قمة عربية في القاهرة لرص الصفوف في مواجهة خطط تهجير سكان غزة

رسم إطار محدد لدور حماس في الفترة المقبلة.
الاثنين 2025/02/10
إعادة بناء القطاع تحتاج إلى وقفة عربية

تشكل القمة العربية المرتقبة الشهر الجاري أول تحرك عربي من أجل التصدي لخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ولكن يبقى السؤال الذي يفرض نفسه: هل تستطيع القمة المنتظرة الخروج بتصور واضح وعملي يقنع الولايات المتحدة ويسقط طموحات اليمين الإسرائيلي.

القاهرة - يعبر الإعلان عن عقد قمة عربية طارئة في القاهرة، قبل أسابيع قليلة من انعقاد القمة العادية في بغداد، عن رغبة في وضع تصورات عاجلة لإجهاض مخطط التهجير الطوعي للفلسطينيين.

وبعد خفوت الزوبعة التي أثارها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن توطين سكان قطاع غزة في كل من مصر والأردن، بدأ اليمين المتطرف في إسرائيل البناء على المقترح بفتح مجال الخروج الطوعي للفلسطينيين.

وسببت التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول إمكانية نقل الفلسطينيين إلى المملكة العربية السعودية، تهديدا لدولة عوّلت عليها الإدارة الأميركية الجديدة في كسر الكثير من الحواجز العربية وإعادة ترتيب نمط التفاعلات الإقليمية.

وأكدت السعودية والعديد من الدول العربية الأحد “الرفض القاطع” لتصريحات نتنياهو. وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان “تؤكد المملكة رفضها القاطع لمثل هذه التصريحات التي تستهدف صرف النظر عن الجرائم المتتالية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأشقاء الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك ما يتعرضون له من تطهير عرقي.”

وأضافت أن “هذه العقلية المتطرفة المحتلة لا تستوعب ما تعنيه الأرض الفلسطينية لشعب فلسطين الشقيق وارتباطه الوجداني والتاريخي والقانوني بهذه الأرض، ولا تنظر إلى أن الشعب الفلسطيني يستحق الحياة أساسا.”

أيمن الرقب: من بين أهداف القمة وضع خطة لإعادة إعمار غزة
أيمن الرقب: من بين أهداف القمة وضع خطة لإعادة إعمار غزة

وأكدت أنّ “الشعب الفلسطيني الشقيق صاحب حق في أرضه، وليسوا دخلاء عليها أو مهاجرين إليها يمكن طردهم متى شاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.” وتابعت “تؤكد المملكة أن حق الشعب الفلسطيني الشقيق سيبقى راسخا، ولن يستطيع أحد سلبه منه مهما طال الزمن،” مشيرة إلى أنّ “السلام الدائم لن يتحقق إلا (…) بالقبول بمبدأ التعايش السلمي من خلال حل الدولتين.”

واعتبر الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط الأحد تصريحات نتنياهو عن إقامة دولة فلسطينية في السعودية “انفصالا تاما عن الواقع،” مشيرا إلى أنها “أوهام لا وجود لها إلا بأذهان من ينطقون بها،” في موقف تبنته مصر والإمارات وقطر.

وكشف الإعلان عن قمة طارئة خروجا من حالة الجمود العربي التي ظهرت بوضوح منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، وتفاوت مواقف الدول التي بدا بعضها رافضا لمنهج حركة حماس، بينما أظهرت تصرفات البعض الآخر تأييده.

وقالت مصادر مصرية لـ”العرب” إن الزج بالسعودية في ملف التوطين أثار مخاوف من غياب الاستعدادات العربية للتعامل مع المرحلة التالية لوقف إطلاق النار في غزة، وفرض ضرورة التفكير في آليات للتعامل مع تداعيات هذه الخطوة، لأن الغياب العربي وعدم وجود موقف موحد من إعادة الإعمار وحماس يسمحان لإسرائيل والولايات المتحدة بالسعي إلى ملء الفراغ باقتراحات وخطط تضر بالأمن القومي العربي.

وأكدت المصادر ذاتها وجود تحركات دبلوماسية من جانب القاهرة وعدة عواصم عربية لتوضيح خطورة تضخيم ملف التوطين وحرفه عن مساره، فبعد تراجع الرئيس ترامب عن تنفيذ مقترحه وعدم تحويله إلى خطة عمل، التقطت إسرائيل الخيط وبدأت تلوح به، متجاهلة تجميد الرئيس الأميركي له، كأنها تريد إغراق المنطقة في سرديات جديدة، للتنصل من الثوابت التي يعتمد عليها الموقف العربي، وأبرزها مبادرة السلام التي طرحتها الرياض أمام قمة بيروت عام 2002.

وأثنى نتنياهو في ختام زيارته إلى الولايات المتحدة ليل السبت على مقترح ترامب، مؤكدا استعداد إسرائيل لـ”إنجاز المهمة”.

