قمة جزائرية - تونسية - ليبية في طرابلس يلف الغموض أهدافها

التكتل الجديد يعيد إنتاج أزمة الاتحاد المغاربي نفسها، بتحويله إلى مناسبة لعقد اجتماعات تعتدّ بالاستعراض الإعلامي والسياسي.
الجمعة 2025/03/07
تكتل يعيد انتاج الأزمة ذاتها

الجزائر- عقد وزراء خارجية الجزائر وتونس وليبيا مشاورات بينهم، على هامش القمة العربية الطارئة التي احتضنتها مصر، وذلك من أجل التحضير لقمة رؤساء ستنعقد في طرابلس قريبا، وتجمع كلا من الرئيس الجزائري عبدالمجد تبون والرئيس التونسي قيس سعيد ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، في ظل التساؤل عن جدوى هذه القمة خاصة بعد أن اكتفت خلال مناسبتين سابقتين في الجزائر وتونس ببيانات عامة.

وتسعى الجزائر لجعل اللقاء الثلاثي بديلا عمليا عن اتحاد المغرب العربي، إلا أن هذا التكتل يعيد إنتاج أزمة الاتحاد المغاربي نفسها، أي تحويله إلى مناسبة لعقد اجتماعات تعتدّ بالاستعراض الإعلامي والسياسي دون نتائج على الأرض تستفيد منها دول المنطقة.

وإذا كان اللقاء الثلاثي يسير على خطى الاتحاد المغاربي فما الجدوى من عقد لقاءات دورية، ولماذا تحرص الجزائر على عقده في وضع غير ملائم مثل الوقت الحالي الذي ينشغل فيه العرب بالملف الفلسطيني وتداعيات خطة دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين، وفي ظل غياب أي مبادرات أو مشاريع مشتركة بين البلدان الثلاثة المكونة له.

من الواضح أن هدف الجزائر هو إظهار قدرتها على خلق كيان بديل عن الاتحاد المغاربي من أجل عزل المغرب وهزّ الثقة بين البلدان المغاربية الخمسة، في وقت تغيب فيه موريتانيا، ولا تخفي فيه ليبيا معارضتها لخلق كيان مواز يزيد من حجم التوترات في المنطقة.

وما يلفت الانتباه هو التحضير للقمة الثلاثية على هامش قمة أخرى أكثر أهمية وغاب عنها الرئيس الجزائري بدعوى أن جدول أعمالها (الخطة المصرية) انفردت به دول أخرى، تماما مثل محاولة الجزائر الانفراد باللقاء الثلاثي وتجييره لصالح أجندتها في استهداف المغرب بدل إصلاح الاتحاد المغاربي وتحويله إلى عامل تجميع وتجاوز نقاط الخلاف المعرقلة له.

ويتساءل مراقبون أيهما أهم بالنسبة إلى الرئيس الجزائري، حضور قمة عربية مصيرية تستدعي المشاركة في حسم نقاط الخلاف وإظهار دعم جزائري سخي لخطة إعادة إعمار غزة، أم حضور قمة هامشية؟

وقبل التئام القمة العربية انعقد اجتماع ثلاثي في القاهرة جمع كلاً من وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، ووزير الخارجية التونسي محمد علي النفطي، والوزير المُكلف بتسيير أعمال وزارة الخارجية بدولة ليبيا الطاهر الباعور.

الجزائر تريد إظهار قدرتها على خلق كيان بديل عن الاتحاد المغاربي من أجل عزل المغرب وهزّ الثقة بين البلدان المغاربية الخمسة

وكشف التلفزيون الحكومي في الجزائر عن أن اجتماع وزراء خارجية الجزائر وتونس وليبيا في العاصمة القاهرة خُصص لبحث التحضيرات المُتعلقة بتنظيم القمة الثلاثية المقبلة المقررة في العاصمة الليبية طرابلس.

وذكر أنه “تم الاتفاق على أهم الخطوات والترتيبات الكفيلة بضمان نجاح أشغال هذا الاستحقاق الهام، كما جرى استعراض التقدّم المحرز في تنفيذ مخرجات القمة الثلاثية بين الدول الثلاث، التي عقدت في شهر أبريل من عام 2024 في تونس.”

وكان يُرتقب أن تلتئم القمة المذكورة خلال شهر يناير الماضي، إلا أنها أُرجئت لأسباب غير معلومة، ما فسح المجال للمؤوّلين، بين من يرجح فرضية الخلافات التي لم تعد تسمح باستمرار المبادرة كإطار فضفاض، وبين من يربط التأجيل بالوضع الداخلي في ليبيا.

واتفق قادة الجزائر وتونس وليبيا خلال القمة الأولى على عقد لقاء مشترك كل ثلاثة أشهر، أعقب ذلك اجتماع تأسيسي في تونس (القمة الثانية) خلال أبريل 2024، أثمر عما عرف بـ”وثيقة قرطاج” التي تضمنت جملة من التوصيات، من بينها تشكيل فرق عمل مشتركة لتعزيز أمن الحدود والتصدي للهجرة غير النظامية، إلى جانب إطلاق مشاريع اقتصادية وتنموية مشتركة.

وأحبطت ليبيا خطط الجزائر لجعل التكتل الجديد هيكلا بديلا عن الاتحاد المغاربي، وأرسلت مبعوثين إلى الرباط ونواكشوط لتأكيد تمسكها بالاتحاد المغاربي.

وفي ظل الجدل الذي ثار حول المغزى من بعث التكتل الثلاثي وعلاقته بالمغرب، اضطر وزير الخارجية الجزائري إلى تأكيد أن التكتل ليس “بديلا عن اتحاد المغرب العربي.”

1