قطر تجني ثمار تقاربها مع مصر بتعزيز وساطتها التشادية

الإفراج عن المعارض توم أرديمي رسالة مصرية مزدوجة تكشف فيها دعمها لقطر في وساطتها وأيضا إشارة دعم للسلطات التشادية لطي الصفحة القاتمة مع المتمردين.
الأحد 2022/09/18
العفو الرئاسي يمهد الطريق لإنجاح الحوار التشادي

القاهرة- في الوقت الذي قرأ فيه مراقبون إشارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تنصّل بلاده من العلاقة مع جماعة الإخوان على أنها إشارة إيجابية تجاه القاهرة، قرأ هؤلاء قرار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بالإفراج عن أحد قيادات المعارضة في تشاد على أنه عربون صداقة جديدة للدوحة لتعزيز وساطتها لحل الأزمة بين السلطة التشادية وقوى المعارضة.

ونشرت الجريدة الرسمية بمصر في الثالث عشر من سبتمبر قرارا أصدره الرئيس السيسي بالعفو عن توم أرديمي، وهو أحد كبار قيادات المعارضة التشادية، وكان محبوسا في أحد السجون المصرية منذ سبتمبر 2020، والشقيق التوأم للسياسي – العسكري تيمان أرديمي مؤسس اتحاد قوى المقاومة التشادي، وحكم عليهما غيابيا في نجامينا بالإعدام قبل صدور عفو عن جميع المتمردين في نوفمبر الماضي.

واتهمت السلطات التشادية تيمان أرديمي بتنظيم هجوم مسلح عليها بدعم من قطر ما أدى إلى قطع العلاقات بين نجامينا والدوحة قبل أن تستأنف وتعيد قطر تفعيل وساطتها للتوصل إلى تسوية سياسية، والتي تظهر وتختفي وفقا لحرارة العلاقات بين البلدين.

◙ الإفراج عن توم يفتح بابا لم تطرقه القاهرة علنا على مدار السنوات الماضية ويتعلق بتوظيف معارضي بعض الدول ممن يقيمون في الأراضي المصرية

وتوجه توم أرديمي إلى الولايات المتحدة بعد خلافه مع الحكومة في تشاد إبان عهد الرئيس الراحل إدريس ديبي، وطلب حق اللجوء السياسي بغرض نقل نشاطه إلى هناك، غير أن واشنطن قابلت طلبه بالرفض لانضمام شقيقه للمعارضة المسلحة.

بعدها سافر توم، وهو أكاديمي وسياسي بارز، إلى القاهرة في نوفمبر 2014 وسجل نفسه في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في أبريل 2015، وحصل على بطاقة طالب لجوء في ديسمبر 2019، وفي أثناء انتظار دوره للسفر إلى إحدى الدول الغربية، باغتته القاهرة بقرار اعتقال بعد ورود معلومات حول تعاونه مع جماعات إرهابية ومتطرفين ينشطون في جنوب ليبيا ويدعمون نظراء لهم في مصر.

في ذلك الوقت كانت العلاقات بين القاهرة والدوحة تشهد توترا حادا جراء اتهام الأولى للثانية بدعم جماعات مسلحة ومتشددين للنيل من أمن البلاد واستقرارها عبر أذرع قطر الموجودة في أجزاء متفرقة من الأراضي الليبية، ما أدى إلى القبض على توم بشبهة التورط في التخطيط لأعمال مسلحة تصب في صالح إرهابيين مصريين.

وأخذت القاهرة وقتا طويلا للكشف عن مكان اعتقال الرجل، ولم تطلب السلطات التشادية تسليمه لها، وربما اعتبر وجوده في القاهرة مصدر ارتياح لنظام الرئيس إدريس ديبي الذي شهدت علاقاته مع قطر صعودا وهبوطا دائمين بعد ما تردد حول وشائج قوية تربطه بمتمردي تشاد، في مقدمتهم تيمان وشقيقه التوأم توم.

وعلى الرغم من تسرب معلومات خلال زيارة رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد إدريس ديبي إلى القاهرة في يناير الماضي حول قيامه ببحث عملية تسليمه مع مصر، إلا أن توم ظل قابعا في أحد السجون المصرية حتى الإفراج عنه مؤخرا.

وزادت أهمية هذه الورقة مع استئناف الدوحة وساطتها بين الحكومة والمعارضة في تشاد واشتراط تيمان الإفراج عن شقيقه المحبوس بالقاهرة لتهيئة الأجواء لمصالحة منتجة مع نجامينا. ومع أن قطر لم تكشف عن أيّ دور لها، إلا أن السلطات التشادية ألمحت إلى دورها في تسهيل إطلاق سراح توم من خلال اتصالات أجرتها مع الحكومة المصرية.

◙ السلطات التشادية اتهمت تيمان أرديمي بتنظيم هجوم مسلح عليها بدعم من قطر ما أدى إلى قطع العلاقات بين نجامينا والدوحة

لكن تزامن الإفراج عنه مع زيارة الرئيس السيسي إلى الدوحة جعله يصب في صالح المهمة التي تقوم بها قطر لحل الأزمة بين الحكومة والمعارضة في تشاد وتعبيد طريق الحوار الوطني.

ووقع محمد إدريس ديبي في الثامن من أغسطس في العاصمة الدوحة اتفاقا برعاية قطرية مع حوالي 40 مجموعة متمردة، لبدء حوار وطني في نجامينا، وهو الاتفاق الذي ضخ دماء جديدة في عروق الوساطة القطرية.

ويقول مراقبون إن الخطوة المصرية بالإفراج عن توم تحمل رسالة مزدوجة الأولى رسالة دعم للقيادة القطرية في وساطتها، والثانية إشارة دعم للسلطات التشادية لطي الصفحة القاتمة مع المتمردين، حيث أسهموا بدور كبير في تحويل جنوب ليبيا إلى منطقة غير مستقرة فترة طويلة.

ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن الإفراج عن توم يفتح بابا لم تطرقه القاهرة علنا على مدار السنوات الماضية ويتعلق بتوظيف معارضي بعض الدول ممن يقيمون في الأراضي المصرية، وإمكانية أن يكون هناك مقابل تتحصل عليه القاهرة من الدوحة أو نجامينا.

1