وشددت المصادر في حديثها لـ”العرب” على أن قمة القاهرة الطارئة أول اختبار حقيقي للموقف العربي بعد حرب غزة، وما خلفته من تحديات سياسية وأمنية واقتصادية، حيث مطلوب من القادة العرب وضع تصورات عملية للقضية الفلسطينية، وفرملة التوجهات الإسرائيلية لشطبها من جدول الأعمال التقليدي للشرق الأوسط، ورسم خارطة لحركة حماس بعيدا عن السلطة.

وأعلنت وزارة الخارجية المصرية الأحد أن القاهرة ستستضيف قمة طارئة في السابع والعشرين من فبراير الجاري لمناقشة تطورات القضية الفلسطينية.

جاءت الدعوة في وقت تحشد فيه مصر المزيد من الدعم الإقليمي والدولي ضد المقترح السابق للرئيس دونالد ترامب نقْل سكان غزة إلى مصر والأردن، ومن أجل التصدي لانتهازية اليمين في إسرائيل وفتح المجال أمام التهجير الطوعي للفلسطينيين.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أيمن الرقب إن القمة الطارئة هدفها مواجهة التحديات العربية، وتتشكل من شقين، سياسي واقتصادي، ومطلوب منها التصدي لكل محاولات إسرائيل للاستثمار في مقترح ترامب أو الالتفاف عليه، على الرغم من تحوله إلى “مزحة” دولية، ووضع خطة واضحة لإعادة إعمار غزة بهدف قطع الطريق على توظيف إسرائيل الدمار لصالحها وإعادة هيكلة القطاع وتأهيله بما يحقق مصالحها.

وأضاف الرقب في تصريحات لـ”العرب” أن القمة ستتجنب الصدام مع الإدارة الأميركية من أجل محاولة عزل إسرائيل وحشرها في زاوية ضيقة والسعي لتفريغ حججها من مضامينها، ووضع توصيات عقلانية يتم رفعها إلى قمة بغداد في مارس المقبل، تتضمن تثبيت سكان غزة أولا، وتقويض تحركات المستوطنين ضد سكان الضفة الغربية.

قمة القاهرة الطارئة أول اختبار حقيقي للموقف العربي بعد حرب غزة، وما خلفته من تحديات سياسية وأمنية واقتصادية، حيث مطلوب من القادة العرب وضع تصورات عملية للقضية الفلسطينية

وأصبحت القمة مطالبة بوضع إطار محدد لدور حماس في الفترة المقبلة، وتقديم رؤية لمنع إعادة هيمنتها على إدارة القطاع بعد استعراضها العسكري خلال عمليات تسليم الأسرى في المراحل الخمس لتسليمهم إلى الصليب الأحمر ومنه إلى إسرائيل، وتهيئة الأجواء نحو تمكين السلطة الفلسطينية من ممارسة دورها في غزة.

ويحوي هذا التوجه خطابا لإسرائيل يربط أي خطوة للتطبيع معها بإيجاد حل للقضية الفلسطينية، وهو ما أعلنته الرياض أكثر من مرة، وسيتخذ طابعا أكثر حسما عندما يأتي في سياق قرارات القمة العربية الطارئة ثم الدورية، وهي خطوة تضع الكرة في ملعب إسرائيل، وتختبر النوايا الحقيقية للرئيس الأميركي تجاه تصوره للسلام في المنطقة.

وعقدت خلال الأيام الماضية مشاورات بين العديد من الدوائر العربية، في مقدمتها مملكة البحرين رئيس الدورة الحالية، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والسلطة الفلسطينية التي طلبت عقد قمة لتناول المستجدات الخطيرة التي تواجهها القضية الفلسطينية، على أمل الخروج بموقف يعرقل سعي إسرائيل لتصفيتها.

وقال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي في تصريحات إعلامية إن الجامعة العربية تقوم “بتعبئة موقف عربي ودولي لقيام الدولة الفلسطينية، وإن التحركات تهدف إلى مجابهة مزاعم إسرائيل، وتأكيد مبدأ حل الدولتين، وإن الموقف العربي متماسك في ما يخص رفض مسألة التهجير.”

ولئن أصبحت مصر (بجانب الأردن) رأس الحربة في مواجهة إسرائيل بعد اقتراح ترامب، فإنها تتعامل مع الأزمة بديناميكية، وتديرها باستخدام سلاحي الخشونة، حيث كشفت تقارير إعلامية عن سعي حثيث للتعبئة العسكرية في سيناء، والدبلوماسية، حيث تميل إلى إطلاع المجتمع الدولي على مخاطر التوطين وما يمكن أن يحدثه من تجدد للصراع مع إسرائيل، والتوصل إلى قواسم مشتركة مع واشنطن.

والأحد توجه وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي إلى واشنطن للقاء عدد من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية وأعضاء الكونغرس، بهدف بحث التطورات الإقليمية وتعزيز العلاقات الثنائية والشراكة الإستراتيجية بين البلدين.

 

اقرأ أيضا:

        • إسرائيل تستهدف البنية التحتية للفصائل الفلسطينية في مخيمات الضفة الغربية

        • إعادة بناء غزة لن تكون سهلة

        • حظر الأونروا.. اغتيال إسرائيلي جديد للإنسانية

2