قطر تتطلع إلى المنافسة في سوق صناعة الأدوية

التوقعات بنمو سوق الأدوية بنسبة 165.2 في المئة بين عامي 2020 و2030 يوفر فرصا مجزية للمستثمرين والجهات المعنية في العالم.
الثلاثاء 2023/07/11
نشاط حيوي لا يخلو من تحديات

تتطلع قطر إلى دعم قدرتها على جذب الاستثمار في صناعة الأدوية بتوسيع النوافذ التنافسية أمام تنمية هذا القطاع الحيوي، والتي يعتبرها خبراء خطوة مهمة نحو توطين هذا النشاط أسوة بما يقوم به جيرانها في منطقة الخليج العربي بفضل سياسة الإصلاح.

الدوحة- تحاول الحكومة القطرية توسيع طموحاتها باتجاه إرساء قاعدة لقطاع إنتاج الأدوية في البلاد عبر تكثيف الجهود لتعزيز الاستثمارات والعمل على استغلال القدرات الإنتاجية المتوفرة لهذه الصناعة المدرة للملايين من الدولارات.

ويحاول البلد الخليجي أحد كبار منتجي الغاز في العالم أن يبرز كوجهة جاذبة للمستثمرين الأجانب في هذا القطاع، لما يوفره من مناخ أعمال تنافسي، وبنية تحتية طبية شاملة، واهتمام بعمليات البحث والتطوير.

وأخذت الصناعات الدوائية والرعاية الصحية عموما بعد الوباء منحى تصاعديا، بدليل قيام دول المنطقة وفي مقدمتها الإمارات والسعودية بتعزيز محافظها الاستثمارية والدخول في شراكات مع عمالقة الصناعة لإقامة مشاريع جديدة في أسواقها المحلية.

وتتوقع وكالة ترويج الاستثمار في قطر أن تشهد الصناعة الدوائية في البلاد نموا ملحوظا في الأعوام المقبلة، مدفوعا بتوسع الطبقة الوسطى وارتفاع معدل الشيخوخة.

لكن ثمة تحديات تحتاج قطر إلى إزالتها وتتمثل في ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية وصغر حجم السوق وعمليات تسجيل الدواء على سبيل المثال.

◙ الصناعة الدوائية في البلاد ستشهد نموا ملحوظا في الأعوام المقبلة مدفوعا بتوسع الطبقة الوسطى
◙ الصناعة الدوائية في البلاد ستشهد نموا ملحوظا في الأعوام المقبلة مدفوعا بتوسع الطبقة الوسطى

وعموما يوفر القطاع فرصا مجزية للمستثمرين والجهات المعنية في العالم جراء التوقعات بنمو سوق الأدوية بنسبة 165.2 في المئة بين عامي 2020 و2030.

وشهدت صناعة الأدوية طفرة في أعقاب الوباء، وظهر ذلك جليا في العدد القياسي لصفقات الأدوية الحيوية والاستثمارات الكبيرة في أنظمة الرعاية الصحية.

وحظي هذا التوجه بالاهتمام في منطقة الشرق الأوسط، وخاصةً في دول الخليج، حيث يُشكّل هذا المجال مرحلة جديدةً لها.

أما على الصعيد العالمي، فتسير سوق الأدوية في مسار تصاعدي، وذلك وفقا لدراسة قطاعية حديثة أجرتها وكالة ترويج الاستثمار في قطر.

ووفق الدراسة فقد شهد عام 2020 قفزة كبيرة في عدد الأدوية الحيوية ، بزيادة ملحوظة بلغت 107 في المئة، مقارنةً بعام 2018، كما سجل الإنفاق على البحث والتطوير ارتفاعًا كبيرا، وصل إلى 189 مليار دولار في 2020.

ويشير هذا النمو المتوقع إلى التوسع المطرد في الصناعة الدوائية في أعقاب الأزمة الصحية، والاستثمارات الكبيرة في أنظمة الرعاية الصحية في العالم.

وبحلول عام 2025، يتوقع أن يصل سوق الأدوية إلى أكثر من ملياري دولار، بزيادة قدرها 70 في المئة عن 2020.

وعلى نحو مماثل، فقد أشارت التوقعات السابقة إلى ارتفاع مبيعات الأدوية بنسبة 32 في المئة ابتداء من عام 2020 لتصل إلى 181.1 مليار دولار بحلول عام 2024.

وسرعان ما أصبحت منطقة الشرق الأوسط مُحركًا رئيسيا لهذا النمو المتوقع، ويُعزى ذلك لاستفادة المنطقة من التحسن الذي طرأ على إمكانية الوصول إلى الأدوية، والتوقعات الإيجابية للتنمية الاقتصادية، مما يجعلها سوقًا جاذبة للاستثمارات في مجال صناعة الأدوية.

وسجل إجمالي الإنفاق في سوق صحة المستهلك في دول الخليج العربي ارتفاعا كبيرا ليصل إلى 9 مليارات دولار بسبب تركيز هذه الدول على مجالات الرعاية الصحية، وسهولة الوصول إلى الخدمات الرقمية الشخصية.

