قلة التمويلات هاجس يطارد ترميم صناعة النفط الليبية

17 مليار دولار احتياجات تطوير القطاع ليبلغ الإنتاج مليوني برميل يوميا.
الأربعاء 2023/11/29
انظروا إلى الآفاق.. تبدو ضبابية!

تبرز علامات اليقين في ليبيا بأن قلة التمويل وصعوبة الحصول عليه وضعف الاستثمارات الأجنبية وضعف مشاركة القطاع الخاص تشكل عراقيل تحول دون ترميم صناعة النفط التي تحتاج إلى المليارات من الدولارات من أجل تحقيق الأهداف المرجوة المتعلقة بزيادة الإنتاج.

طرابلس - تواجه صناعة النفط في ليبيا تحديات كبيرة تتعلق بتوفير التمويلات اللازمة لتطوير القطاع بعدما دخل خلال سنوات الحرب في متاهة المشاكل والابتزاز مما جعله يتخبط في أزمات لا حصر لها.

وكشف رئيس مؤسسة النفط الليبية فرحات بن قدارة أن الشركة الحكومية تحتاج إلى ميزانية تقدر بنحو 17 مليار دولار لزيادة الإنتاج إلى مليوني برميل يوميا خلال فترة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات.

ويرى محللون أن تحقيق ليبيا لأهدافها لاستعادة القطاع زخمه مرة أخرى سيتطلب المزيد من الاستقرار السياسي وتهيئة كافة الظروف وخاصة في ما يتعلق بتطوير مناخ الأعمال.

وقال بن قدارة في مقابلة مع تلفزيون الوسط الليبي الأحد الماضي إنه لا توجد عقبات أمام زيادة الإنتاج، لكن “يوجد نقص في التمويل، وهو ليس الشكل المطلوب”.

وتم تعيين بن قدارة، الذي كان محافظا للبنك المركزي قبل 2011، رئيسا للمؤسسة في يوليو العام الماضي من حكومة الوحدة الوطنية، ليحل محل مصطفى صنع الله الذي رأس الشركة منذ 2014.

فرحات بن قدارة: لا عقبات أمام زيادة الإنتاج، لكن ثمة نقصا في التمويل
فرحات بن قدارة: لا عقبات أمام زيادة الإنتاج، لكن ثمة نقصا في التمويل

وأوضح خلال المقابلة أن لدى المؤسسة خطة تتضمن مشاريع لتحقيق الاستقرار في عمليات الإنتاج، وكذلك صيانة خطوط الأنابيب والمعدات، وأخرى لزيادة الإنتاج.

وشدد على أن المشاريع الرئيسية التي ستساهم في رفع إنتاج النفط تتعلق بصيانة خطوط الأنابيب التي تم تركيبها قبل ستة عقود.

وقال “انتهت صلاحية خطوط الأنابيب تلك ويجب استبدالها”، معتبرا أن هذه المشكلة هي “التحدي الأكبر” الذي يواجه المؤسسة.

وتسعى ليبيا المعفاة من قرار منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) القاضي بخفض الإنتاج للوصول بطاقتها الإنتاجية من الخام إلى 1.3 مليون برميل يوميا بنهاية هذا العام مقابل 1.2 مليون برميل حاليا.

وأضاف بن قدارة في المقابلة “وعدنا بالوصول إلى 1.3 مليون برميل يوميا، وقد وصلنا إلى 1.29 مليون برميل يوميا قبل نهاية العام. لكننا نتحدث عن بنية تحتية بنيت في الستينات ولم تتم صيانتها مطلقا”.

وسيكون تحقيق الهدف رهينا بتوقف عمليات إغلاق الحقول الرئيسية بين الفينة والأخرى والاتفاق بين الفرقاء على إنهاء جعل القطاع كوسيلة ابتزاز لتحقيق المكاسب بين السياسيين.

وكان إنتاج البلاد 1.6 مليون برميل يوميا قبل اندلاع الحرب في 2011، والتي نالت من قطاع النفط وأدت إلى هبوط الإنتاج إلى 100 ألف برميل يوميا في فترة من الفترات.

وتمكنت ليبيا من تحقيق إيرادات نفطية العام الماضي هي الأكبر منذ ست سنوات رغم الاضطرابات التي شهدها القطاع، سواء تعلقت بشلل الإنتاج أو تلك المتعلقة بالتصدير إلى الأسواق العالمية بسبب الخلافات وإغلاق الحقول.

وذكر مصرف ليبيا المركزي مطلع هذا العام أن “الإيرادات النفطية ارتفعت إلى 105.5 مليار دينار (22 مليار دولار) في 2022 من 103.4 مليار دينار (21.57 مليار دولار) في 2021”.

