قطر لن تتمكن من تعويض واردات الغاز الروسي لألمانيا

رغم المحادثات التي تجريها قطر مع شركات ألمانية حول إمدادات جديدة من الغاز الطبيعي المسال لكنها لن تقدم سوى حل جزئي لأزمة الغاز لدى الأوروبيين.
الجمعة 2022/09/30
قطر تتطلع إلى تأمين أسعار مرتفعة لغازها

لندن- تقول المؤشرات إن قطر لا يمكنها أن تستجيب لما تطلبه ألمانيا ودول أوروبية أخرى بشأن زيادة كميات الغاز إلى مستوى يسمح بتعويض إمدادات الغاز الروسي؛ فهي مرتبطة بعقود مع زبائن كبار مثل الصين وكوريا الجنوبية واليابان، ما يجعل من الصعب عليها الإيفاء بتعهدات جديدة طويلة الأمد، خاصة أمام رغبة أوروبا في الالتزام بالعقوبات المفروضة على روسيا، وهو ما قد يجعل العودة إلى الغاز الروسي أمرا بعيد المنال.

ولا شك في أن الضغوط ستزداد على أوروبا التي كانت تتهيأ لتوقف الإمدادات الروسية، لكنها لم تكن تتوقع إطلاقا أن يصبح هذا الأمر حقيقة بعد التفجيرات التي ضربت قنوات الغاز الروسي في بحر البلطيق، والتي قد تجعل تدفق الغاز متوقفا لأسابيع وربما لأشهر.

وبالتزامن مع اقتراب فصل الشتاء في أوروبا واستمرار العقوبات المفروضة على الغاز والنفط الروسيّيْن بعد غزو أوكرانيا، قررت ألمانيا، وهي الزعيمة الفعلية للاتحاد الأوروبي، تسريع المحادثات مع قطر التي تعدّ أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم.

ووفقا لتصريحات أدلى بها الأسبوع الماضي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، تُجري الدوحة محادثات مع العديد من الشركات الألمانية بشأن إمدادات جديدة من الغاز الطبيعي المسال، من بينها “أر دبليو إي” و”يونيبير”.

◙ قدرة قطر محدودة في تعويض الاتحاد الأوروبي عن إمدادات الغاز الروسي المفقودة، وهي لن تقدم سوى حل جزئي

لكن مصادر أكدت لموقع أويل برايس، المتخصص في شؤون الطاقة، أن الكميات وجداول التسليم لا تزال قيد المناقشة وأن قطر لن تقدم سوى حل جزئي لأزمة الغاز التي تواجهها أوروبا، وهذا لن يحدث في أي وقت قريب.

وما يزيد المشكلة تعقيدا بالنسبة إلى ألمانيا أن قطر تتطلع إلى تأمين أسعار للغاز الطبيعي المسال مرتفعة جدا من منظور التسعير التاريخي، وتريد تأمينها على مدى صفقات تدوم 20 سنة على الأقل. ومن المناسب أن نلاحظ في هذا السياق أن آخر صفقة كبيرة لشركة “أر دبليو إي” مع قطر استمرت من 2016 إلى 2023 فقط بما يصل إلى 1.1 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا.

ويقول سيمون واتكينز، الصحافي في موقع أويل برايس، “إن قدرة قطر محدودة للغاية في تعويض الاتحاد الأوروبي عن كل إمدادات الغاز الروسي المفقودة، وهي لن تقدم سوى حل جزئي لأزمة الغاز لدى الأوروبيين”.

واستوردت ألمانيا وحدها 142 مليار متر مكعب من الغاز عام 2021، بانخفاض 6.4 في المئة عن 2020، وبمتوسط يبلغ حوالي 12 مليار متر مكعب شهريا. ويأتي هذا الرقم من مصادر البيانات التي لا تحدد المصادر الفردية لهذه الإمدادات.

وتقول الإحصائيات إن كميات الغاز الطبيعي المسال التي تستوردها ألمانيا من روسيا وحدها تصل إلى ما يقارب 43 في المئة من إجمالي الغاز الطبيعي المسال المنتج في قطر سنويا. ولأجل ذلك تحتاج ألمانيا وأوروبا إلى ضمان إبرام عقود ضخمة مع مصدري الغاز الآخرين بسرعة كبيرة، ولكن من الواضح أن الثمن سيكون باهظا جدا.

وتتركز تحركات العديد من لاعبي الطاقة الكبار في الاتحاد الأوروبي على هذا الموضوع بالضبط، وفي هذا الإطار تندرج زيارة المستشار الألماني أولاف شولتز مؤخرا إلى السعودية والإمارات وقطر.

سيمون واتكينز: قدرة قطر محدودة للغاية في تعويض الاتحاد الأوروبي عن كل إمدادات الغاز الروسي المفقودة

وأفادت مصادر إماراتية بأنه عقب زيارات شولتز ووزير الاقتصاد الألماني روبرت هابك ستزود شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) شركة “أر دبليو إي” بشحنة غاز طبيعي مسال في أواخر السنة الجارية لاستخدامها في محطة استيراد الغاز الطبيعي المسال العائمة “برونسبوتل” في هامبورغ بألمانيا.

وقالت المصادر نفسها إن أدنوك ستسلم العديد من شحنات الغاز الطبيعي المسال الأخرى للزبائن الألمان في 2023.

كما يتواصل العمل على خلق فرص أخرى؛ إذ حددت شركة توتال إنرجي الفرنسية وإيني الإيطالية الأساسيات لأوروبا في الأسابيع القليلة الماضية.

وأعلنت الشركة الإيطالية مؤخرا أن رئيسها التنفيذي كلاوديو ديسكالزي التقى نظيره سلطان الجابر من شركة أدنوك في أبوظبي لمناقشة تسريع تطوير مشروع غشا العملاق للغاز ومشروع المنطقة البحرية 2.

ويُعد مشروع غشا العملاق أكبر مشروع للغاز الطبيعي في العالم، ولا يشمل حقل غشا فقط وإنما يضم أيضا حقولا أخرى أبرزها حايل وهير دلما وسطح وبوحصير.

ويضم مشروع المنطقة البحرية 2 إيني كمساهمة رئيسية. وشهدت نهاية شهر يوليو الماضي اكتشاف خزان جديد أعمق، بحجم احتياطي يتراوح بين 1 و1.5 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الخام، وفقا لتعليق من أدنوك في ذلك الوقت.

وفي الآن نفسه انخرطت توتال إنرجي الفرنسية في موجة من الأنشطة منذ أن فرضت أوروبا عقوبات على إمدادات الطاقة الروسية على مراحل، مع التوقيع مؤخرا على اتفاقية شراكة مع أدنوك تشمل التعاون في مجال التجارة والتصدير واحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه.

1