قمة السلام في القاهرة.. قمة رفع العتب ومنع الانتشار

مصر تراهن على القمة لتخفيف الضغوط داخليا وخارجيا.
السبت 2023/10/21
تأييد لغزة أم تأييد منع عبور الغزيين إلى مصر

القاهرة - لا يتوقع الفلسطينيون من قمة السلام التي تحتضنها مصر السبت أن تتوصل إلى نتائج ملموسة في ظل المزاج الإسرائيلي والأميركي والغربي عموما الذي يدفع نحو التصعيد واستبعاد خيار وقف إطلاق النار في حرب غزة في الوقت الراهن، ما يجعل أي مساع للتهدئة تتبناها القمة غير ذات جدوى.

ويرى مراقبون أن قمة السلام في القاهرة تبدو أقرب إلى قمة رفْع العتب عن المشاركين فيها، خاصة المسؤولين العرب، الذين لا يريدون إثارة غضب الولايات المتحدة من ناحية ويسعون من ناحية ثانية إلى إظهار دعمهم للفلسطينيين وتهدئة غضب الشارع في الداخل.

عادل العمدة: مصر تعوّل على تكثيف الضغوط الدولية على إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة للوصول إلى التهدئة وحلحلة الأزمة الراهنة
عادل العمدة: مصر تعوّل على تكثيف الضغوط الدولية على إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة للوصول إلى التهدئة وحلحلة الأزمة الراهنة

واستبق رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إطار القمة بوضع الهدف الحالي للسياسة الغربية المؤيدة لإسرائيل والمتمثل في احتواء الصراع داخل غزة ومنع انتشاره. وقال مكتب رئيس الوزراء البريطاني الذي يزور القاهرة ضمن جولة في المنطقة إنه والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اتفقا الجمعة على ضرورة بذل زعماء العالم كل ما في وسعهم لتجنب انتشار الصراع في الشرق الأوسط. وذكر المكتب عقب اجتماع بينهما في القاهرة أن سوناك رحب أيضا بالجهود التي تبذلها مصر لإعادة فتح معبر رفح الحدودي مع غزة في أقرب وقت ممكن.

ويبدو أن هدف الجهود الدبلوماسية التي يقوم بها الغرب هو إطلاق سراح رهائن غربيين محتجزين في غزة قبل انطلاق العملية البرية، كما بينت التصريحات الأميركية والفرنسية.  وتظاهر الجمعة الآلاف في مدن عديدة في العالم العربي، من مصر إلى تونس وليبيا والعراق والبحرين، تضامنا مع قطاع غزة، في وقت تتخوف فيه الدول العربية من أن يوفر التصعيد العسكري فُرصة أمام التيارات الإسلامية المتعددة للعودة إلى الواجهة.

وتراهن مصر على أن القمة ستخفف عنها الضغوط وتظهرها بمظهر البلد الذي مازال يمتلك تأثيرا دبلوماسيا في القضايا الإقليمية، خاصة في ظل الحديث عن مشاركة صينية وروسية في القمة. وستكون الأعين مصوبة نحو مشاركة الإمارات والسعودية في القمة، وعلى أي مستوى، فوجودهما يمنح القمة بعدا آخر بسبب دورهما الإقليمي المؤثر، وعلاقتهما بالولايات المتحدة بدرجة أولى.

وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اجتمعا الجمعة، وذلك على هامش قمة دول الخليج ودول آسيان التي دعت إلى وقف إطلاق نار دائم والإفراج الفوري عن الرهائن والمحتجزين المدنيين وإنهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني بواسطة حل الدولتين.

وتمثل قمة السلام فرصة لكل من الصين وروسيا لإظهار تأثيرهما في المنطقة وإكساب دورهما الاقتصادي والعسكري غطاء دبلوماسيا.

وأعلنت وزارة الخارجية الصينية الجمعة أن المبعوث الصيني المعني بقضايا الشرق الأوسط تشاي جون سيحضر القمة، وسيمثل روسيا الممثل الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين للشرق الأوسط وأفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف.

