"قمة الإعلام العربي".. أجندة حافلة بالموضوعات مع التركيز على الذكاء الاصطناعي

تقرير "نظرة على الإعلام العربي" يقدم أدوات استشرافية لصنّاع القرار والمهنيين.
الأربعاء 2025/05/28
حدث إعلامي مرموق

تجمع قمة الإعلام العربي في دبي الآلاف من المتخصصين من مختلف المؤسسات الإعلامية وصناع القرار في منصة حوارية لمناقشة جميع القضايا والتحديات التي تواجه الإعلام، خصوصًا الذكاء الاصطناعي وأدواته وطريقة التعامل معه.

دبي – توافد الآلاف من الإعلاميين وصناع المحتوى ورؤساء وقادة المؤسسات الإعلامية ونخبة من المفكرين والكتّاب والمبدعين على مدينة دبي للمشاركة في الدورة الثالثة والعشرين من قمة الإعلام العربي وذلك ضمن أجندة حافلة تسلط الضوء على أبرز القضايا الإعلامية الراهنة مع اهتمام بالذكاء الاصطناعي.

ويشمل برنامج القمة الممتدة حتى اليوم 28 مايو في مركز دبي التجاري العالمي أكثر من 175 جلسة رئيسية وما يزيد على 35 ورشة عمل تقدمها كبرى المؤسسات الإعلامية والمنصات الرقمية العالمية.

وقالت مريم الملا مديرة نادي دبي للصحافة بالإنابة المنظم للقمة، في تصريحات تلفزيونية “الحضور فاق ثمانية آلاف مشارك، عندنا أكثر من 200 شخصية إعلامية من الخارج.” وأضافت “الأجندة حافلة بالموضوعات المختلفة وبالشخصيات الإعلامية المؤثرة والهامة” مشيرة إلى أن ملف الذكاء الاصطناعي يشغل حيزا كبيرا من الجلسات والنقاشات.

منى غانم المري: الفرص لا تُنتظر بل تُصنع ويجب التفكير خارج الصندوق
منى غانم المري: الفرص لا تُنتظر بل تُصنع ويجب التفكير خارج الصندوق

ومن بين المتحدثين في القمة كريس ماك مدير إدارة الإبداع بمنصة نتفليكس، وعبدالله أبودياك مدير التطوير في سكاي نيوز عربية، وماجد السويدي مدير عام مدينة دبي للإعلام، وتميم فارس مدير عام منصة ديزني بلس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وقالت منى غانم المري رئيسة اللجنة التنظيمية لقمة الإعلام العربي إن اليوم الأول يركز على “المنتدى الإعلامي العربي للشباب” الموجه بشكل رئيسي إلى طلبة وطالبات الإعلام في المنطقة.

وأضافت المري أن اليوم الثاني يشمل “منتدى الإعلام العربي” الذي انطلق لأول مرة قبل 23 سنة وتشمل جلساته هذه السنة حوارات سياسية واقتصادية وثقافية.

وشدّدت على أهمية تحلي الشباب بالشغف والمثابرة والصبر، مشيرة إلى أن الفرص لا تُنتظر بل تُصنع، وقالت إن التفكير خارج الصندوق والقدرة على قراءة وتحليل المشهد الإعلامي هي أدوات جوهرية لصناعة الفرص اليوم في ظل منافسةٍ قوية.

ويشهد اليوم الثالث والأخير تكريم الفائزين بجائزة “رواد التواصل الاجتماعي العرب” التي تقدم في 12 فئة للنماذج الملهمة التي سخرت أدوات الإعلام الرقمي لخدمة مجتمعاتها.

وشهدت فعاليات اليوم الأول جلسة حوارية، بمناسبة إطلاق النسخة المطوّرة من تقرير “نظرة على الإعلام العربي.. رؤية مستقبلية”، في خطوة تعكس التزام دبي بتعزيز البيئة الإعلامية العربية وتقديم أدوات استشرافية لصنّاع القرار والمهنيين في هذا القطاع الحيوي.

ويُعد التقرير الذي أعده نادي دبي للصحافة، بالتعاون مع مدينة دبي للإعلام وشركة “إستراتيجي”، مرجعاً إستراتيجياً يقدّم رؤى تحليلية معمقة حول التحولات الجذرية التي يشهدها الإعلام العربي، مدفوعاً بتسارع التطور التكنولوجي وظهور نماذج جديدة لصناعة المحتوى والتفاعل الجماهيري.

