قطع بحرية إريترية إلى السودان لدعم البرهان

الدعم العسكري الاريتري للجيش يأتي بعد أيام من طرد أسمرة القائم بالأعمال السوداني بسبب تجنيده اثنين من الشباب، لجمع معلومات حول معسكر ساوا.
السبت 2024/07/27
تحالف متين بين أفورقي والبرهان

الخرطوم - أعلن الجيش السوداني، مساء الجمعة، وصول قطع بحرية من إريتريا إلى موانئه على البحر الأحمر شرقي البلاد، ما يشير إلى إصرار قائده الفريق الأول عبدالفتاح البرهان على مواصلة التصعيد العسكري، ورفضه أي مبادرات إقليمية ودولية لإنهاء الحرب.  

وقال الجيش في بيان مقتضب "استقبلت القوات البحرية السودانية الجمعة قطعا من البحرية الإريترية".

ولم يتطرق البيان إلى تفاصيل تلك القطع، لكنه ذكر أن وفدا إريتريا وصل إلى السودان بهذا الخصوص.

وأوضح أن رئيس الوفد الإريتري (لم يسمه) قال إن الزيارة تأتي "طبقا لتوجيهات الرئيس أسياس أفورقي، وتأكيدا لوقوف القيادة الإريترية مع الشعب السوداني الشقيق في هذه الظروف التي تمر بها البلاد، وتوطيدا للعلاقات الراسخة بين البلدين الشقيقين"، وفق البيان.

ويأتي ذلك على الرغم من التوتر في العلاقات الثنائية بعد أن طردت أسمرة الأربعاء القائم بالأعمال السوداني السفير خالد عباس النعيم، وأمهلته 72 ساعة لمغادرة أراضيها، دون تقديم أي تفسير لقرارها.

وأصدرت وزارة الخارجية السودانية، بيانا، الخميس، أوضحت فيه أنها تنتظر توضحيات من إريتريا بعد قرارها بطرد السفير السوداني.

وقالت صحيفة "التغيير" السودانية، نقلا عن مصادر إريترية لم تسمها، إن أسباب الطرد تعود إلى قيام السفير بعملية تجنيد لـ2 من الشباب، لجمع معلومات حول معسكر ساوا، وهو معسكر خاص بالتدريب العسكري غربي البلاد، ويقضي فيه طلاب المرحلة الثانوية، السنة الثانية عشرة بحسب النظام الإريتري.

وأشارت المصادر إلى أن سلطات أريتريا أبلغت الخارجية السودانية قبل فترة، أن سفيرها بأسمرة شخص غير مرغوب فيه، لكنها تلكأت في التعامل مع الموقف، وسحبه، ما اضطر الحكومة الإريترية إلى إمهاله 72 ساعة لمغادرة البلاد.

وتزامن القرار الإريتري بطرد القائم بالأعمال مع زيارة رجل الإدارة الأهلية المثير للجدل الناظر محمد الأمين ترك المحسوب على الجيش، وبرفقته العمدة حامد طاهر أوكير، وهما من رجال الإدارة الأهلية في شرق السودان الذي تلعب فيه إريتريا دوراً مؤثرا، ولا سيما أن هناك تداخلا ثقافيا وإثنيا بين المجموعات على طرفي الحدود.

ونقلت وسائل التواصل الاجتماعي صورة للرجلين يتوسطهما الرئيس الإريتري آسياس أفورقي، الذي اصطحب ضيفيه إلى قريته القريبة من العاصمة أسمرا، وعقدوا اجتماعاً هدفه إجراء مصالحة بين ترك، والزعيم الديني والقبلي بشرق السودان الشيخ سليمان علي بيتاي، لكن الطرفين لم يكشفا ما دار في اجتماع الهواء الطلق الذي جرى هناك.

ويشهد شرق السودان هذه الأيام توترا بين قياداته الأهلية، فاقمه انتقال الحكومة إلى بورتسودان، ما يهدد باشتعال الإقليم، الذي ظلت إريتريا تلعب دورا مؤثرا على الأوضاع فيه مستغلة التداخل بين المجموعات السكانية على طرفي الحدود.

