قمة جزائرية - مصرية قريبة لاحتواء أزمة صامتة

الجزائر- بحث الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون خلال اتصال هاتفي مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي القضايا والملفات الثنائية والإقليمية، واتفقا على عقد لقاء قريب بينهما، في قمة يرجح أن تكون لاحتواء أزمة صامتة بين البلدين.
وبحسب بيان للرئاسة الجزائرية “أجرى رئيس الجمهورية، السيد عبدالمجيد تبون، مكالمة هاتفية مع أخيه فخامة رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، السيد عبدالفتاح السيسي، تبادلا فيها الآراء حول مسائل تهم البلدين الشقيقين واتفقا على لقاء يجمعهما، كما تناول الرئيسان القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.
ويبدو أن الطرفين بصدد احتواء أزمة صامتة، بسبب خلافات عديدة حول الأزمة الليبية والملف الفلسطيني والعمل العربي المشترك، فرغم محاولات التقارب بين الطرفين والزيارات المتبادلة بين الرئيسين منذ عام 2020، لم يستطيعا بلورة مواقف مشتركة وأدوار متوازنة.
ورغم التوافق المسجل بينهما حول آليات الحرب على الإرهاب وإزاحة تيار الإسلام السياسي من مواقع السلطة ظهرت في الآونة الأخيرة خلافات جليّة حول تجاهل القاهرة لطلب تقدمت إليها به الجزائر للسماح بمرور مساعدات نفطية إلى قطاع غزة.
◙ الرئيس الجزائري لا يزال يحتفظ بأمل أن يتقبل نظيره المصري عبدالفتاح السيسي مقترحات طرحها الأول بفتح المجال أمام الجزائر لتمرير مساعدات نفطية حصرا لأهالي قطاع غزة
وتحدثت تقارير عربية وجزائرية في الأسابيع الأخيرة عن مقترح شخصي تقدم به تبون إلى السيسي من أجل الموافقة على توفير موقع لعبور مساعدات نفطية جزائرية على نفقة الخزينة الجزائرية إلى قطاع غزة.
ولفتت إلى أن الاقتراح يتضمن “تكفل الجزائر بتغطية كل احتياجات قطاع غزة من النفط والمحروقات وعلى نفقة الخزينة الجزائرية، على أن تضمن السلطات المصرية مرورها”.
وأضافت “يبدو أن الرئيس السيسي لم يتحمس للفكرة”، ولذلك لم يرد على مقترح الجزائر، الأمر الذي اعتُبر تجاهلا سبّب حالة من الفتور بين الطرفين، وهو ما يريد الرجلان تجاوزه من خلال الاتفاق على قمة مرتقبة بينهما.
وجاء ذلك لينضاف إلى خلاف جوهري بين الطرفين حول الأزمة الليبية؛ فالموقف الجزائري الداعم لحكومة عبدالحميد الدبيبة بدعوى تأييد الشرعية الدولية -وهو ما يتجلى من خلال استقبالها المتكرر له- تصفه القاهرة بـ”الصادم” نظرا إلى معرفة الجزائر بتوتر العلاقات بينه وبين القاهرة.
في المقابل عبر دبلوماسي جزائري عن انزعاج من الدور المصري قائلا “إن الوضع الذي آلت إليه الأزمة بفعل بعض الخطوات الانفرادية وغير التوافقية، بدعم من بعض الدول المتدخلة في الأزمة، أمر غير مقبول بالنسبة إلى الجزائر ومحل تحفظ واضح”.
ويرى محللون سياسيون أن القاهرة تنظر بعين التوجس إلى الدور الجزائري الجديد، المعبر عنه منذ قدوم الرئيس تبون إلى قصر المرادية في أواخر 2019، حول القضية الفلسطينية؛ فإعلان الجزائر عن حوار فلسطيني – فلسطيني على أراضيها قبل انعقاد القمة العربية ما قبل الأخيرة مطلع شهر نوفمبر الماضي، ودفعها باتجاه تعبئة حملة دبلوماسية لإعطاء العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، يمثلان منازعة لمصر في ملف تعتبره من مشمولاتها بشكل حصري.
ونقلت التقارير المذكورة عن مصادر، وصفتها بـ”المطلعة”، قولها إن “الجزائر تأمل في أن تجيب الحكومة المصرية مباشرة على المقترح أو تبلغ الجزائر بالأسباب التي تحول دون تحقيق ذلك الاقتراح، خصوصا وأنه تضمن تغطية كافة التكاليف ودون أن تتكلف الحكومة المصرية أي كلفة”.
وأضافت “الرئيس الجزائري لا يزال يحتفظ بأمل أن يتقبل نظيره المصري عبدالفتاح السيسي مقترحات طرحها الأول بفتح المجال أمام الجزائر لتمرير مساعدات نفطية حصرا لأهالي قطاع غزة”.
◙ رغم محاولات التقارب بين الطرفين والزيارات المتبادلة بين الرئيسين منذ 2020، لم يستطيعا بلورة مواقف مشتركة
لكن يبدو أن القاهرة لم تقتنع بالفكرة، ولا تستبعد فرضية مسعى جزائري لفرض أمر واقع يتحول فيما بعد إلى آلية تقلص الدور التاريخي لمصر في الملف الفلسطيني، وهو الأمر الذي اعتبره محللون سياسيون خطوة جزائرية لم تراع خصوصيات الملف وتشعباته ومكانته في المحيط الإقليمي لرام الله.
وأعلن الرئيس تبون عن تخصيص بلاده مبلغ 30 مليون دولار لإعمار مخيم جنين بعد الاجتياح الإسرائيلي له خلال الأيام الأخيرة، وخلف خسائر بشرية ومادية في البنى التحتية والمباني.
ولعل أبرز خلاف بين الطرفين يتعلق بموقع وطبيعة العلاقات مع الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس التي تتحفظ عليها القاهرة لأسباب أيديولوجية وسياسية، بينما تعتبرها الجزائر مكونا أساسيا في المشهد الفلسطيني.
وكان رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل قد غادر الجزائر خلال هذا الأسبوع، بعد زيارة مطولة التقى أثناءها بالعديد من المسؤولين الرسميين والقادة السياسيين، على غرار حركة مجتمع السلم وجبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، فضلا عن سلسلة من اللقاءات الإعلامية.
وصرح في عدة تدخلات بأن “للجزائر دورا كبيرا على المستوى الدولي والعربي والإقليمي والإسلامي، وأن فلسطين تنتظر منها الكثير أكثر من غيرها، فشعب الجزائر يعتز بفلسطين فهو معها ظالمة أو مظلومة لذلك فمسؤولية الجزائر كبيرة”.
وأضاف في تصريح لقناة الشروق الخاصة “ننتظر الدعم المالي الرسمي والشعبي من الجزائر، وننتظر قوافل الإغاثة والمساعدات بأشكالها المختلفة، ونريد من الحراك الجماهيري أن ينشغل بالقضية الفلسطينية”.
ولفت إلى أن “علاقات الجزائر الدولية يجب أن توظفها لصالح القضية الفلسطينية، الجزائر يمكنها أن تفعل الكثير لأن كلمة الجزائر مسموعة في المحافل الدولية”.