قمة "لمّ الشمل" في الجزائر تدعم مونديال الدوحة!

الجزائر- عمل البيان الختامي لقمة الجزائر على استرضاء الجميع إلى درجة أنه نزل إلى مستوى الاهتمام بمسائل صغيرة وهامشية مثل دعم مونديال الدوحة، أو الحديث عن قضايا لا قيمة لموقف القمة منها سواء كان الموقف سلبيا أو إيجابيا، مثل موضوع أوبك+ وغضب كارتل المستهلكين الذين لن يعنيهم ما إذا كانت الجامعة العربية قد أدانت القرار أم ساندته.
ويقول دبلوماسيون ومحللون سياسيون تابعوا القمة إن الهدف من وراء تضمين كل المطالب الجزئية والتفاصيل الصغيرة هو إرضاء جميع الذين شاركوا سواء بتمثيل عال أو بتمثيل محدود، حتى يستطيع النظام الجزائري لاحقا استثمار شعار “لمّ الشمل” الذي رفعه في هذه القمة، وأنها انفضت دون خلافات وتصريحات تخرج عن “الإجماع” المعهود.
واستغرب المتابعون تركيز البيان في الحديث عن الملف الفلسطيني على صياغات قديمة لم يعد لها وجود في الخطاب الرسمي العربي، مثل “مركزية القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف (…) وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين”، أو “دعم توجه دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة”.
◘ تضمين المطالب الصغيرة والهامشية هدفه إرضاء الجميع ليستطيع النظام الجزائري التسويق لشعاره "لمّ الشمل"
ولا يمكن فهم هذه الصياغات إلا في إطار ترضية بعض الرؤساء -ومن بينهم الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون- الذين باتوا يرددون شعارات من زمن الحرب الباردة ولم يعودوا واعين بالتطورات التي حصلت في هذا الملف، وآخرها فوز رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو بالانتخابات وتحالفه المنتظر مع تيارات دينية يمينية لتشكيل الحكومة القادمة، وبذلك يجد الفلسطينيون أنفسهم في وضع أبعد ما يكون عن شعارات القمة.
وأشار هؤلاء المتابعون إلى أن التركيز على التفاصيل الصغيرة والهامشية هَدفَ إلى عدم إثارة الخلاف حول القضايا الكبرى، وإصدار بيان عام وغامض، مثل إدانة التدخلات الخارجية في شؤون المنطقة، حيث تم ذكر البند الخاص بهذا الشأن دون الإشارة إلى تركيا أو إيران، ما يجعل منه بيانا بلا قيمة سياسية ولن يثير ردودا أو تعاليق من الدول التي يعنيها.
وشدد البيان الختامي الذي حمل اسم “إعلان الجزائر” على “رفض التدخلات الخارجية بجميع أشكالها في الشؤون الداخلية للدول العربية والتمسك بمبدأ الحلول العربية للمشاكل العربية عبر تقوية دور جامعة الدول العربية في الوقاية من الأزمات وحلها بالطرق السلمية، والعمل على تعزيز العلاقات العربية – العربية”.
وكان التمدد الإيراني والتركي في المنطقة العربية قد أثير بشكل لافت من طرف بعض المتدخلين العرب في اليوم الثاني من أعمال القمة العربية، خاصة من طرف رئيس المجلس القيادي اليمني رشاد العليمي الذي عبر عن قلق بلده الشديد من تعاظم الدور الإيراني في تغذية الأزمة اليمنية عبر دعم التنظيم الحوثي الذي صار يشكل خطرا على استقرار المنطقة عموما.
وأطلق البيان صياغات فضفاضة في ما يتعلق بالملفات مثار الخلاف العربي – العربي، أو بتلك التي تُتَّهم قوى خارجية بالتدخل فيها، بدل إطلاق مبادرات للحوار، خاصة ما تعلق منها بالملف الليبي الذي لم يفتْ أوان الخوض فيه عربيا والبحث له عن صيغة توافقية ملزمة.
◘ التركيز على التفاصيل الصغيرة والهامشية هَدفَ إلى عدم إثارة الخلاف حول القضايا الكبرى، وإصدار بيان عام وغامض
وأعرب عن ” التضامن الكامل مع الشعب الليبي ودعم الجهود الهادفة إلى إنهاء الأزمة الليبية من خلال حل ليبي – ليبي يحفظ وحدة وسيادة ليبيا ويصون أمنها وأمن جوارها، ويحقق طموحات شعبها في الوصول إلى تنظيم الانتخابات في أسرع وقت ممكن لتحقيق الاستقرار السياسي الدائم”.
وألحّ على “دعم الحكومة الشرعية اليمنية ومباركة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي ودعم الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية وفق المرجعيات المعتمدة”. كما حث الدول العربية على أداء دور جماعي قيادي للمساهمة في جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.
ورحب بما أسماه ” تنشيط الحياة الدستورية في العراق بما في ذلك تشكيل الحكومة، وتثمين النجاحات التي حققها العراق في دحر التنظيمات الإرهابية “، فضلا عن التضامن مع لبنان للحفاظ على أمنه واستقراره ودعم الخطوات التي اتخذها لبسط سيادته على أقاليمه البرية والبحرية.
ولم يخل البيان أيضا من فضفاضية الصياغات المتعلقة بالأزمات الاقتصادية التي تعيشها بعض الدول بسبب مخلفات الجائحة أو نتيجة الحرب في أوكرانيا؛ وعلى رأس قائمة هذه الأزمات أزمة الغذاء التي صارت تهدد بلدانا عربية كثيرة. وأكد على “ضرورة المساهمة في دعم الدول العربية التي مرت أو تمر بظروف سياسية وأمنية واقتصادية صعبة أو تلك التي تواجه حالات استثنائية من جراء الكوارث الطبيعية، من خلال تعبئة الإمكانيات المتاحة وفق مختلف الصيغ المطروحة ثنائيا وعربيا وإقليميا ودوليا”.