قطر تنكر صلتها بفضيحة الفساد في البرلمان الأوروبي

وزير خارجية قطر ينكر ضلوع بلاده في القضية ويدعو إلى التريث وانتظار نتائج التحقيقات، ملوحا في ذات الوقت بورقة الغاز في وجه أوروبا.
الخميس 2023/01/19
انزعاج ممزوج بالخوف من اعترافات بانزيري

واشنطن – تعكف قطر منذ تفجر فضيحة الفساد في البرلمان الأوروبي التي على صلة بها، وفق ما يؤكد محققون بلجيكيون، على البحث عن مخرج من هذا المأزق، فاستبقت الخميس أي تطورات في القضية بإنكار أي دور لها، داعية إلى التريث وانتظار نتائج التحقيقات.

وتتخوف الدوحة مما سيكشف عنه عضو البرلمان الأوروبي السابق بيار أنطونيو بانزيري المشتبه به الرئيسي في فضيحة الفساد المعروفة بـ"قطر غيت"، بعد إبرامه اتفاقا الثلاثاء مع النيابة العامة البلجيكية ينص على تعاونه مع المحققين بإدلائه بكافة التفاصيل المتعلقة بالترتيبات المالية مع دولة أجنبية والتركيبات المالية الموضوعة والمستفيدين" من "المخطط الإجرامي المفترض"، مقابل عقوبة مخففة "ستشمل السجن وغرامة ومصادرة جميع الممتلكات المكتسبة التي تقدر قيمتها حاليا بمليون يورو".

لذلك استبقت هذه الاعترافات بإنكار وزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، قائلا في مقابلة مع سي.أن.بي.سي هذا الأسبوع "نحن كدولة قطر واثقون 100 في المئة من أن هذه الفرضية بلا أساس. لم نر شيئا (من السلطات البلجيكية). هناك تحقيق جار. علينا أن نرى، علينا الانتظار إلى حين انتهاء التحقيق".

وأضاف الوزير القطري "هذه مشكلة تحدث في أوروبا لمؤسسة أوروبية. من الأفضل لهم الاهتمام بمؤسستهم واتخاذ كافة الخطوات الضرورية لهم وعدم إقحام اسم بلدنا في مثل هذا الوضع".

وتتعلق الفضيحة، وهي الأكبر التي تهز الساحة السياسية في الاتحاد الأوروبي منذ عقود، بالاشتباه في أن قطر دفعت رشاوى لسياسيين ومسؤولين في البرلمان الأوروبي ومنظمات غير حكومية للتأثير على قرارات البرلمان الأوروبي.

وقال الشيخ محمد إن قطر، أحد أكبر مصدري الغاز في العالم، "تشعر بخيبة أمل" وتعارض تصويتا في البرلمان الأوروبي الشهر الماضي لتعليق كافة أعمال التشريع التي تشمل قطر ومنع دخول المندوبين القطريين لمقاره.

وأضاف "التعاون مع الاتحاد الأوروبي ومؤسساته مستمر بشأن مسائل جيوسياسية وأمور تتعلق بالطاقة والكثير من القضايا الأخرى، وهذا النوع من القرارات... سيؤثر على الحوار".

وشدد على أن قطر، وهي منتج رئيسي للغاز الطبيعي المسال، لن تقوم بتسييس إمدادات الطاقة إلى أوروبا بموجب اتفاقات تجارية مع شركة قطر للطاقة الحكومية.

وقال "لدينا سجل حافل بأننا لم نتخلف عن أي شحنة، لم نقم أبدا بتسييس طاقتنا أو استخدام طاقتنا كسلاح لتهديد أي بلد آخر".

ويرى مراقبون أن تلويح قطر بورقة الغاز تأتي كمحاولة لابتزاز الاتحاد الأوروبي بدفعه إلى الضغط على السلطات القضائية البلجيكية في هذا الملف، وذلك في خضم أزمة طاقة تعيشها أوروبا، منذ تقليص الصادرات الروسية من الغاز مع اقتراب دخول الآلية الأوروبية لتسقيف أسعار الغاز حيز التنفيذ في الخامس عشر من فبراير المقبل.

وقطر من ضمن الدول التي يعوّل عليها الاتحاد الأوروبي لزيادة صادراته من الغاز المسال، رغم أن أغلب إنتاجها يذهب إلى دول آسيوية ضمن عقود طويلة الأجل، فقد سبق أن أكد وزير الطاقة القطري سعد بن شريدة الكعبي في أكثر من مناسبة أن بلاده لديها قدرة محدودة أو حتى شبه معدومة على تحقيق إنتاج إضافي من الغاز الطبيعي المسال، متحدّثا عن قيود على الكميات التي يمكن تغيير وجهتها.

وبدأ البرلمان الأوروبي الاثنين إجراء يستمر لمدة شهر للنظر في طلب رفع الحصانة عن الملاحقة القضائية لاثنين من أعضائه، هما الإيطالي أندريا كوزولينو والبلجيكي مارك تارابيلا، وكلاهما ينتمي إلى التيار الديمقراطي الاشتراكي من يسار الوسط. ويريد محققون بلجيكيون استجوابهما بشأن فضيحة فساد مالي لشراء النفوذ على صلة بقطر.

وستنظر لجنة الشؤون القانونية بالبرلمان في طلبات رفع الحصانة وتسعى لاختتام عملها خلال شهر، بما يسمح للبرلمان بالتصويت على الأمر خلال جلسة ستعقد في منتصف فبراير بحضور جميع الأعضاء.

وأوقف بانزيري في بروكسل في التاسع من ديسمبر الماضي، توازيا مع توقيف النائبة اليونانية في البرلمان الأوروبي إيفا كايلي ورفيقها المساعد البرلماني الإيطالي فرانشيسكو جورجي.

ووجهت لجميعهم، إضافة إلى نيكولو فيغا تالامانكا المسؤول الإيطالي في منظمة غير حكومية والموجود أيضا خلف القضبان، تهم "الانتماء إلى منظمة إجرامية" و"غسيل الأموال" و"الفساد".

ويُشتبه في أنهم حصلوا على مبالغ نقدية كبيرة من قطر للتأثير لصالحها داخل المؤسسة الوحيدة المنتخبة في الاتحاد الأوروبي، لاسيما في ما يتعلق بسجلّها بخصوص حقوق العمال. وكان بانزيري تحت مراقبة أجهزة الاستخبارات البلجيكية لمدة عام على الأقل.