أهم معالم ازدهار القطاع في المنطقة

• زيادة الطبقة الوسطى

• نمو سوق الأدوية التي لا تحمّل اسما تجاريا

• ارتفاع أسعار الأدوية

• نمو الطب الشخصي

وثمة مجموعة من العوامل الرئيسية التي تزيد الطلب على الصناعة الدوائية، أبرزها ارتفاع نسبة الشيخوخة، وزيادة انتشار الأمراض المزمنة، والأمراض المرتبطة بالإجهاد والأوبئة.

وبالتزامن مع ذلك، توفر العوامل المُحفزة المرتبطة بالعرض مثل الطب التخصصي، وانتهاء صلاحية براءات الاختراع، والأدوية العامة التي لا تحمل اسمًا تجاريا، والأدوية التي لا يستلزم صرفها وصفات طبية، فرصًا إضافية لنمو هذا القطاع.

وبحسب ما تشير إليه الوكالة القطرية في بيان تلقت “العرب” نسخة منه فإن المعالم الرئيسية لسوق الأدوية في منطقة الشرق الأوسط تتمثل أولا في زيادة الطبقة الوسطى إذ من المتوقع أن يصل عدد المنتمين إليها في العالم إلى 5.3 مليار شخص بحلول 2030.

أما النقطة الثانية فتتعلق بنمو سوق الأدوية التي لا تحمل اسمًا تجاريًا، والتي بلغ حجمها 390.6 مليار دولار في عام 2020، ويتوقع وصول حجمها إلى 574.6 مليار دولار بحلول عام 2030.

والنقطة الثالثة تتمثل في ارتفاع أسعار الأدوية التي تُصرف بموجب وصفات طبية إلى 35 في المئة منذ عام 2014.

وأخيرا نمو الطب الشخصي، حيث من المرجح أن يصل حجمها إلى 796.8 مليار دولار بحلول 2028، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 6.2 في المئة.

وتجسيدا لالتزامها بتوفير خدمات عالمية المستوى، تتصدر قطر الإنفاق على الرعاية الصحية على مستوى دول الخليج بأكثر من 1.8 مليار دولار سنويا.

وشكَّلت الأزمة الصحية تحديات كبيرة أمام أنظمة الرعاية الصحية في العالم، وشمل ذلك الصناعة الدوائية، بيد أن قطر أظهرت مرونة وقدرة على التعامل مع هذه الأزمة غير المسبوقة.

ورغم الآثار المستمرة للجائحة، تستمر أنظمة الدعم العمل في البلد الخليجي لتجذب الاستثمارات في الصناعة الدوائية وتدفع عجلة تقدمها.

وتعتبر الإستراتيجية القطرية للصحة للفترة بين 2018 و2022 من العوامل الرئيسية لنجاح الدوحة في هذا المجال، فقد هيأت بيئة مواتية استثنائية لشركات الأدوية.

وتركز الإستراتيجية على تطوير خدمات الرعاية الصحية، وتشجيع انخراط القطاع الخاص في تقديمها، مدعومةً بالتزام الحكومة بالزيادة المستمرة في الإنفاق الصحي، والإنفاق على خدمات الرعاية الصحية الخاصة.

• بحلول عام 2025، يتوقع أن يصل سوق الأدوية إلى أكثر من ملياري دولار، بزيادة قدرها 70 في المئة عن 2020
بحلول عام 2025، يتوقع أن يصل سوق الأدوية إلى أكثر من ملياري دولار، بزيادة قدرها 70 في المئة عن 2020

وعلاوةً على ذلك، أدت سلاسة شبكات التوزيع، وسهولة الحصول على خدمات الرعاية الصحية إلى زيادة الطلب في السوق، وضمان توفر الأدوية الأساسية.

وتساهم مؤسسات مثل كلية الصيدلة بجامعة قطر، والمُبادرات التي تُطرح على غرار برنامج التدريب على البحوث الطبية الحيوية، على نحو كبير في دعم القدرات العلمية والبحثية للدولة، مما يُعزز الابتكار في قطاع الأدوية.

وبالإضافة إلى ذلك، تعمل مؤسسات تعليمية مرموقة منها كلية وايل كورنيل للطب – قطر، على تعزيز البحوث الصحية والدوائية، مما يُرسّخ مكانة قطر في هذه الصناعة.

وتتوقع وكالة الترويج للاستثمار أن تحتفظ البلاد بمركزها القوي في صناعة الأدوية العالمية مع انتقال العالم إلى حقبة ما بعد الجائحة.

وبفضل استعدادها للتعامل مع المتغيرات، وبنيتها التحتية، وخبراتها المعرفية الداعمة، تُصنف قطر ضمن أفضل ثلاث دول في المنطقة العربية، فيما يتعلق بمنشآتها الصحية، وستستمر في المضي قدمًا في تقديم إسهاماتها الكبيرة في مجال الرعاية الصحية.

11