وتشير التقديرات الواردة فيه إلى نمو سوق الإعلام بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من 17 مليار دولار في 2024 إلى 20.6 مليار دولار بحلول عام 2028.

وناقش المشاركون أبرز ما ورد في التقرير من محاور، مؤكدين أهمية تبنّي إستراتيجيات إعلامية قائمة على البيانات والابتكار لضمان استدامة القطاع ومواكبته للتغيرات المتسارعة.

وقال ماجد السويدي إن إطلاق التقرير يعكس رؤية دبي في بناء صناعة إعلامية عصرية، حيث يمثل خطوة نوعية تعزز من جاهزية القطاع الإعلامي في المنطقة لمواجهة التحديات واقتناص الفرص، بتحليل معمّق للاتجاهات التي تعيد تشكيل الصناعة الإعلامية، بدءاً من المحتوى الرقمي والإعلانات ووصولا إلى النشر والألعاب الإلكترونية.

من جهته، أكد راشد المري مدير إدارة البحوث والتحليل الإعلامي بالمكتب الإعلامي لحكومة دبي، على أهمية التقرير في توجيه السياسات الإعلامية نحو نماذج أكثر مرونة وابتكاراً، موضحاً أن أهم ما يميز تقرير هذا العام هو تركيزه على الألعاب الإلكترونية وأدوات الذكاء الاصطناعي، كما يشمل تجارب لصناعة المحتوى من دول عديدة حول العالم.

التقرير لا يكتفي برصد التحولات، بل يقدم أدوات تفكير إستراتيجي لأصحاب القرار في القطاع

وأوضح أن القنوات الرقمية حققت انتشاراً واسعاً، على حساب القنوات التقليدية، غير أن هذه المنصات الرقمية تواجه العديد من التحديات مثل الافتقار إلى المصداقية، على العكس من القنوات الرسمية التي تحظى بالثقة والمصداقية بين الجمهور، مشيراً إلى أنه لوحظ في الفترة الأخيرة أن الجمهور بدأ يتجه تدريجيا نحو القنوات التقليدية للحصول على المعلومات الموثوقة.

بدوره، قال طارق مطر وهو شريك في “إستراتيجي”، إن الهدف من التقرير هو المساهمة في الارتقاء بمختلف قطاعات الإعلام العربي، استناداً إلى العديد من نقاط القوة التي تميز تلك القطاعات مثل البنية التحتية القوية والإنتاج المتميز والحوافز التي توفرها دول المنطقة لاستقطاب الشركات والأفراد، للعمل في هذا القطاع الحيوي، إضافة إلى التطورات التكنولوجية المتسارعة في العالم العربي.

واعتبر أن التقرير لا يكتفي برصد التحولات، بل يقدم أدوات تفكير إستراتيجي لأصحاب القرار في القطاع، مشدداً على أن نجاح الإعلام العربي في المرحلة المقبلة مرهون بالقدرة على قراءة المؤشرات بدقة وبناء قرارات مدعومة بالبيانات الموثوقة.

ويقدم التقرير تحليلاً متكاملاً لخمسة قطاعات رئيسية في الصناعة الإعلامية، تشمل الفيديو والصوتيات والنشر والإعلانات والألعاب الإلكترونية، كما يتناول دور الذكاء الاصطناعي المتنامي في تطوير تجارب المستخدمين وتخصيص المحتوى وكتابة الأخبار، وإنتاج الإعلانات.

وخلال جلسة حوارية تحت عنوان “السرد الإقليمي في الإعلام العالمي”، استعرض توماس خوري، المدير العام لشركة كوندي ناست الشرق الأوسط، مكانة السرد الإقليمي في المشهد الإعلامي العالمي، والتحديات التي تواجهه، وآفاق تطويره، وأدارت الجلسة حمدة النجار تنفيذي أول إدارة المشاريع بمجلس دبي للإعلام.

وقدّم توماس خوري رؤية تحليلية معمّقة حول كيفية بناء سرد إقليمي قادر على الوصول إلى المنصات العالمية، مشيراً إلى أن التحدي الحقيقي يكمن في تقديم القصص المحلية برؤية عالمية دون فقدان الهوية الثقافية.

