قطر تتملص من قضية اعتقال تعسفي وتقع في محظور تكميم الأفواه

لا أثر لحرية التعبير في قطر التي تدير وسائل إعلام تدافع عن الحقوق والحريات، لكن فقط في دول أخرى.
الاثنين 2021/05/31
جانب من "الحريات" المكفولة في قطر

الدوحة – اضطرّت السلطات القطرية تحت ضغوط حقوقية دولية للكشف عن مصير عامل كيني اُعتبر محتجزا بشكل تعسّفي منذ اعتقاله في الدوحة قبل حوالي شهر بسبب خوضه على مواقع التواصل الاجتماعي في الأوضاع السيّئة للعمال الوافدين إلى قطر وتوجيهه انتقادات للسلطات بهذا الخصوص.

وأوجدت النيابة العامة القطرية صيغة “قانونية” لاعتقال مالكولم بيدالي قائلة إنّ التهمة الموجّهة إليه هي نشر معلومات مضللة لتحقيق منفعة مادية، لكنّها عرّضت في المقابل سمعة قطر التي تستعد لاحتضان نهائيات كأس العالم في كرة القدم بعد حوالي سنة ونصف السنة، للمزيد من الضرّر كدولة فشلت في حماية حقوق مئات الآلاف من العمال الأجانب وتستخدم تكميم الأفواه للتغطية على أوضاع هؤلاء العمّال.

وقال مكتب الاتصال الحكومي القطري إن النيابة العامة اتهمت العامل الكيني “بتلقي أموال بغرض نشر معلومات مضللة”. وذكر مسؤول قطري أن بيدالي الذي كان يكتب باسم مستعار اعتقل “لانتهاكه قوانين الأمن القطرية”.

وقال المكتب في بيان دون تفصيل “بيدالي اتهم رسميا بتهم تتعلق بتلقي أموال من عنصر أجنبي لإعداد ونشر معلومات مضللة داخل دولة قطر”.

وأضاف أن القضية أحيلت إلى النيابة العامة بعد تحقيق مستفيض وأنّ المتّهم “يحصل على الاستشارة القانونية والتمثيل قبل موعد المحاكمة الذي لم يتحدد بعد”.

وقالت منظمات حقوقية دولية من بينها منظمة العفو الدولية ومنظمة ميغرانت رايتس وفير سكوير ومرصد الأعمال وحقوق الإنسان في بيان مشترك، إنّ “مالكولم حارس أمن ومدون وناشط تحدث بصوت مسموع عن معاناة العمال المهاجرين أمثاله وكان يكتب لعدد من المنصات على الإنترنت.. وإنّه قبل أسبوع من اعتقاله، قدم لعدد كبير من منظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية شرحا لتجربته في العمل بقطر”.

ولفت توقيف العامل الكيني الانتباه إلى الحدود الضيّقة للتعبير في قطر التي تدير وسائل إعلام تسلّط أضواءها على الخارج وتتبنى بقوة قضايا حقوق الإنسان والحريات العامّة، لكن فقط في دول أخرى غير قطر.

وقال زملاء لبيدالي دون التصريح بهوياتهم خشية الاعتقال إن قوات الأمن القطرية احتجزت بيدالي في ساعة متأخرة من يوم الرابع من مايو دون تقديم معلومات عن مكان احتجازه.

وعمل بيدالي البالغ من العمر 28 سنة حارس أمن لمدة 12 ساعة في اليوم. وفي أوقات فراغه، كتب تحت الاسم المستعار “نوح” عن تجاربه كحارس، بما في ذلك محاولة تحسين أماكن إقامة العمال. وقد قدمت مقالاته الثناء لقطر في بعض الأحيان باعتبارها “رائدة في مجالات عديدة”.

Thumbnail

ومع ذلك لم يتراجع عن وصف غرف النوم الضيقة التي يتقاسمها بعض العمال (مع ما يصل إلى 10 رجال في غرفة) أو الإحباط من عدم القدرة على توفير “رفاهية الخصوصية” التي يتمتع بها المغتربون الغربيون والقطريون من ذوي الياقات البيضاء.

وسأل في مقال “لماذا يجب أن تكون العلاقة الخصوصية، وحتى الحياة الأسرية، محجوزة للجنسيات المتميزة والأثرياء؟”.

وقبل أيام من اعتقاله تحدث وظهر لفترة وجيزة في مؤتمر بالفيديو مع منظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية ليصف تجربته.

كما انتقد مؤخرا الشيخة موزة بنت ناصر حرم أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيسة مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، بالاسم في تدوينة له على فيسبوك.

ولم يخالف مالكولم في حديثه عن أوضاع العمّال الوافدين في قطر الحقائق التي أصبحت مشهورة إلى حدّ كبير وموثّقة في تقارير صحافية وحقوقية كثيرة أوردت صنوفا من اضطهاد هؤلاء العمال والاعتداء على حقوقهم تراوحت بين ظروف إقامتهم الصعبة وعدم قدرة كثيرين منهم على الحصول على مستحقاتهم المالية من مشغّليهم، وبين ظروف العمل الخطرة والشاقّة التي أودت بحياة المئات من العمّال الأجانب في قطر.

ونظم حراس الأمن في شركتين في قطر مؤخرا  احتجاجات بشأن الأجور وقضايا العمل. وبحسب منظمة فريدوم هاوس ومقرها واشنطن، يحق الإضراب للمواطنين القطريين من الاتحاد العام لعمال قطر فقط.

وقالت فريدوم هاوس في تقرير حديث إن العمال الأجانب “الذين يشاركون في الاحتجاجات العمالية معرضون لخطر الترحيل”.

وأضافت “بينما يتمتع السكان ببعض الحرية في المناقشة الخاصة، فإن قوات الأمن تراقب الاتصالات الشخصية وغالبا ما يمارس غير المواطنين الرقابة الذاتية لتجنب تعريض عملهم ووضع إقامتهم للخطر. ويمكن أن يواجه مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي عقوبات جنائية لنشر محتوى حساس سياسيا”.

ودعت لجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك قطر في وقت لاحق لتوضيح التهم التي يواجهها بيدالي أو إطلاق سراحه على الفور، مشيرة إلى أن الدوحة “اعتقلت مرارا صحافيين يغطون قضايا عمالية”.

وقال جاستن شيلاد عضو اللجنة والباحث الأول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “نشعر بالقلق إزاء احتجاز المدون مالكولم بيدالي.. لاسيما بالنظر إلى سجل السلطات القطرية في محاولتها إسكات التقارير عن حقوق العمال قبل استضافة البلاد لكأس العالم العام المقبل”.

3