاد.

وأشارت الهيئة، في بيان، إلى أنها لاحظت "انخراط بعض هذه القنوات التي لها مكاتب معتمدة في تونس والموجهة إلى الجمهور التونسي في الصراعات السياسية الداخلية، إلى درجة أن بعضها تحوّل إلى بوق دعاية لهذا التيار السياسي أو ذاك".

ونبّهت إلى "ضرورة الالتزام بمبادئ هذه الحرية وقواعدها، ومن أهمها التوازن والموضوعية في نقل الأخبار ومعالجتها حسب المعايير المهنية والأخلاقية".

وأشار البيان إلى أن الهيئة "تتمسّك بضرورة عدم توظيف مكسب حريّة التعبير والصحافة الذي ميّز التجربة التونسية للتدخل في الشأن الوطني واستغلال منابرها خدمة لفائدة طرف سياسي دون آخر، حتى لا تتحوّل هذه القنوات إلى أدوات لتنفيذ أجندات سياسية في المنطقة".

ودعت الهيئة "كافة الصحافيات والصحافيين العاملين في مكاتب القنوات الأجنبية في تونس إلى الحرص على احترام قواعد المهنة الصحافية وأخلاقياتها، والمساهمة في تكريس مناخ التنوّع والتعددية والسلم الاجتماعي".

انتقادات لاذعة لقناة الجزيرة القطرية بسبب نقلها الجلسة الافتراضية التي عقدها البرلمان التونسي المجمدة أشغاله في الثلاثين من مارس الماضي

وجاءت هذه الانتقادات بينما أكّدت الهيئة أن "حريّة التعبير هي خيار وطني لا رجعة فيه، ومن أهم قواعدها التدفّق الحر للمعلومات". كما أكدت أن موقفها الراسخ هو "أن وجود مكاتب لقنوات أجنبية في تونس يعد ظاهرة إيجابية ودعما لتنوّع المشهد وتعدّده".

ويأتي هذا التنبيه إثر انتقادات لاذعة وجهت لقناة "الجزيرة" القطرية بسبب نقلها الجلسة الافتراضية التي عقدها البرلمان التونسي المجمدة أشغاله في الثلاثين من مارس الماضي والتي أعقبها قرار بحل البرلمان بأمر رئاسي.

وحرصت قناة الجزيرة القطرية على بث مباشر للجلسة العامة للبرلمان التونسي، والتي انعقدت عن بعد. وتابع البث المباشر للجلسة العامة 42000 متفرج.

واتهم الرئيس التونسي قيس سعيد قناة أجنبية لم يسمها بتأمين نقل بث الجلسة الافتراضية ليوم الثلاثين من مارس. وندّد بذلك قائلا ”هل هذه الوطنية التي ترسّخت في تونس وبدأت تظهر منذ أواخر القرن الـ19 وهذه الوطنية تجعلهم يرتمون في أحضان الذين يكيدون لبلدنا كيدا… كيف توضع القوانين عن طريق وسائل الإعلام الأجنبية؟”.

وأضاف قيس سعيد ”لا عودة إلى الوراء ولا قيمة قانونية على الإطلاق على ما ينوون فعله من اجتماعات افتراضية، متى كانت تجتمع المجالس النيابية عن طريق عدد من وسائل الإعلام الأجنبية؟”. واعتبر الرئيس التونسي أنّ ما يحصل اليوم من استقواء بعض الأحزاب والنواب بالقوى الأجنبية لعودة البرلمان وغيرها من الآراء الدولية في مسار تونس الانتقالي غير مقبول.

سامي الطاهري: بث الجزيرة لجلسات البرلمان المنحل مسألة سيادية

وكان الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري علق على بث قناة الجزيرة مداولات الجلسة العامة الافتراضية، قائلا “أين ثمة حرب أهلية ودم واقتتال نجد قناة الجزيرة”. وأضاف “الجزيرة وغيرها من القنوات تحب مثل هذه الأجواء”، مشيرا “نحن مع حرية الإعلام ولكن أن يتم الربط تقنيا بين هذه القناة وبين أشغال الجلسة فيعني أن هناك تنسيقا تقنيا بين الطرفين.. هناك إذا أمور مضبوطة”.

وتابع الطاهري “هذا تحريض وتدخل في الشأن التونسي.. في بعض الأحيان يجتمع بعض العشرات فتنقل هذه القناة أخبارا مفادها انتفاضة الشعب التونسي.. هذا هو دورها لعبته سابقا في تونس وتلعبه الآن”. واعتبر أن هذه “مسألة سيادية ويجب وضع حد لها”.

ويعتبر متابعون أن تغطية قناة الجزيرة القطرية للأحداث الجارية في تونس منذ اتخاذ الرئيس قيس سعيد إجراءات استثنائية في البلاد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، وما سبقها من احتجاجات شعبية غير متوازنة، كانت منحازة إلى حركة النهضة، وعملت على إشعال الفتن. وقالوا إن القناة مارست التضليل ونشر الأخبار الكاذبة بصورة فاضحة، فيما بدا شعار الرأي والرأي الآخر لا يمت للحقيقة بصلة.

وتختار قناة الجزيرة تغطياتها الإخبارية بدقة بما يخدم مشروعا سياسيا وأيديولوجيا يصب في مصلحة تنظيم الإخوان. وعلى سبيل المثال أغفلت تغطية مؤتمرا صحافيا فبراير الماضي لـ“هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد براهمي”، تضمن اتهامات لحركة النهضة الإسلامية.

وسخر الإعلامي التونسي سمير الوافي من مذيع قناة الجزيرة التونسي محمد كريشان قائلا “مذيع الجزيرة يشعرنا أنه يقبض أجرته الضخمة ليمدح أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ويرذل الرئيس قيس سعيد… ويمدح ‘ديمقراطية’ قطر ويهاجم ‘دكتاتورية’ تونس!”، وتابع “يا أخي حتى نحترمك قليلا… على الأقل أنقد مرة معتمد أو والي (محافظ) الدوحة أو حتى عمدة الدحيل.. على الأقل مرة!”.

يذكر أن  الإعلام التونسي يواجه انتقادات لاذعة بسبب ضعف تغطيته للأحداث في البلاد مقارنة بوسائل إعلام أجنبية وخاصة المنابر الإخوانية.

16