قمة بغداد تدعم العراق اقتصاديا وأمنيا لتحقيق السلام في المنطقة

بغداد – اتفق زعماء ورؤساء وملوك الدول المشاركة في قمة بغداد للتعاون والشراكة السبت، على دعم العراق اقتصاديا وأمنيا في مواجهة التحديات الكبرى التي تهدده ولضمان أمن واستقرار المنطقة بأكملها.
جاء ذلك في البيان الختامي للقمة، التي عقدت السبت، وأقر المشاركون فيها بأن المنطقة “تواجه تحديات تقتضي التعاون المشترك على أساس المصالح المشتركة”.
وأكد المشاركون دعمهم استقرار العراق وجهود إعادة الإعمار، معربين عن “وقوفهم إلى جانب العراق حكومة وشعبا”، ومشددين على “ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية بالشكل الذي ينعكس إيجابا على استقرار المنطقة وأمنها بالإضافة إلى تبادل الاستثمار والتعاون لمكافحة جائحة كورونا والأضرار المناخية الخطيرة.”.
وجددوا دعمهم لجهود الحكومة العراقية في تعزيز مؤسسات الدولة وفقا للآليات الدستورية وإجراء الانتخابات النيابية الممثلة للشعب العراقي ودعم جهود العراق في طلب الرقابة الدولية لضمان نزاهة وشفافية عملية الاقتراع المرتقبة”.
وأقر المشاركون في المؤتمر بأن المنطقة تواجه تحديات مشتركة تقتضي تعامل دول الإقليم معها على أساس التعاون المشترك والمصالح المتبادلة ووفقا لمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام السيادة الوطنية.
وأكد وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين في تصريحات صحافية إنه تقرر أن تكون لمؤتمر بغداد استمرارية، ومن المؤمل أن تشارك دول أخرى مستقبلا فيه.
وانعقدت القمة على مدى يوم واحد، في المنطقة الخضراء المحصّنة أمنيا بالعاصمة بغداد، لمناقشة ملفات سياسية واقتصادية وأمنية تتعلق بالعراق والمنطقة.
ويأتي انعقاد القمة الأولى من نوعها في ظرف زمني دقيق يحاول فيه العراق استعادة مكانته في المنطقة، بعد سنوات من الحروب مكنت الميليشيات الموالية لإيران من بسط نفوذها على دواليب الدولة وخلّفت أزمات اجتماعية واقتصادية حادة جعلت البلاد في حاجة ماسة إلى استثمارات ومساعدات.
وفي افتتاح المؤتمر، أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أنه يرفض استخدام العراق ساحة لتصفية الصراعات، مشددا على أنه "لا عودة للعلاقات المتوترة والحروب العبثية".
وفي كلمة بالمناسبة، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن المؤتمر خاص ببناء إرادة التعاون والشراكة وإنهاء الخلافات وسوء الفهم لتحقيق السلام.
وأوضح "نحن هنا من أجل دعم أمن واستقرار العراق.. فرنسا ستبقي على دعم بغداد في المهام القتالية للحرب ضد الإرهاب في إطار التحالف الدولي".
وأضاف أن "من مصلحة الجميع مواكبة الإصلاحات الاقتصادية في العراق، وباريس ستدعم بغداد في المشروعات الصحية والطاقة والتعليم، بهدف تعزيز استقرارها".
وكان الرئيس الفرنسي أول الواصلين إلى العراق للمشاركة في أعمال القمة التي تعقد وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة.
بدوره، شدّد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، على "أهمية تعزيز الحوار الإقليمي والدولي من خلال سياسة التوازن والانفتاح المبنية على القواسم المشتركة".
واعتبر أنّ "دعم العراق هو أولويتنا جميعا.. ندعم الحكومة العراقية لمكافحة الإرهاب ومساعيها لإعادة الإعمار وإرساء الاستقرار".
