قلق في كردستان العراق من تلكؤ استئناف تصدير النفط المنتج في حقول الإقليم

تأجيل التعافي المالي المأمول والتأثير على حالة الوفاق الناشئة بين بغداد وأربيل.
السبت 2025/03/22
متى موعد فتح الحنفية

التأخير في تنفيذ ما تم التوصل إليه من توافقات بشأن إعادة تصدير النفط المنتج من حقول إقليم كردستان العراق يعني تواصل الخسائر المترتبة للإقليم عن توقف ضخ الخام عبر خط كركوك – ميناء جيهان التركي، كما يعني بالنتيجة تأجيل تعافيه الاقتصادي والمالي الأساسي لاستقرار أوضاعه الداخلية وأيضا لاستقرار علاقة سلطاته بالسلطة الاتحادية العراقية.

أربيل (كردستان العراق)- أدى التلكؤ في استئناف تصدير النفط من إقليم كردستان العراق إلى تراجع الآمال بتحقيق تحسّن سريع في الوضع المالي للإقليم الذي عانى خلال الفترة الماضية صعوبات مالية أثّرت على الوضع الاجتماعي لسكّانه، كما لم تكن من دون تأثير على علاقة سلطاته بالسلطة الاتحادية العراقية كون قوى متنفذة في تلك السلطة كانت وراء تلك الصعوبات بممارستها ضغوطا على حكومة رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني ودفعها للتشدّد بشأن حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية ودفع رواتب موظفيه.

وأعلن مايلز كاغينز المتحدث باسم رابطة صناعة النفط في كردستان عدم التوصل بعد إلى أيّ اتفاق بشأن استئناف تصدير النفط، وذلك تزامنا مع دعوة وزارة الخارجية الأميركية للعراق إلى التوصل إلى اتفاق لحل هذه القضية. وأشار في تصريحات لوسائل إعلام محلية إلى وجود حاجة إلى المزيد من الاجتماعات بشأن الملف.

علي المشكور: لا تاريخ محددا لاستئناف التصدير ولا بوادر لحل قريب
علي المشكور: لا تاريخ محددا لاستئناف التصدير ولا بوادر لحل قريب

وخسر الإقليم بتوقّف صادرات النفط المنتج في حقوله عبر خطّ كركوك – ميناء جيهان التركي منذ مارس 2023 إثر صدور الحكم في دعوى قضائية أقامتها الحكومة الاتّحادية أمام المحكمة الدولية في باريس الملايين من الدولارات يوميا ما أثّر بشكل واضح على قدرة حكومته على الإيفاء بالتزاماتها تجاه السكان، في وقت ضغطت فيه الأحزاب والفصائل الشيعية المشاركة في تشكيل حكومة رئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني باتجاه التشدّد في تمكين الإقليم من حصته من الموازنة الاتحادية وتحويل المبالغ المخصصة لصرف الرواتب، مثيرة شبهات وجود مخالفات في تصريح الإقليم بموارده وتلاعب سلطاته بقوائم الموظفين وبطريقة صرف رواتبهم.

وشهدت قضية استئناف التصدير قفزة نوعية باتجاه الحل عندما توصّل البرلمان العراقي في فبراير الماضي إلى تمرير تعديل بقانون الموازنة تعلق بتحديد سعر لبرميل النفط المنتج في حقول إقليم كردستان وهو أمر ترتبط به إجراءات التعويض لشركات النفط  الدولية العاملة في الإقليم.

وقبل أكثر من ثلاثة أسابيع أعلن وزير النفط العراقي حيان عبدالغني عن استعداد الوزارة لاستئناف تصدير نفط إقليم كردستان خلال أربع وعشرين ساعة وهو ما لم يتم بالفعل رغم مضي كل هذه المدّة.

ونقلت شبكة رووداو الإعلامية في وقت سابق عن مصدرين مسؤولين في بغداد وأربيل معلومات تفيد بأن العقبة الرئيسية أمام المحادثات بشأن استئناف تصدير نفط إقليم كردستان تتمثل في ديون شركات النفط المتراكمة منذ نهاية العام 2022 وحتى تاريخ إيقاف التصدير والتي تبلغ حوالي مليار دولار.

