قمة العلمين: غياب موقف من التطبيع بين السعودية وإسرائيل لا يبدّد القلق

العلمين (مصر)- قالت مصادر سياسية مصرية لـ”العرب” إن “غياب ملف التطبيع بين السعودية وإسرائيل عن البيان الختامي الصادر عن قمة العلمين التي عقدت الاثنين بين مصر والسلطة الفلسطينية والأردن لا يلغي مناقشته باستفاضة في الغرف المغلقة”، لافتة إلى أن انعقاد القمة المفاجئ لم يكن هناك ما يبرره سوى المعلومات المتداولة حول التحركات الخاصة بهذا الملف واحتمال دخول الرياض في علاقات دبلوماسية متطورة مع إسرائيل.
وكشفت المصادر المصرية أن القمة التي استضافها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بحضور العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ناقشت تداعيات ملف التطبيع الذي يتم التجهيز له في سرية تامة بين السعودية وإسرائيل، بوساطة أميركية، ومدى تأثير الخطوة على بعض التفاعلات الإقليمية، وفي القلب منها القضية الفلسطينية التي تتعرض للمزيد من التآكل.
◙ التطبيع السعودي - الإسرائيلي يُفقد مصر والأردن والسلطة الفلسطينية مركزية التعامل مع إسرائيل
ويُفقد التطبيع السعودي – الإسرائيلي مركزية الدول الثلاث في التعامل مع إسرائيل. وتتحسب هذه الأطراف كثيرا للتوازنات الناجمة عن هذه الخطوة وروافدها المتعددة، باعتبار أن مصر والأردن والسلطة الفلسطينية كانت أول من وقع على اتفاقيات سلام مع إسرائيل بالترتيب، ومن غير المستبعد أن يؤدي توسع إسرائيل في منهج التطبيع، أو ما يسمى بـ”الاتفاقيات الإبراهيمية”، مع عدة دول عربية إلى تقويض أدوار الأطراف الثلاثة في المنطقة، وبموجب ذلك ربما يفقدون المزايا النوعية التي حصلوا عليها نتيجة رعايتهم وانخراطهم المستمر في مفاصل القضية الفلسطينية منذ عقود.
وتواجه هذه القضية تحديات مصيرية عقب تصاعد أدوار المتطرفين في إسرائيل واستجابة الحكومة لهم بهدم القواعد التي يمكن أن تُطلَق منها الدولةُ الفلسطينية المتخيلة في عقول الجهات الثلاث، ومن هنا يأتي تخوّفهم من تصاعد وتيرة التطبيع.
وكلما تقدمت إسرائيل في ملف التطبيع مع دول عربية أبدت مصر والأردن والسلطة الفلسطينية مخاوف من حدوث تحولات كبيرة في إدارة الصراع مع إسرائيل، وطبيعة الأدوار التي يقوم بها كل طرف.
ويفضي تبني مقاربة جديدة تحيّد التسوية السياسية النهائية للقضية الفلسطينية أو تتخطى ركائزها إلى تغيير الطريقة المألوفة التي تتعامل بها القاهرة مع تطورات هذه القضية، ويمكن أن تحدث تغييرا أيضا في المعادلة التي انخرطت فيها عمّان منذ عقود وتمنحها يدا طولى في الإشراف على الأماكن المقدسة في القدس، كما تنزع ما تبقى من دور هامشي يقوم به محمود عباس حاليا.
وأشار البيان الختامي للقمة الثلاثية إلى بحث تطورات القضية الفلسطينية في ضوء المستجدات على أرض دولة فلسطين، والأوضاع الإقليمية والدولية المرتبطة بها، متجاهلا الحديث مباشرة عن التطورات السعودية – الإسرائيلية.
وذكرت المصادر العربية أن العاهل الأردني سيقوم بزيارة إلى واشنطن قريبا وسيلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن، حاملا معه رسالة القمة الثلاثية المتعلقة بالحفاظ على ثوابت القضية الفلسطينية ورفض ما تتبناه الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل من تصورات تهدم الكثير من أسس القضية، وأهمية ألا يُنسي التطبيع واشنطن الحيوية التي لا تزال تحتفظ بها هذه القضية في أمن واستقرار المنطقة.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب إن “التقارير التي تثار في وسائل الإعلام بشأن ملف التطبيع بين السعودية وإسرائيل تؤكد أن هناك حدثا مهما دفع الرئيس الفلسطيني إلى الذهاب إلى الأردن ثم مصر والاتفاق على القمة الثلاثية، وهو ما يعني أن هذا الملف كان حاضرا بقوة”.
وأضاف لـ”العرب” أن “الرياض تصر على أن تكون فلسطين حاضرة في أي مناقشة من مناقشات تطوير علاقاتها مع إسرائيل، ولن تنسى أن المبادرة العربية للسلام جاءت من قِبَلها منذ حوالي عقدين ولا يجوز أن تنقلب عليها وتتجاهل القضية الفلسطينية في تحركاتها”.
ولفت إلى أن “السعودية لديها رؤية سياسية ومصالح متداخلة ومتشابكة ومتشعبة تفرض عليها إقامة توازنات تمكنها من أن تكون فاعلا في الإقليم دون استسلام لأي توجه إسرائيلي متطرف، ولذلك من المهم فهم التطور المتوقع في ملف التطبيع ضمن سياقات سعودية بالدرجة الأولى وحسابات قيادتها في تبنّي تصورات عقلانية ومتقدمة”.
وأكد البيان الختامي لقمة العلمين على الأولوية التي تمنحها الدول الثلاث للمرجعيات القانونية الدولية والعربية لتسوية القضية الفلسطينية، وضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ضمن جدول زمني واضح، واستعادة الشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة، بما في ذلك حقه في تقرير المصير، وتجسيد دولته المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الشرعية الدولية، وتحقيق حل الدولتين وفق المرجعيات المعتمدة.