قطر: يكفي ما دفعناه من تعويضات للعمالة الوافدة

الدوحة تستنكر الدعوات المطالبة بإنشاء صندوق خاص لتعويض العمّال المهاجرين على أراضيها.
الخميس 2022/11/03
العمال المهاجرون صداع لا ينتهي بالنسبة إلى قطر

الدوحة - رفضت قطر الأربعاء الدعوات المطالبة بإنشاء صندوق خاص لتعويض العمّال المهاجرين الذين قضوا أو تأذّوا على أراضيها خلال تشييدهم المشاريع الضخمة لاستضافة كأس العالم، قائلة “يكفي ما دفعناه من تعويضات”.

وقال وزير العمل القطري علي بن صميخ المرّي إنّ الدوحة لديها منذ سنوات صندوق لتعويض العمّال المهاجرين، وقد دفعت من خلاله لهؤلاء مئات ملايين الدولارات من التعويضات والمعونات.

وتتزايد الانتقادات لسجلّ قطر الحقوقي، ولاسيّما لجهة حقوق العمّال المهاجرين، مع اقتراب موعد دويّ صفارة انطلاق مونديال كرة القدم في العشرين من نوفمبر الجاري.

وتطالب منظمات حقوقية كلاً من السلطات القطرية والاتّحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” بإنشاء صندوق بقيمة 440 مليون دولار لتعويض هؤلاء العمّال، لكنّ الوزير القطري سخّف هذه الفكرة، معتبراً إياها مجرّد “حيلة دعائية”.

علي بن صميخ المرّي: بعض السياسيين الأجانب جعلوا من قطر ساحة لحلّ مشاكلهم
علي بن صميخ المرّي: بعض السياسيين الأجانب جعلوا من قطر ساحة لحلّ مشاكلهم

وقال المرّي إنّ دولاً ومنظّمات استخدمت “معلومات كاذبة” و”شائعات” بهدف “تشويه سمعة قطر بادّعاءات مضلّلة عمداً”. وأضاف أنّ بعض السياسيين الأجانب استخدموا “معايير مزدوجة” وجعلوا من قطر “ساحة لحلّ مشاكلهم السياسية”.

ولم يعط الوزير مثالاً على هؤلاء السياسين، لكنّ قطر استدعت الأسبوع الماضي السفير الألماني في الدوحة احتجاجاً على تصريحات أدلت بها وزيرة الداخلية الألمانية، وشكّكت فيها في أهلية الإمارة الخليجية لاستضافة المونديال.

وبالنسبة إلى الوزير القطري فإنّ بعض الأصوات التي هاجمت بلاده كان دافعها “عنصرياً”. وقال “هم لا يريدون السماح لدولة صغيرة، دولة عربية، دولة مسلمة، بأن تنظّم كأس العالم. هم على بيّنة تامّة من الإصلاحات التي حصلت، لكنّهم لا يعترفون بها لأنّ دوافعهم عنصرية”.

وتقود منظمتا “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” حملة لدفع الفيفا وقطر إلى إنشاء صندوق خاص لتعويض العمّال بقيمة 440 مليون دولار يتمّ اقتطاعها من قيمة جائزة كأس العالم. وتتّهم جماعات حقوقية قطر بعدم الإبلاغ عن كلّ الوفيات التي حصلت في صفوف العمال المهاجرين خلال عملهم في ورش البناء.

لكنّ السلطات القطرية تنفي بشدّة صحّة تقارير أفادت بوفاة آلاف العمّال المهاجرين في حوادث وقعت في ورش البناء أو من جرّاء أمراض أصيبوا بها بسبب عملهم في درجات حرارة مرتفعة جداً خلال فترة الصيف.

وردّ الفيفا على هذه الدعوات بالقول إنّ هناك “حواراً مستمرّاً” بشأنها.

وفي أول تعليق علني للحكومة القطرية على هذه الدعوات، قال المرّي إنّ هذا الاقتراح غير عملي. وأضاف أنّ بلاده لديها أصلاً “صندوق تعويضات ناجح”.

واعتبر الوزير القطري أنّ “هذه الدعوة إلى حملة تعويضات ثانية بقيادة الفيفا هي حيلة دعائية”. وإذ شدّد المرّي على أنّ “كلّ حالة وفاة هي مأساة”، لفت إلى أنّه “ليست هناك معايير لإنشاء هذه الصناديق”.

وأضاف “أين الضحايا، هل لديكم أسماء الضحايا، كيف يمكنكم الحصول على هذه الأرقام؟”.

