قطر على خط قنوات الترفيه.. السيطرة الإعلامية في الرياضة والأخبار لا تكفي

لم تعد قطر تكتفي بسيطرتها الإخبارية والرياضية، لذلك تسعى إلى حجز مكان لها في سوق القنوات الترفيهية، وهي تستعد لإطلاق قناة “العربي 2” في الثاني من يناير القادم، بعد عامين من التحضيرات.
الدوحة - أعلنت قنوات التلفزيون العربي عن إطلاق قناة “العربي 2” من العاصمة القطرية الدوحة يوم الثاني من شهر يناير المقبل. وهي قناة ترفيهية ثقافية منوعة متعددة المنصات، “تقدم للجمهور العربي مفهوما للتلفزيون العائلي يشمل جيل الشباب، وذلك من خلال برامج جديدة ومتنوعة تهمه”.
وأوضحت القنوات خلال بيان صحافي أنها “تسعى إلى تقديم محتوى ترفيهي ثقافي مميز يناسب تعددية المشارب والأذواق في أنحاء الوطن العربي، ويضعها في طليعة القنوات المنوعة”.
وينظر إلى القناة الجديدة على أنها “نواة أولى” تسعى من خلالها قطر إلى اختبار السوق في مرحلة أولى، ثم الانتقال في مراحل قادمة إلى منافسة قنوات الترفيه في الشرق الأوسط، التي حجزت لنفسها حصة الأسد من سوق المشاهدين في العالم العربي.
ومع انطلاق القناة الجديدة تختتم قناة “العربي” عملية تحوّلها إلى قناة إخبارية متكاملة تُعنى بمتابعة الحدث وخلفياته، وتقديم الخبر والتحليل والتقييم والتحقيق. وسوف تظهر القناة الأصلية من الآن فصاعدا باسم “العربي – أخبار”.

وأعلنت قناة “العربي 2” أنها سوف تعرض للمشاهد العربي باقات من البرامج تتنوع بين الموسيقى والفن والمجتمع والكوميديا والدراما والأفلام والوثائقيات. ومن أهمها مسلسل “بستان الشرق” الذي ينتج خصيصا للقناة ويبث خمسة أيام في الأسبوع. ومن البرامج التي ستبثها القناة برامج “طرب” مع الفنان اللبناني مروان خوري، و”ريمكس” مع الفنان المصري حمزة نمرة، و”مقامات”، وبرنامج ثقافي منوع بعنوان “روافد”. وتتوفر قطر على مؤسسات إعلامية “عالمية نخبوية” تشمل الأخبار والرياضة، لكنها لا تتوفر على قنوات إعلامية ترفيهية متخصصة موجهة للمشاهد العربي، تنافس باقات قنوات عربية متخصصة في مجال الترفيه العام في الشرق الأوسط.
ووضعت باقات القنوات المتخصصة الإخبارية كالجزيرة والجزيرة الإنجليزية والجزيرة مباشر، التي ينظر إليها على أنها “قنبلة قطر النووية”، البلد الخليجي الصغير على خارطة الإعلام العالمي في فترة قياسية لم يسبق أن سبقتها إليها أي منظومة إعلامية متخصصة في العالم، وتأتي القوة الإعلامية القطرية الثانية في قنوات الجزيرة الرياضية، التي تحولت لاحقا إلى مجموعة قنوات “بي.أن.سبورتس” واستطاعت بدورها أن تضع لنفسها مكانا هاما على المستويين العربي والعالمي، في وقت أقصر مما استغرقت الجزيرة الإخبارية. ومكنت مجموعة قنوات “بي.أن.سبورتس” قطر من احتكار أحد مصادر الترفيه وليس كله، وذلك من خلال سيطرة الشبكة على حقوق بث البطولات والمسابقات الأوروبية والقارية تحديدا، والدوريات الكبيرة في كل دول العالم في منطقة الشرق الأوسط.
وكانت القنوات الإخبارية العربية بلغت من الأهمية ما جعلها إحدى الأدوات التي غيرت وجه الحراك السياسي في العالم العربي مع انطلاق ثورات 2011، حيث كانت هذه القنوات الوجهة الأولى للجمهور العربي بلا منازع، لكن هذا التأثير بدأ بالتراجع في السنوات الأخيرة حين أصبح المشاهد مثقلا بالقضايا السياسية ويبحث عن فسحة ترفيه.
وانتقلت القنوات الإخبارية العربية إلى المرتبة الثانية في تفضيلات الجمهور، وخسرت نسبة لا يستهان بها من المشاهدين لصالح القنوات الفضائية الترفيهية، على غرار مجموعة “أم.بي.سي” السعودية وقنوات “أبوظبي” و”دبي” الإماراتية وغيرها من الشبكات اللبنانية والمصرية المتنوعة.
ويقول الإعلامي القطري ذعار الرشيدي “كانت هناك تجارب قطرية مع القنوات الترفيهية المتنوعة، ولكن أيا من تلك التجارب لم يتعد حدود المحلية”، ويضيف أنه “كان على اطلاع قريب على إحدى تلك التجارب بحكم عملي كمقدم برامج ومتخصص بالشأن الإعلامي، وكانت المشكلة أن الأسلوب الذي تم به الإعداد لتلك القنوات تم بجهد أقل بكثير مما قدم للجزيرة بل وباهتمام أقل، لذا كانت التجارب أقل من أن تصل إلى المشاهد الخليجي، ناهيك عن وصولها إلى المشاهد العربي”.
ويضيف “يمكن بالطاقات والإمكانات الإعلامية النخبوبة الموجودة في قطر تأسيس باقة قنوات ترفيهية متخصصة تنافس الباقات العربية كأم.بي.سي وروتانا، ولكن دائما ومن خلال ما تلمسته من اطلاعي على تقارير تجربة تأسيس إحدى القنوات الترفيهية القطرية قبل سنوات أن المشكلة كانت تكمن في تحديد الهدف النهائي لتلك القنوات والاستفادة منها إعلاميا”.
ويؤكد الإعلامي القطري أنه “ليس من الصعب أبدا على قطر التي تمتلك قاعدة إعلامية عالمية محترفة أن تطلق باقة جديدة تختص بالترفيه، وتكتسح الفضاء وتتفوق على باقات قنوات الترفيه العربي المنتشرة عبر الفضاء التلفزيوني، فقط على القائمين على تأسيس مثل تلك القنوات تحديد احتياجات المشاهد المستهلك قبل بث قناة كمنتج، ومن ثم يبحثون له عن مستهلك”.
ويقول خبراء إن قناة “العربي 2” قد تتحول في المستقبل القريب إلى قناة مستقلة بذاتها، أو قد تفتح الباب لتأسيس شبكة قنوات قطرية متخصصة في الترفيه لمنافسة أم.بي.سي التي أصبحت حجر الزاوية في القوة الناعمة السعودية.
واستحوذت أم.بي.سي على نحو 46.000 ساعة من المحتوى الترفيهي العربي، بقيمة إجمالية تُقدّر بنحو 1.3 مليار دولار أميركي، وهو ما يتضمن 26.000 ساعة من الإعلام والترفيه وغيره من أنماط المحتوى، و20.000 ساعة من المسلسلات التلفزيونية.
كما حققت مجموعة قنوات أم.بي.سي إنجازا إعلاميا في أبريل 2020 بانضمامها إلى قائمة الشركات الـ20 الأكثر مشاهدة حول العالم لمحتوى الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والأولى عربيا، ما يجعل القنوات العربية المنافسة أمام تحد صعب.