قمة أردنية-سعودية لتنسيق المواقف ومواجهة أزمات المنطقة وتحديات الاقتصاد

الرياض/عمان - يبدأ العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني اليوم الأربعاء زيارة عمل إلى المملكة العربية السعودية، يرافقه ولي عهده الأمير الحسين، وذلك في خضم تحولات جيوسياسية عميقة تعصف بمنطقة الشرق الأوسط.
وهذه الزيارة، التي تأتي في لحظة دقيقة، تحمل في طياتها دلالات استراتيجية واقتصادية بالغة الأهمية، ليس فقط للبلدين، بل للمنطقة بأسرها.
جاء في بيان مقتضب صادر عن الديوان الملكي الأردني، أن "الملك عبدالله الثاني غادر أرض الوطن متوجها إلى المملكة العربية السعودية في زيارة عمل".
وأشار البيان إلى أن ولي عهده الأمير الحسين يرافقه في هذه الزيارة التي لم يتم الإعلان عن مدتها.
كما لم يحدد البيان برنامج الزيارة، لكن توقيتها يشير إلى أنها تأتي في سياق إقليمي بالغ التعقيد، فاستمرار حرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتصاعد الانتهاكات في الضفة الغربية، بما فيها القدس، يضعان المنطقة أمام تحديات وجودية تتطلب تنسيقًا عربيًا مكثفًا.
وقد سبقت هذه القمة المرتقبة في الرياض سلسلة من المباحثات المكثفة التي أجراها العاهل الأردني في العاصمة عمان الثلاثاء مع وفدين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة وفرنسا. وقد تركزت هذه اللقاءات على بحث آخر مستجدات الأوضاع الإقليمية المعقدة والجهود الدبلوماسية المبذولة لوقف آلة الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة.
وخلال هذين الاجتماعين المنفصلين، أكد الملك عبدالله الثاني بلهجة قاطعة رفض بلاده المطلق "لأية محاولات مشبوهة ترمي إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا من أراضيهم في الضفة الغربية وقطاع غزة".
وتتزامن هذه الزيارة مع تصاعد وتيرة العنف في الضفة الغربية، حيث يشن الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءات متزايدة، مما أدى إلى سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمعتقلين الفلسطينيين. هذا الوضع المتفجر يضيف بعدًا جديدًا إلى أهمية التنسيق الأردني السعودي، خاصة في ظل الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل في عدوانها على غزة.
وتضع التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، من تراجع النفوذ الإيراني إلى إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية، الأردن والسعودية في موقع قيادي محوري. فكلاهما يدرك أن التعاون الوثيق هو السبيل الأمثل لمواجهة هذه التحديات، والحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
لا تقتصر أهمية هذه الزيارة على الجانب السياسي فحسب، بل تتعداه إلى الجانب الاقتصادي. فالأردن، الذي يواجه تحديات مالية متزايدة، يسعى إلى تأمين دعم اقتصادي إضافي من المملكة العربية السعودية.
ومن المتوقع أن تتضمن المباحثات ملفات التعاون الاقتصادي، والاستثمارات السعودية في مشاريع البنية التحتية والطاقة، والتنسيق في مشاريع إقليمية كبرى، مثل الممر البري العربي.
أما بالنسبة إلى السعودية، فإن دعم استقرار الأردن يمثل مصلحة استراتيجية، حيث يعتبر الأردن حليفا رئيسيا في مواجهة التحديات الإقليمية. كما أن تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين يساهم في تحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي، ويعزز من مكانة البلدين في المنطقة.
ومن المتوقع أن تتناول المباحثات أيضًا التحديات التي تواجه الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس. هذه القضية تحظى بأهمية قصوى بالنسبة للأردن، وتتلاقى مع مواقف السعودية الداعمة لعدم المساس بالوضع القانوني والتاريخي للقدس.
وتمثل هذه الزيارة قمة استراتيجية في وقت حرج، حيث يسعى الأردن والسعودية إلى تعزيز شراكتهما لمواجهة التحديات الإقليمية والاقتصادية المتصاعدة، وترسيخ الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.