قطر تزيد استثماراتها في مصر وتشترط اليد الطولى في الاستحواذ

الدوحة- القاهرة- كشفت الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى إلى الدوحة ولقاءاته المتعددة أن مصر تراهن على تدفق الاستثمارات القطرية، بعد أن أبدت استعدادها لتجاوز عراقيل تحول دون تمددها، أبرزها خروج عوائد الاستثمار، وزيادة نسبة الاستحواذ في المشروعات المطروحة للبيع حيث تريد الدوحة أغلبية فيها.
وكشف بيان لمجلس الوزراء المصري أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أكد في لقائه مع مدبولي أن الفترة المقبلة “ستشهد زيادة في حجم الاستثمارات في مصر وزيادة حجم التعاون بين البلدين في جميع المجالات الممكنة”.
واتفقت القاهرة والدوحة في مارس من العام الماضي على ضخ استثمارات قطرية بإجمالي خمسة مليارات دولار عقب خطوات حثيثة للمصالحة السياسية بين البلدين، تلت قمة العلا الخليجية في السعودية يناير 2021.
وحتى نهاية السنة المالية 2020 – 2021، بلغت قيمة الاستثمارات القطرية في مصر 507.9 مليون دولار، نزولا من 678.3 مليون دولار خلال العام المالي 2019 – 2020.
وأطلق رئيس الوزراء المصري تعهدات بأن بلاده ستعمل على إزالة المزيد من العراقيل أمام الاستثمارات القطرية، نافيا وجود قيود قانونية أو تنظيمية تحد من خروج العوائد إلى أيّ مستثمر داخل مصر، مؤكدا أنه جرى استصدار قوانين عديدة لهذا الغرض.
وكان موضوع نقل الأرباح من التحديات التي تواجه الاستثمارات الأجنبية عموما في مصر عقب تعويم الجنيه المصري لأول مرة في نوفمبر 2016، كما أن تحديد القاهرة لنسب ضئيلة في المشروعات والشركات المعروضة للبيع من العناصر الكابحة للمزيد من الاستثمارات القطرية التي تريد أن تكون لها يد اقتصادية طولى.
وقال عضو جمعية مستثمري الإسماعيلية بشرق القاهرة عبدالحميد المطري “لا توجد مخاوف من تحويل أرباح المستثمرين إلى الخارج، لأن المستثمر الإستراتيجي والمؤسسات التي تقوم بشراء حصص لا تقوم بتحويل عوائدها إلا بعد عام على الأقل”.
وأضاف لـ”العرب” أن تأجيل شراء المستثمرين القطريين وغيرهم من دول الخليج لكيانات مصرية سببه طول المفاوضات، حيث تواجه القاهرة موقفا صعبا بسبب تدهور سعر العملة ما يجعلها في قبضة المستثمرين بالخارج ورغبتهم الكبيرة في فرض تقييم خاص للشركات المعروضة للبيع.
وأسهب رئيس الوزراء خلال لقائه في الدوحة مع أعضاء مجلس إدارة غرفة قطر ورابطة رجال الأعمال في الحديث عن تحسن البيئة الاقتصادية في مصر وجهود تشجيع الاستثمارات من جانب القطاع الخاص وجذبها في المرحلة القادمة، مشددا على عزم مصر رفع كافة المعوقات التي تمنع زيادة نسق المشاريع في مصر.
◙ من المتوقع عقد منتدى الأعمال بين مصر وقطر في الربع الثاني من العام الجاري كخطوة لاستكشاف مجالات التعاون بين مجتمع الأعمال في البلدين
وضم الوفد المصري، الذي ترأسه مدبولي، وزراء التخطيط والتنمية الاقتصادية والصحة والمالية والتجارة والصناعة ورئيس الهيئة الاقتصادية لقناة السويس.
ووقّع الوفد على هامش زيارته إلى الدوحة ثلاث مذكرات تفاهم مع شركات قطرية لدعم وتعزيز أوجه الشراكة مع القطاع الخاص في مجال تقديم خدمات الرعاية الصحية.
وقامت وزيرة التنمية والتخطيط هالة السعيد بزيارة، خلال الفترة من 5 إلى 17 فبراير الماضي، البحرين وعمان والإمارات والكويت وقطر، لم تشمل السعودية، بهدف الترويج لجذب الاستثمارات للبلاد وشرح الحوافز الجديدة التي تقدمها مصر.
وأثار عدم تركيز القاهرة على الرياض في المجال الاستثماري تساؤلات عدة حول المدى الذي وصل إليه الخلاف بينهما ويمكن أن يلقي بظلاله على التعاون الاقتصادي.
وأشارت هالة السعيد الثلاثاء إلى أن القاهرة تسعى لإنشاء صندوق استثمار مشترك مع الدوحة لجذب الاستثمارات التي تخطط قطر لضخها في مصر.
ويبدو إنشاء الصندوق القطري للاستثمار خطوة مهمة على غرار الشركة السعودية – المصرية للاستثمار التي أطلقها صندوق الاستثمارات العامة السعودي في أغسطس الماضي بهدف الاستثمار في عدد من القطاعات بمصر، وهي إشارة ربما تحمل معاني سلبية إذا فهم منها أن القاهرة تستبدل اقتصاديا الدوحة بالرياض.
وجاءت زيارة مدبولي إلى الدوحة وسط أنباء عن تعثر مفاوضات مع جهاز قطر للاستثمار بشأن شركة فودافون مصر واثنين من مشغلي محطات الحاويات المملوكتين للدولة، ولم يتوصل الجانبان إلى اتفاق بشأن صفقة فودافون، حيث ترغب قطر في الاستحواذ على حصة الدولة الكاملة وتبلغ 45 في المئة، بينما القاهرة لا تريد التنازل عن أكثر من 25 في المئة من حصتها في الشركة.
وقدم جهاز قطر للاستثمار عرضًا للاستحواذ على حصص أغلبية في شركتي بورسعيد ودمياط لتداول الحاويات، في حين أعربت وزارة النقل المصرية عن تحفظها بشأن التنازل عن السيطرة على حصة الأغلبية في الشركتين.
وذكر مدير مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية بالقاهرة خالد الشافعي لـ”العرب” أن مصر يمكن أن ترفع نسب الحصص المطروحة للبيع، وتبرر ذلك بأن الأمر في صالح الاقتصاد، لكنها حريصة على امتلاك حصة مسيطرة ولو 51 في المئة فقط.
ولفت إلى توقعات تقارير مؤسسات دولية، وآخرها بنك سوستيته جنرال، بحدوث خفض جديد للجنيه المصري بنحو 10 في المئة قريبا، بما يمثل ورقة ضغط على المفاوضات المصرية مع دول خليجية، بينها قطر، من شأنها أن تفضي إلى دفع القاهرة لتقديم بعض الامتيازات، في ظل الوضع الصعب للعملة الأجنبية.
ونوّه صندوق النقد الدولي في يناير الماضي إلى أن تأمين الحصول على التمويل الخليجي مسألة ضرورية لمصر لسد الفجوة التمويلية في السنوات المقبلة.
ومن المتوقع عقد منتدى الأعمال بين مصر وقطر في الربع الثاني من العام الجاري كخطوة لاستكشاف مجالات التعاون بين مجتمع الأعمال في البلدين، وترتيب زيارة لوفد من رجال الأعمال إلى المناطق الحرة في مصر، والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، من أجل التعرف على الإمكانات والفرص الاستثمارية المتاحة.