قلق أممي من الانتهاكات المتكررة وتصاعد عنف الشرطة في تونس

المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تعتبر أن الانتهاكات المتكررة تكشف عن خلل مستمر في أجهزة الأمن التونسية، خاصة بعد تلقيها معلومات عن انتهاكات خطيرة تورط فيها أمنيون.
الثلاثاء 2021/06/15
اتهامات للشرطة بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان

تونس - عبرت الأمم المتحدة عن قلقها من الادعاءات المتكررة عن تورط الشرطة في انتهاكات خطيرة ضد حقوق الإنسان، داعية السلطات إلى فتح تحقيقات تضع حدا للإفلات من العقاب.

وتعيش تونس على صفيح ساخن واحتقان كبير بعد انتشار صور ومقاطع فيديو صادمة تظهر تعاملا عنيفا لعناصر الشرطة مع متظاهرين، من بينها تلك التي ظهروا فيها وهم يجردون قاصرا من كل ملابسه ويسحلونه عاريا تماما، وأخرى تظهرهم وهم جاثمون على محتج أو وهم يعتدون على امرأة في شارع الحبيب بورقيبة الذي شهد احتجاجات مؤخرا.

وأكد مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان في تونس في بيان، "انشغاله الشديد لتواصل الادعاءات المتعلقة بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تقوم بها قوات من الأمن الداخلي".

وجاء بيان مكتب المفوضية إثر مواجهات بين شبّان مع عناصر من الشرطة خلال الأسبوع الفائت في حي سيدي حسين السيجومي بضواحي تونس العاصمة، عقب وفاة أحد الشبّان بعيد توقيفه.

ونددت منظمات تونسية ودولية بالانتهاكات الحاصلة، ويقول نشطاء حقوقيون إن تكرار الانتهاكات الجسيمة للشرطة وإفلات مرتكبيها من العقاب يدحضان جدية خطط الإصلاح ويهددان بنسف مكاسب الثورة.

وخلال النصف الأول من العام الحالي وثقت منظمات حقوقية، من بينها رابطة حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، انتهاكات واسعة النطاق في مراكز الإيقاف في تونس، على الرغم من مرور نحو عقد على الانتقال الديمقراطي في البلاد.

وفي مارس الماضي توفي الشاب عبدالسلام الزيان المصاب بداء السكري في مركز للإيقاف بصفاقس، بعد تأخره في تناول جرعات الأنسولين، واتهمت الشرطة بالإهمال والتقصير في ما حصل.

وقبلها فقد الشاب أحمد قم خصيته بسبب العنف المبرح على أيدي الشرطة في مركز الإيقاف في المنستير، أثناء الاحتجاجات الاجتماعية التي اجتاحت عدة مدن تونسية في يناير الماضي، وأدت إلى توقيف حوالي 1500 شخص من بينهم عدد كبير من الأطفال القصر.

وأوضح مكتب المفوضية في بيانه "تكشف الانتهاكات المتكررة منذ بداية العام عن خلل مستمر في أجهزة الأمن الداخلي، ما يتطلب إرادة ثابتة من السلطات القضائية والتنفيذية بهدف المحاسبة طبقا للقانون الذي يتطلع إليه التونسيون".

للل

وحثت المفوضية السلطات على الشروع في إنهاء تحقيقات إدارية وقضائية شفافة ومستقلة وسريعة في كل هذه الادعاءات.

كما طالبت الحكومة التونسية "بمضاعفة جهودها من أجل ترجمة التزامها المتكرر باحترام المعايير الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان، إلى أفعال ملموسة من الضمان الفعلي للحقوق والحريات الأساسية والأمن للأفراد".

وأكد مكتب المفوضية أن "هذه الانتهاكات الجسيمة والمتكررة منذ بداية العام 2021 تبرز خللا مستمرا في جهاز الأمن الداخلي، وتسويته تتطلب إرادة ثابتة" من قبل السلطة التنفيذية والقضائية وقوات الأمن الداخلي.

وقالت وزارة الداخلية نهاية الأسبوع الفائت إنها فتحت تحقيقين في حادثة وفاة الشاب وفي فيديو معاملة أفراد الشرطة للقاصر.

ويُعتبر الانتقال الديمقراطي في تونس وانتخاباتها الحرة ودستورها الليبرالي الجديد، نموذجا بعد ثورة 2011 التي أسّست لحرية تعبير غير مسبوقة في البلاد.

لكن خلال عشرة أعوام لم تطرأ إصلاحات كثيرة على جهاز الشرطة وسلك القضاء.

وأضافت المفوضية أن "الحكومة التونسية مطالبة بمضاعفة المجهودات لتبرهن على التزامها بالمعاهدات الدولية في ما يتعلق بحقوق الإنسان".

وتقول وزارة الداخلية إن الانتهاكات فردية ولا تمثل سياسة ممنهجة للوزارة، التي بدأت خططا للإصلاح منذ سنوات عقب ثورة 2011.

ويواجه رئيس الوزراء التونسي انتقادات حادة، وحمّلته أحزاب ومنظمات المجتمع المدني المسؤولية عن تلك الانتهاكات بصفتيه: رئيسا للحكومة ووزيرا للداخلية بالنيابة.

ويقول حقوقيون إن ممارسات التعذيب والانتهاكات المتكررة بحق موقوفين أو محتجين هي ممارسات ممنهجة، وإن رئيس الحكومة لم يتحرك لردعها حفاظا على حزامه السياسي الذي تشكله أساسا النهضة الإسلامية.