◙ الأعين مصوبة نحو مشاركة الإمارات والسعودية، فوجودهما يمنح القمة بعدا آخر بسبب دورهما الإقليمي المؤثر

وستوفر القمة فرصة للقاهرة لتجديد دعوتها إسرائيل إلى قبول دخول المساعدات وإنجاد المدنيين بالغذاء والماء والدواء، وكذلك رفض مصر فكرة التهجير ودفع الآلاف من الفلسطينيين إلى أراضيها. لكن المسؤولين المصريين يعرفون أن لا شيء يمكن أن يمضي دون موافقة أميركية وإسرائيلية وأن الخطب التي ستُلقى في القمة وبيانها الختامي لا معنى لهما ولا تأثير طالما أن إسرائيل تتمسك باستمرار الحرب وحصار غزة ودفع سكانها إلى الاتجاه جنوبا نحو الحدود مع مصر.

وقال المستشار في الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والإستراتيجية اللواء عادل العمدة إن "الموقف الأميركي المساند لإسرائيل والمناهض للجهود المصرية الراهنة، وعلى رأسها قمة السلام، أمر متوقع لأن هدفها وقف الحرب الجارية على غزة، ولذلك تريد القاهرة وضع العالم أمام مسؤولياته من خلال جمع أكبر عدد من زعماء وممثلي الدول التي تشارك في المؤتمر".

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “مصر تعوّل على حضور منظمات دولية، بما فيها الأمم المتحدة، في القمة بحثًا عن إمكانية التوافق على تكثيف الضغوط الدولية على إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة للوصول إلى التهدئة وحلحلة الأزمة الراهنة، وبما يسمح بدخول المساعدات الإنسانية”.

ومثلت القاهرة خلال الأيام الماضية وجهة للكثير من الدبلوماسيين الغربيين، الذين يظهرون دعما صريحا لإسرائيل وفي الوقت نفسه يصدرون إشارات إلى دعمهم فتح معبر رفح والسماح بدخول المساعدات.

ولفت العمدة إلى أن مواقف العديد من الدول الغربية ليست إيجابية وهناك تشجيع لإسرائيل على الاستمرار في ممارساتها المتطرفة ضد الشعب الفلسطيني، وهو ما سيزيد الأمور تعقيدا في الفترة المقبلة. وتستهدف مصر من قمة السبت إيصال رسالة إلى العالم مفادها أنها قدمت كل ما تستطيع فعله كي تأخذ زمام المبادرة نحو السلام، وأنها وقفت في وجه استمرار تصاعد الحرب واتساعها في المنطقة.

ويُتوقع أن يحضر القمة كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والعاهل الأردني عبدالله الثاني، والعاهل البحريني الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح.

وأكد مساعد وزير الخارجية المصري سابقا السفير حسين هريدي أن قمة السلام لا تنسجم مع الموقفين الأميركي والإسرائيلي الساعيين إلى استمرار الحرب وتنفيذ مخططات تهجير أهالي غزة إلى سيناء، لكن القاهرة لديها أهداف رئيسية من القمة تتمثل في الدعوة الواسعة إلى وقف إطلاق النار وتفويت الفرصة على المخططات الإسرائيلية وسرعة إدخال المساعدات، على أن يكون وصولها إلى أهالي القطاع بصورة مستدامة، والتأكيد على أهمية إيجاد تسوية سياسية للقضية الفلسطينية ووأد محاولات تصعيد الموقف الراهن في منطقة الشرق الأوسط.

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن إسرائيل لن تكون حاضرة في القمة، كما أن حضور الولايات المتحدة مازال محل شك وعلى أقصى تقدير تبعث أحد مسؤولي سفارتها في القاهرة، وإن كان تمثيلها أعلى من ذلك فلن يكون مؤثرا طالما أنها قررت منح الضوء الأخضر لإسرائيل لتستمر في عدوانها على غزة، وأن فاعلية الحضور الأميركي بشأن خيار السلام يمكن أن تكون ملموسة حينما تتغير مواقف الولايات المتحدة.

اقرأ أيضا:

مأساة غزة تُختزل في المساعدات

الضفة الغربية.. جبهة ثالثة محتملة في حرب أوسع

تطبيق إخباري في أوروبا يتلاعب بأخبار الحرب في غزة

1