ولم تظهر إلى حدّ الآن بوادر عن بدء تصدير الخام مجدّدا فيما بدأ تضارب التصريحات بشأن الموضوع يكشف ارتباكا في تعاطي السلطات الاتّحادية مع الملف وإدارته بالشكل الملائم الذي يكفل مصالح الإقليم والدولة ككل ويحمي مسار الوفاق والتفاهم الذي سلكته العلاقات بين حكومتي بغداد وأربيل مؤخّرا.

وتناقضت التصريحات بشأن استئناف تصدير نفط الإقليم داخل لجنة النفط والغاز في مجلس النواب العراقي. وبينما قال هيبت الحلبوسي رئيس اللجنة إنّ التصدير سيُستأنف في ظرف أسبوع واحد أكد عضو اللجنة علي المشكور عدم وجود أيّ تاريخ محدّد لذلك، مشيرا أيضا إلى غياب أيّ بوادر واضحة لحل قريب.

دوائر سياسية في الإقليم تخشى أن يكون ظهور المزيد من العوائق والتعقيدات في طريق استئناف تصدير النفط صدى لمواقف بعض القوى المتنفذة في بغداد من أحزاب وفصائل شيعية مناوئة للإقليم

وأشار المشكور إلى وجود اعتراضات داخل لجنة النفط والغاز على منح الشركة الاستشارية حقّ إبداء رأيها في العقود واقتراح إدخال تعديلات عليها ومطالبات بأن يقتصر دورها على تدقيق القوائم المقدمة إليها، بالإضافة إلى اعتراضات على كمية النفط المستهلكة داخل إقليم كردستان وعلى إجراءات تشكيل لجنة لتدقيق الكميات المصدرة.

وكشف عضو اللجنة عن استمرار المباحثات حول الملف مشيرا إلى أنّ وفدا من الإقليم سيزور بغداد قريبا لإجراء المزيد من المشاورات. وحمّل سلطات إقليم كردستان مسؤولية المشاكل الطارئة بشأن استئناف تصدير نفط الإقليم قائلا إنها تبدي اعتراضات على تطبيق القانون.

وتخشى دوائر سياسية واقتصادية في إقليم كردستان العراق أن يكون ظهور المزيد من العوائق والتعقيدات في طريق استئناف تصدير النفط صدى لمواقف بعض القوى المتنفذة داخل السلطة الاتحادية من أحزاب وفصائل شيعية مناوئة للإقليم وسلطاته، محذرة من التأثيرات السلبية لتلك المواقف على العلاقة بين بغداد وأربيل، وحتى علاقة العراق بالولايات المتحدة التي أظهرت اهتماما صريحا وواضحا بتسريع عملية تصدير الخام المنتج في حقول إقليم كردستان.

وحثت الولايات المتحدة الحكومة العراقية على تسريع استئناف صادرات النفط. وجاء ذلك عن طريق المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس خلال مؤتمر صحفي عقدته في وقت سابق من الأسبوع الجاري وقالت خلاله “نحث الحكومة العراقية على التوصل إلى اتفاق مع الشركات النفطية الدولية لاستئناف صادرات النفط عبر خط أنابيب العراق – تركيا في أقرب وقت ممكن والوفاء بالعقود الحالية مع الشركات الأميركية”.

وتهتم تركيا أيضا بإعادة تصدير نفط إقليم كردستان عبر أراضيها كونها تجني من وراء ذلك فوائد مالية، فضلا عن كون استئناف التصدير يعد مظهرا على التطورات الكبيرة في التعاون الاقتصادي مع العراق المهتم بدوره بتطوير ذلك التعاون. وقد أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال استقباله مؤخرا وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار أن حكومته تبذل جهودا كبيرة لاستئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي، موضحا أنّ المفاوضات مستمرة مع شركات النفط الأجنبية المتعاقدة مع الإقليم لغرض حسم بعض المشاكل الفنية لاستئناف التصدير.

3