وبالفعل فإنّ مسؤولين في اتّحادات نقابية دولية سبق وأن أقرّوا بأنّ إنشاء مثل هكذا صندوق وإدارته سيكونان مسألة غاية في التعقيد.

وفي العام 2018 أنشأت قطر “صندوق دعم وتأمين العمّال” بهدف مساعدة العمّال المهاجرين إذا لم يدفع أرباب عملهم مستحقّاتهم المالية. وأكّد الوزير أنّ هذا الصندوق صرف في العام 2022 وحده 320 مليون دولار.

وقال “إذا كان هناك شخص له الحقّ في الحصول على تعويض ولم يحصل عليه فيجب أن يقدّم طلباً وسنساعده”، مشيراً أيضاً إلى أنّ قطر مستعدّة للنظر في حالات تعود وقائعها إلى أكثر من عقد.

وأعرب الوزير القطري عن أسفه لأنّ منتقدي بلاده تجاهلوا الإصلاحات التي نفّذتها منذ 2017 بمساعدة من منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة واتحادات نقابية دولية.

وفي الواقع فإنّ نظام “الكفالة” الذي كان معمولاً به في الإمارة لاستقدام العمّال المهاجرين والذي قالت منظمات حقوقية إنّه يرقى إلى ما يشبه العبودية، لم يعد قائماً في قطر عملياً.

العمالة الأجنبية تؤرق السلطات القطرية
ملف العمالة الأجنبية يؤرق السلطات القطرية

وبات بإمكان العمّال الأجانب في قطر أن ينتقلوا من ربّ عمل إلى آخر، أو حتى أن يغادروا البلاد، من دون الحصول على إذن مسبق من صاحب العمل، وهو أمر كان مستحيلاً وفق نظام الكفالة.

كما أقرّت الحكومة القطرية حدّاً أدنى للرواتب قدره ألف ريال شهرياً (275 دولاراً)، واستحدثت قوانين لمكافحة الاتجار بالبشر، وفرضت قيوداً مشدّدة على ساعات العمل في ظروف الحرارة الشديدة.

وبحسب المرّي فإنّ 420 ألف عامل غيّروا وظائفهم منذ أقرّت هذه الإصلاحات، في حين دفع صندوق التأمينات هذا العام لوحده 320 مليون دولار معونات لعمّال خسروا رواتبهم.

وأبدى الوزير أسفه لأنّه “بعد كلّ هذا الجهد وكلّ هذه الإصلاحات ما زال هناك أناس يهاجموننا”.

وهذا الأسبوع قالت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة إنّ الغالبية العظمى من الشكاوى التي قدّمها عمّال مهاجرون في قطر تتعلّق برواتب ومستحقات مالية لم يتقاضوها، مشيرة إلى أنّ التحدّي الرئيسي أمام الإمارة يكمن في التطبيق الصارم لقوانينها الجديدة.

وفي هذا الشأن قال المرّي إنّ وزارته “تركّز” على هذه المهمّة. وأكد أنّه “إذا تأخّر دفع الراتب شهراً، ندفع (للعامل) من الصندوق ونتّخذ إجراءات” بحقّ صاحب العمل، مشيراً إلى أنّ أصحاب الشركات المدرجة في القائمة السوداء دفعوا “غرامات كبيرة” وبعضهم سُجن.

وشدّد وزير العمل القطري على أنّ الإصلاحات ليست نتيجة للمونديال بل إنّ استضافة كأس العالم “سرّعت” هذه المسيرة فحسب. وأضاف “سنعيد التأكيد على التزاماتنا وسنواصل إصلاحاتنا، لأنّنا نريد تحسين بلدنا باستمرار”.

ولفت المرّي إلى أنّه سيسافر إلى جنيف حيث سيجري الخميس محادثات مع المدير العام لمنظمة العمل الدولية جيلبرت هونغبو، تتعلّق بتحويل مكتب الوكالة الأممية في الدوحة من مؤقّت إلى دائم.

كما ترغب قطر في استضافة حوار سنوي بين دول في غرب آسيا ودول أفريقية وهيئات نقابية وسواها لمناقشة سبل تعزيز حماية العمّال المهاجرين.

وقال المرّي “نحن نقود المنطقة الآن في مجال الإصلاحات المتعلّقة بالهجرة”. وأضاف “لدينا علاقات جيّدة مع جيراننا، ويمكننا تبادل أفضل الممارسات”.

3