قطر تحاول إنعاش حضورها الدبلوماسي من بوابة أفغانستان

استأنفت قطر تحركاتها لربط الصلة بين حركة طالبان والمجتمع الدولي بضوء أخضر أميركي، ويرى مراقبون أن الدوحة تسعى لاستغلال فراغ هذه الساحة من المنافسين لتقديم نفسها كوسيط يعتد به.
الدوحة - وجدت قطر في حاجة الولايات المتحدة إلى كسر الجمود في المحادثات مع حركة طلبان ضالتها لإنعاش دورها الدبلوماسي الذي تراجع بشكل لافت خلال الفترة الماضية، في مقابل عودة بروز سلطنة عمان كوسيط أساسي في المنطقة، وأيضا السعودية التي تُحسَب لها إعادة سوريا إلى الجامعة العربية فضلا عن دورها الجاري في السودان.
ويرى مراقبون أن قطر، التي سبق وأن حققت إنجازات في الملف الأفغاني، تسعى اليوم عبره لإنعاش حضورها الدبلوماسي، خصوصا وأنه لا يوجد لها منافس على هذه الساحة.
وقال مصدر مطلع إن رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أجرى محادثات سرية مع زعيم حركة طالبان هبة الله آخند زاده الشهر الماضي في أفغانستان حول سبل تهدئة التوترات مع المجتمع الدولي. وعقد الاجتماع في مدينة قندهار في الثاني عشر من مايو الماضي، وهو أول اجتماع معلن بين زعيم طالبان ومسؤول أجنبي.
وأشار المصدر إلى أنه جرى إطلاع الإدارة الأميركية على أمر الاجتماع وأنها “تنسق بشأن كل القضايا التي أثيرت في المحادثات” مع قطر بما يتضمن إجراء المزيد من الحوارات مع طالبان.وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه إن رئيس الوزراء القطري أثار عدة قضايا مع زعيم طالبان، من بينها ضرورة إنهاء الحظر الذي فرضته طالبان على تعليم الفتيات وتوظيف النساء.
◙ قطر، التي سبق وأن حققت إنجازات في الملف الأفغاني، تسعى اليوم عبره لإنعاش حضورها الدبلوماسي، خصوصا وأنه لا يوجد لها منافس على هذه الساحة
وتحاول قطر استغلال علاقتها القائمة منذ فترة طويلة مع الحركة الإسلامية المتشددة لتحقيق تواصل أكبر بين المجتمع الدولي وكابول. وقادت الولايات المتحدة حملة لمطالبة حركة طالبان بإنهاء الحظر على تعليم الفتيات وتوظيف النساء وبأن تشمل الحكومة الأفغانية شخصيات من خارج صفوف الحركة.
وتشير تصريحات المصدر إلى أن واشنطن دعمت رفع مستوى المحادثات، بعدما لم تسفر محادثات على مستوى أدنى عن تحقيق نتائج، على أمل التوصل إلى انفراجة في ظل تخوفها من إمكانية أن يملأ الفراغَ بعضُ خصومها الدوليين.
وتعتبر القيود المفروضة على تعليم الفتيات وتوظيف النساء من الأسباب الرئيسية لعدم اعتراف أي دولة بحكم طالبان منذ تولي الحركة السلطة في أفغانستان خلال أغسطس 2021 بعد انهيار حكومة كانت مدعومة من الغرب إثر انسحاب آخر دفعة من القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة من البلاد بعد عقدين من الحرب.
وذكر تقرير من الأمم المتحدة تم تقديمه في مارس إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف أن معاملة طالبان للفتيات والنساء قد ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية. وتقول طالبان إنها تحترم حقوق النساء بما يتسق مع تفسيرها للشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد الأفغانية.
ولم يبد آخند زاده استعدادا يذكر للتوصل إلى حل وسط بشأن ذلك. لكن اجتماعه مع الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني يشير إلى أنه منفتح على استكشاف سبل إنهاء عزلة أفغانستان وتعزيز برامج الإغاثة مع انزلاق البلاد أكثر في دائرة الجوع والفقر. وقال المصدر "الاجتماع كان إيجابيا للغاية" وإن آخند زاده "مهتم جدا" بمواصلة الحوار مع المجتمع الدولي.
والتقى الشيخ محمد، الذي يتولى أيضا منصب وزير خارجية قطر، في قندهار بالملا حسن آخوند رئيس الوزراء في حكومة طالبان في اليوم ذاته الذي التقى فيه زعيم الحركة وكان بصحبته رئيس المخابرات القطرية.
وسمحت قطر للحركة بفتح مكتب سياسي في الدوحة عام 2013 وقدمت تسهيلات لإجراء محادثات بين الحركة وواشنطن قادت إلى التوصل لاتفاق في 2020 قضى بانسحاب القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة بعد حرب دامت 20 عاما تقريبا. ولا ترتبط قطر بعلاقات دبلوماسية رسمية مع أفغانستان لكن سفارتها في كابول مفتوحة وتمثل المصالح الأميركية هناك.