1.3

مليون برميل يوميا تهدف ليبيا إلى إنتاجها هذا العام مستفيدة من إعفاءات أوبك لبعض الأعضاء

وقبل الحرب ارتكزت صناعة النفط الليبية على التعاون مع شركات طاقة أميركية وبريطانية وإيطالية وألمانية، وفي 2005 أصدرت السلطات عطاءات لإدخال شركات جديدة للاستثمار في هذا المجال.

ويمثل النفط القوة الدافعة للاقتصاد الليبي حيث يشكل 96 في المئة من الصادرات، وما يصل إلى 98 في المئة من إيرادات الدولة. وتمتلك ليبيا أكبر احتياطيات هيدروكربونية في أفريقيا.

لكن الانقسام السياسي بين إدارتين تتنافسان على السلطة في الشرق والغرب يلقي بظلاله على إمكانية تعزيز الاستثمارات بهدف رفع الإنتاج، وخاصة بعد الفشل في إجراء انتخابات عامة لتوحيد الأطراف المتنافسة رغم جهود الأمم المتحدة.

واختلف المتنافسون مرارا على السيطرة على إنتاج النفط وعائداته، الأمر الذي يغذي الفوضى السياسية ويهدد بتقويض عملية السلام.

ووفق بيانات نشرها البنك المركزي مؤخرا، تم تخصيص ترتيبات مالية استثنائية إلى المؤسسة بقيمة 9 مليارات دينار (نحو 1.8 مليار دولار)، خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

وقال بن قدارة إن “المؤسسة تلقت دعما من حكومة الوحدة الوطنية والبنك المركزي”.

ووافقت حكومة عبدالحميد الدبيبة على مشروع يهدف إلى استبدال خطوط الأنابيب التي تتدفق من حقول الواحات وحوض خليج سرت إلى ميناءي السدرة ورأس لانوف.

وأضاف “لدينا أيضا مشروع استبدال جزء من الأنابيب المتآكلة من حقلي مسلة والسرير إلى ميناء مرسى الحريقة، ومشروع آخر لخط من حقل الشرارة إلى ميناء مليتة”.

ومنذ سقوط الزعيم الراحل معمر القذافي، تضرر إنتاج النفط بشكل متكرر في ليبيا، ثالث أكبر منتج في أفريقيا بعد نيجيريا والجزائر، من مجموعات تغلق المنشآت لأسباب منها المطالبة بفوائد مادية أحيانا أو لتحقيق أهداف سياسية أوسع من وراء تلك الإغلاقات.

Thumbnail

وقال بن قدارة “فقدنا 70 في المئة من قدرتنا التخزينية بسبب الحروب”. وأضاف إن الخطة كان من المفترض أن تقود البلاد إلى مليوني برميل يوميا “في حال عدم وجود مشكلات أو مستجدات خارجة عن إرادتنا”.

وفي محاولة لإنعاش القطاع فتحت السلطات الصيف الماضي الباب أمام الشركات المحلية الخاصة للاستثمار في الحقول النفطية لزيادة الإنتاج، وذلك للمرة الأولى في تاريخ البلاد التي ظلت تعتمد في إنتاج النفط على الشركات الحكومية والعالمية فقط.

وذكرت مؤسسة النفط حينها أن في إطار إستراتيجيتها لزيادة الإنتاج وتطوير الحقول الهامشية المكتشفة أقر مجلس إدارتها دعوة القطاع الخاص الليبي إلى الاستثمار في الحقول غير الرئيسية.

والحقول الهامشية المكتشفة وغير المطورة هي الصغيرة التي تم اكتشاف وجود النفط فيها وتنتج قليلا، إلا أنها تحتاج إلى عمليات تطوير لرفع طاقتها الإنتاجية، بينما لم تذكر المؤسسة تفاصيل عنها أو عن مواقعها وأسمائها.

وسعت ليبيا إلى تشجيع شركات النفط الأجنبية على العودة إلى النشاط في البلاد ومساعدتها على زيادة الإنتاج بسرعة لتحصيل المزيد من الإيرادات التي فقدتها طيلة العشرية الماضية بعد أن تضرر القطاع، المصدر الأول للعملة الصعبة.

وفي العام الماضي، قال وزير النفط محمد عون في مقابلة مع وكالة بلومبرغ “نشجع الشركات الأجنبية، وخاصة الأميركية، على العودة إلى الاستثمار في قطاع النقط لأن ليبيا تحتاج الكثير من العمل لتحديث وصيانة المرافق”.

وأوضح عون حينها أن الحكومة تريد تطوير الاحتياطيات المحتملة المتبقية بالبلاد حيث لا يزال هناك الكثير من الأراضي لاستكشافها على اليابسة وفي مياه المتوسط.

11