ودعا إلى إرساء الشراكة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وفتح الباب أمام التكامل الاقتصادي والتجاري والصناعي لتحقيق مصلحة الجميع.
ويشارك في القمة العراقية أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بعد سنوات من الغياب على الاجتماعات العربية المشتركة إثر المقاطعة الخليجية والعربية لبلاده منذ 2017 والتي انتهت في 5 يناير الماضي، في القمة الخليجية الـ41 بمدينة العلا شمال غربي السعودية.
ومنذ إعلان المصالحة، تبذل مصر والإمارات من جانب، وقطر من جانب آخر، جهودا لتطوير العلاقات، بعد سنوات على قطيعة شملت غلق الأجواء وقطع العلاقات.
والتقى أمير قطر على هامش القمة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ونائب رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
وذكرت الرئاسة المصرية أن الزعيمين اتفقا على أهمية مواصلة التشاور والعمل من أجل دفع العلاقات بين البلدين خلال المرحلة المقبلة، فضلا عن استمرار الخطوات المتبادلة بهدف استئناف مختلف آليات التعاون الثنائي.
وقال أمير قطر في كلمة بالقمة إن المنطقة تمرّ بتحديات وأزمات تشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين، معتبرا أن العراق مؤهل للقيام بدور فاعل لبناء السلم في المنطقة.
وأضاف أن "أمن واستقرار العراق جزء من أمن واستقرار دول المنطقة"، معلنا دعم بلاده للمؤسسات الرسمية في العراق وحصر السلاح بيد الدولة.
بدوره طالب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بـ"تدشين مرحلة جديدة من التعاون الإقليمي"، مؤكدا أن بلاده ستواصل دعم ومساندة الحكومة العراقية لتحقيق الاستقرار.
واعتبر السيسي في كلمته، أن العراق قادر بجدارة على إنجاز الاستحقاق الانتخابي في أكتوبر المقبل.
أما رئيس الوزراء الكويتي صباح خالد الصباح، فقد أكد أن "المنطقة لن تنعم بالاستقرار طالما العراق يفتقده، وباستقرار بغداد يستتب أمن المنطقة ويتم تعزيز فرص التكامل الاقتصادي".
وشدد الصباح بالقول "علينا ترسيخ سيادته (العراق) واستقلاله وعدم التدخل بشؤونه الداخلية".
وألقت تطورات الوضع في أفغانستان بظلالها على أشغال القمة خاصة مع بروز تنظيم الدولة الإسلامية والمخاوف من تصاعد نفوذه مجددا في المنطقة، بعد أن تمّ دحره في العراق في 2017 وفي سوريا في 2018 بدعم من تحالف دولي بقيادة أميركية.
وسعت بغداد من خلال قمة السبت إلى "نزع فتيل التوتر" بين طهران والرياض اللتين قطعتا علاقاتهما الدبلوماسية منذ العام 2016. وكانت قد احتضنت مباحثات مباشرة سرية في أبريل الماضي، بين مسؤولي البلدين.
وفي هذا السياق، رأى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، أن "تغيرات المنطقة تستوجب تنسيقا مشتركا بين الدول، وترسيخ الاستقرار الإقليمي يستلزم وجود عراق آمن".
وعلى الجانب الآخر، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إن "أمن المنطقة لن يستتب إلا بالثقة المتبادلة بين دولها"، داعيا إلى الحوار بين دول المنطقة بعيدا عن التدخلات الأجنبية.
وأشار الوزير الإيراني إلى ترحيب بلاده بدور العراق في إشاعة لغة الحوار بالمنطقة، مؤكدا أن بغداد تلعب دورا مهما في المنطقة.
وأكد وزير الخارجية العراقي أن "اللقاءات السعودية ـ الإيرانية قد بدأت في بغداد ومستمرة، وستستمر"، مردفا "ما فهمناه من الطرفين أن لديهما رغبة كبيرة للوصول إلى نتائج إيجابية لحل المشكلات العالقة بين البلدين".