وشدد على التزام الشركة بإنتاج صحافة عالية الجودة ورواية قصص مؤثرة تلبّي تطلعات الجمهور في الشرق الأوسط مؤكدا أن تأسيس مقر إقليمي متكامل لشركة كوندي ناست في الإمارات يعكس رؤية الشركة في مواءمة إستراتيجياتها مع طموحات الدولة المستقبلي.

وأكد خوري أن “المنطقة العربية غنية بسرديات إنسانية وثقافية عميقة، لكنّ تقديمها بشكل يصل إلى الجمهور العالمي يتطلب أدوات جديدة، تبدأ من فهم الجمهور المستهدف ولا تنتهي عند الشكل البصري للسرد،” مشدداً على “أهمية توظيف التكنولوجيا والتقنيات الرقمية، إلى جانب الشراكات الدولية لتعزيز الحضور الإعلامي للمنطقة على الساحة الدولية.”

أكثر من 175 جلسة رئيسية وما يزيد على 35 ورشة عمل تقدمها كبرى المؤسسات الإعلامية والمنصات الرقمية العالمية

كما أشار إلى أن هناك تحولاً ملحوظاً في اهتمام وسائل الإعلام العالمية بالمحتوى القادم من الشرق الأوسط، لاسيما مع صعود المواهب الإعلامية الشابة، وتزايد الاستثمار في الصناعات الإبداعية، مؤكداً أن المرحلة المقبلة تتطلب إنتاج محتوى أصيل يرتكز على العمق المحلي.

وأكدت جلسة “البودكاست يسبق الهواء”، والتي عقدت في سياق أجندة اليوم الأول للمنتدى الإعلامي العربي للشباب، على ضرورة العمل على تطوير برامج البودكاست كصناعة إعلامية إماراتية تسهم في دعم مسيرة التطور الإعلامي عالمياً، مع تشجيع الكوادر الإعلامية الإماراتية على إطلاق محتوى صوتي إبداعي ينطلق من الإمارات إلى العالم.

وتناولت الجلسة أبرز التحديات التي يواجهها صانع المحتوى الصوتي أو البودكاست، وأكد المشاركون أن البودكاست نجح في تحرير المادة الإعلامية من سياسة الإعلام التقليدي الصارمة، وجعلها أقرب من كل الفئات الاجتماعية، حيث يقدم المعلومة بتلقائية من دون كلفة.

وتحدثت الكاتبة والإعلامية منى الرئيسي عن تجربتها الشخصية وإستراتيجياتها لتحقيق النجاح في صناعة المحتوى الرقمي، مؤكدة أنها وضعت لنفسها أهدافاً ظهرت في البداية بعيدة المنال، لاسيما بعد الانتقال من رئاسة التحرير إلى صناعة البودكاست، حيث وضعت أهدافاً طويلة المدى متحلية بالمثابرة، وقالت “إننا نحوّل الصوت إلى قوة دافعة في استهلاك وسائل الإعلام، وأصبحت هناك منصات لا غنى عنها للمبدعين للوصول إلى الجماهير.”

وذكرت أن “صناعة البودكاست تشهد تطوراً ملحوظاً، مدفوعاً بزيادة الطلب على المحتوى الصوتي المتنوع؛ لذلك فإنه ليس بالضرورة أن كلّ مبادرة أو فكرة تشبه الخارج، بل يُمكننا أن نخلق مدرسة خاصة بنا في ظل وجود كوادر إماراتية قادرة على الوصول إلى العالمية.”

من جهته، قال حسن الشيخ الإعلامي في قناة العربية إن التحول من التلفزيون إلى “البودكاست”، كان تحدياً كبيراً، إذ إن هناك تفاعلاً جماهيرياً مع البودكاست أكبر بكثير من برامج الإعلام التقليدي، حيث وجد الجمهور في البودكاست مساحة أكثر عمقاً وتفصيلاً.

وأضاف “قبل 10 أو 15 عاماً كانت صناعة المحتوى حبيسة البرامج التلفزيونية، لكن مع دخول البودكاست فقد كسر احتكار المؤسسات التقليدية للمعلومات، وفتح المجال أمام الأفراد والجماعات لإيصال أصواتهم دون قيود زمنية أو تحريرية صارمة.”

وتطرقت النقاشات إلى تجارب المشاركين في بناء منصاتهم الرقمية، وكيفية الحفاظ على الأصالة والمصداقية في المحتوى، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بالاستمرارية، والتعامل مع التغيرات المستمرة في مشهد المنصات الاجتماعية.

5