وجاء قرار الطرد في وقت بدأت العلاقات السودانية - الإثيوبية في التحسن إثر الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لبورتسودان، وهو ما أثار مخاوف أسمرة، من أن يكون هدف الزيارة تحييد النفوذ الاريتري في السودان بعد قيام أسمرة بتدريب بعض جماعات المستنفرين من حركات دارفور المسلحة ومجموعات شرق السودان، لكن استقبال القطع البحرية يشير إلى عودة الاستقرار في العلاقات الإرترية السودانية.  

وفي سبتمبر من العام الماضي أجرى البرهان زيارة إلى إريتريا ضمن جولة إقليمية شملت مصر وجنوب السودان وقطر، لحشد دعم الدول الإقليمية في مواجهة مقاربات الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا (إيغاد)، الساعية لتفكيك عقد الأزمة دون الانتصار لهذا الطرف أو ذاك، وهو ما يرفضه البرهان.

وخلال زيارته التي دامت يوما واحدا حاول البرهان استمالة الرئيس أفورقي إلى صفه ودعم رؤيته التي تذهب نحو التشكيك في أي جهود تقوم بها جهات أفريقية، خاصة أن إريتريا غير ممثلة في اللجنة الرباعية المنبثقة عن إيغاد التي تتكون من إثيوبيا وكينيا وجيبوتي وجنوب السودان.

وتعمل إريتريا على الاستفادة من الحرب التي يعيشها السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع لاستعادة تأثيرها في شرق البلاد كما كانت تفعل في سنوات ماضية، متراجعة عن اتفاق السلام بينها وبين السودان.

وتسعى أسمرة من وراء هذا التدخل لمنع زيادة نفوذ الإمارات في القرن الأفريقي، وتنفذ أجندة إقليمية تعكس انزعاجا من نجاح أبوظبي في تقوية علاقاتها مع دول القرن الأفريقي من خلال تقديم الدعم المالي والاستثماري.

ويأتي الدعم العسكري الاريتري للبرهان، بينما لم يعلن الجيش السوداني موقفه بعد من المبادرة التي طرحتها الولايات المتحدة، لاستئناف المفاوضات السودانية في جنيف.

وأعلنت وزارة الخارجية السودانية، الخميس، تلقيها دعوة من الولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في محادثات لوقف إطلاق النار تعقد في مدينة جنيف بسويسرا منتصف أغسطس المقبل، مضيفة "سنجري مشاورات حولها مع الجهات الأخرى للرد عليها من حيث الشكل والمضمون".

ورحّب قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) الثلاثاء بالدعوة التي أطلقها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لعقد مفاوضات مع الجيش في سويسرا من أجل وقف إطلاق النار، مؤكدا قبوله المشاركة في المحادثات.

ورحبت قوى سياسية سودانية بدعوة الولايات المتحدة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى المشاركة في محادثات وقف إطلاق النار بجنيف المنتظر عقدها في أغسطس المقبل.

وقال وكيل الخارجية، حسين الأمين، في مؤتمر صحافي بمدينة بورتسودان (شرق البلاد)، إن السودان "يواجه بمعركة دبلوماسية تحت إطار الشأن الإنساني، وندرك أن هنالك حملة شرسة تجاه بلادنا".

وقلل من اجتماعات الفاعلين الدوليين والإقليميين المنعقدة في جيبوتي لتنسيق جهود السلام في السودان، وقال إن الحكومة السودانية لم تتلقَّ دعوة للمشاركة في الاجتماعات، و"هي غير معنية بها".

أعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء أنها دعت الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى محادثات سلام في أغسطس المقبل في سويسرا بهدف إنهاء النزاع في السودان.

وقال وزير الخارجية الأميركي في بيان إن واشنطن "دعت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع للمشاركة في محادثات بشأن وقف إطلاق النار، بوساطة الولايات المتحدة، تبدأ في 14 أغسطس في سويسرا".

وأضاف أن المحادثات التي ترعاها أيضا السعودية ستضم الاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة بصفة مراقب.

ومنذ منتصف أبريل 2023 يخوض الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل ونحو 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.

وتزايدت دعوات أممية ودولية لتجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت، جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18 في البلاد.