قمّة بروكسل تناقش حرمان دول تخالف قيم الاتحاد من التمويل

النواب الأوروبيون يضغطون على المفوضية الأوروبية لحضّها على الشروع في تطبيق آلية جديدة تسمح بتعليق الأموال الأوروبية للدول التي تسجل فيها انتهاكات لدولة القانون.
الجمعة 2021/10/22
تمسك بسيادة القانون الأوروبي

بروكسل - يضغط نواب أوروبيون في القمة التي يعقدها قادة الدول الـ27 حاليا في بروكسل، لتطبيق آلية جديدة تسمح بتعليق الأموال الأوروبية للدول التي تسجل فيها انتهاكات لدولة القانون، وسط استياء متزايد من بولندا لفرضها الدستور الوطني على القانون الأوروبي.

ويبحث القادة الأوروبيون في جدول أعمال القمة الخميس والجمعة، ارتفاع أسعار الطاقة وضرورة تكثيف حملات التلقيح ضد كوفيد – 19 والتحضير لمؤتمر الأطراف حول المناخ كوب 26 والتوتر مع بيلاروس حول مسألة المهاجرين بصورة خاصة.

وأضيفت الأزمة التي أثارتها المحكمة الدستورية البولندية المقربة من الحزب القومي المحافظ الحاكم، إذ أعلنت في السابع من أكتوبر الجاري أن بعض بنود المعاهدات الأوروبية لا تنسجم مع الدستور الوطني.

واعتبرت بروكسل هذا القرار هجوما غير مسبوق على سيادة القانون الأوروبي واختصاص محكمة العدل الأوروبية، وهما من المبادئ المؤسسة للتكتل.

ألكسندر دي كرو: الاستفادة من مزايا الاتحاد الأوروبي تعني قبول القواعد المشتركة

وجرت نقاشات محتدمة الثلاثاء في البرلمان الأوروبي بين رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي توعدت بالتحرك ضد وارسو، ورئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي الذي ندد بـ”ابتزاز” اتهم الاتحاد الأوروبي بممارسته، متمسكا بسيادة الدستور الوطني.

وحمل الوضع بعض الدول مثل هولندا على المطالبة ببحث هذه المسألة خلال القمة حتى لو لن يفضي النقاش إلى نتيجة، خلافا للنقاط الأخرى المدرجة رسميا على جدول الأعمال.

وقال دبلوماسي أوروبي إن “عددا كبيرا من رؤساء الدول والحكومات سيبدون قلقهم”، مشيرا إلى مخاطر حصول “مفعول عدوى”.

غير أن بعض الدول مثل ألمانيا تدعو إلى “الحوار” مع وارسو. وقال مصدر حكومي في برلين “ليس المطلوب تحويل هذه القمة إلى مواجهة… لا نتوقع نقاشا حول عقوبات ضد بولندا”.

ومن المحتمل أن تعقد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي ستكون هذه آخر قمة تشارك فيها قبل الانسحاب من الحياة السياسية بعد حضورها أكثر من مئة قمة خلال 16 عاما بقيت فيها في الحكم، لقاء ثنائيا مع مورافيتسكي.

ورأت عدة مصادر دبلوماسية أنه من غير المبرر الموافقة على صرف 36 مليار يورو لوارسو ضمن خطة الإنعاش الأوروبية لفترة ما بعد الوباء، وهو مبلغ جمدته المفوضية الأوروبية حاليا مطالبة بضمانات حول استقلالية النظام القضائي في البلد.

ويملك الاتحاد الأوروبي أدوات أخرى لفرض احترام دولة القانون وسيادة القانون الأوروبي، لكن بعضها حساس أو معقّد التطبيق، وتبدو الدول الأعضاء معارضة لأي تسرّع بهذا الصدد.

أما النواب الأوروبيون، فيضغطون على المفوضية الأوروبية من خلال تهديدها بملاحقات، لحضّها على الشروع دون إبطاء في تطبيق آلية جديدة تسمح بتعليق الأموال الأوروبية للدول التي تسجل فيها انتهاكات لدولة القانون، وهي آلية يمكن أن تطال بولندا وكذلك المجر التي تواجه بانتظام انتقادات من بروكسل.

وأعلنت المفوضية أنها سترسل “قريبا” بلاغات إلى الدول المعنية، غير أن الدول الأعضاء تدعو إلى انتظار قرار محكمة العدل الأوروبية بهذا الصدد قبل اللجوء إلى الآلية.

وعلق دبلوماسي “لا يمكننا أن نخطئ في هذه المسألة”.

وقدمت بولندا والمجر التماسا إلى القضاء الأوروبي لطلب إلغاء هذه الآلية، غير أنه لا ينتظر صدور قرار قبل نهاية السنة أو مطلع العام 2022.

وقال رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين إنه يجب أن يكون من المستحيل الحصول على تمويل من الاتحاد الأوروبي مع مخالفة قيمه الأساسية.

Thumbnail

وأضاف لوفين في مؤتمر صحافي في بروكسل أنه “يتعين على المفوضية تحليل ما هي الأدوات الأكثر ملائمة لاستخدامها ضد بولندا”.

وتابع “دور المجلس الأوروبي هو مناقشة ذلك وإيضاحه. نحن نريد طرح هذا الأمر لنقول أنه غير مقبول”.

وانضم قادة دول البنيلوكس الثلاث الخميس، إلى أولئك الذين يضغطون على وارسو بشأن قضايا سيادة القانون في قمة الاتحاد الأوروبي.

وقال رئيس الوزراء الهولندي مارك روته إن القضية الرئيسية هي استقلال القضاء وليس حكم المحكمة الدستورية الأخير نفسه. وأضاف روته، إنه “من الصعب جدا أن نرى كيف يمكن لبولندا الحصول على مبالغ كبيرة من أموال الاتحاد الأوروبي في خطة الانتعاش المشتركة من جائحة كورونا إذا لم تتم تسوية هذه القضية”.

بدوره، أفاد رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو بأن الاستفادة من مزايا عضوية الاتحاد الأوروبي تعني قبول القواعد المشتركة، “لا يمكنك الانتماء إلى ناد وتقول إن القواعد لا تخصني”.

من جهته علق رئيس وزراء لوكسمبورغ كزافييه بيتل بأنه “سيكون من العار ألا تستسلم بولندا إلا عندما يتعلق الأمر بالمال”. وأضاف بيتل أن العقوبات المالية ستكون مقبولة كحل أخير، لكن الحوار لإيجاد حلول مشتركة سيكون أفضل.

وعلى جانب آخر من قضية مخالفة قيم الاتحاد الأوروبي، اتهمت المستشارة الألمانية ميركل الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو بممارسة اتجار الدولة بالبشر.

وهددت ميركل لوكاشينكو بعقوبات اقتصادية أخرى، مشيرة إلى أن الغرض من هذا هو توضيح “أننا ندين هذا النوع من الاتجار بالبشر-وهذا يجب قوله- من جانب الدولة”، وتابعت ميركل أن هذه القضية ستأخذ حيزا كبيرا في أعمال القمة الجمعة.

وكان لوكاشينكو أعلن في مايو الماضي أنه سيتوقف عن منع المهاجرين من مواصلة رحلتهم من بلاده صوب بولندا ودول البلطيق، في رد فعل منه على العقوبات الأوروبية المشددة على بلاده.

5