قطر تبحث عن أحلاف جديدة استعدادا لعزلة طويلة الأمد

محاولة قطر إلى توطيد علاقاتها مع كل من تركيا وإيران يعتبر بمثابة مقامرة من دولة صغيرة قد تعرّض نفسها للابتزاز من قبل دولتين إقليميتين تفوقانها قوّة.
الأربعاء 2018/06/06
مصافحة من طرف واحد

الدوحة- تأمل قطر في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مواصلة بذلك بحثها عن إطار جديد يضمّها خارج حاضنتها الطبيعية الخليجية والعربية ويعوّض عن عزلتها الناجمة عن مقاطعة كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين لها بسبب دعمها للتشدّد والإرهاب.

وكانت الدوحة قد لجأت قبل ذلك إلى توطيد علاقاتها مع كلّ من تركيا وإيران في إطار المسعى ذاته، وهو ما اعتبرته أوساط سياسية بمثابة مقامرة من دولة صغيرة قد تعرّض نفسها للابتزاز من قبل دولتين إقليميتين تفوقانها حجما وقوّة، وتظهران قدرا كبيرا من النفعية والانتهازية والتقلّب في سياساتهما.

وتشنّ قطر حملة إعلامية كثيفة بمناسبة مرور سنة على المقاطعة، تهدف بالأساس للترويج إلى تماسك الدوحة وعدم تأثّرها بتبعاتها، لكن المسعى القطري لفكّ العزلة عن طريق التقارب مع إيران وتركيا، والاحتماء بحلف شمال الأطلسي، يعكسان شعور القيادة القطرية بوطأة الأزمة وتوقّعاتها بطول أمدها واشتدادها مستقبلا.

 

قطر التي تقول إنّها تسعى للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، سيتعيّن عليها قبل تحقيق ذلك أن تدرأ عن نفسها صورة البلد الداعم للإرهاب، وأن تبدّد ارتياب دول فاعلة في الحلف بشأن علاقاتها بالجماعات المتشدّدة، وأن تثبت بشكل عملي انخراطها الجاد في الجهود الدولية لمواجهة الظاهرة الإرهابية

وبعد مرور عام على مقاطعة كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين لقطر، تبدي تلك البلدان التي ترى في السياسات القطرية تهديدا لأمن المنطقة واستقرارها، إصرارا على ربط إنهاء المقاطعة بعدول الدوحة عن تلك السياسات وفكّ ارتباطاتها بالجماعات والمنظّمات الإرهابية، خصوصا وأنّ القيادة القطرية كانت قد قطعت على نفسها تعهّدات واضحة بذلك، عبر اتفاق مكتوب أبرمته دول مجلس التعاون في العاصمة السعودية الرياض مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني سنة 2013، وتمّ دعمه باتفاق تكميلي فصّل آليات التنفيذ سنة 2014.

وتقوم الحملة القطرية أيضا على ترويج صورة الضحية، من خلال الإيهام بتعرّض قطر لتهديد عسكري من قبل جيرانها، وهو الأمر الذي لم تصدر بشأنه أي إشارات لا في الخطاب السياسي ولا في الواقع الميداني.

وقال وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية إنّ لقطر تعاونا فعليا وحقيقيا مع الناتو يتطور يوما بعد يوم، مضيفا أنّه قد يفضي إلى استضافة الدوحة لإحدى وحدات الأطلسي أو أحد مراكزه المتخصصة.

وعمّا إذا كانت هذه الخطوات قد تنتهي بطلب قطر أن تكون عضوا كامل العضوية في الحلف، قال العطية “نحن حليف رئيسي خارج حلف الناتو. أما الطموح فهو موجود لعضوية كاملة في حال تطورت شراكات الناتو. ورؤيتنا في هذا الشأن واضحة”. وكان العطية يتحدّث للمجلة الرسمية لوزارة الدفاع والقوات المسلحة القطرية “الطلائع”، قائلا إنّ بلاده أصبحت من “أهم دول المنطقة في نوعية التسليح”.

وتحتاج قطر باستمرار لتبرير إنفاقها الضخم على صفقات تسلّح باهظة الثمن تتجاوز بكثير قدرات قوّاتها محدودة العدد، الأمر الذي يفسّره خبراء شؤون الأمن والدفاع، بأنّ الهدف من ورائه سياسي بامتياز ويتمثّل في شراء صداقة الدول الكبيرة المنتجة للسلاح.

قطر تحتاج باستمرار لتبرير إنفاقها الضخم على صفقات تسلّح باهظة الثمن تتجاوز بكثير قدرات قواتها محدودة العدد

ورغم ذلك -يقول الخبراء أنفسهم- لا تنجح الدوحة دائما في كسب ثقة الدول الكبرى التي تظلّ مرتابة بشأن انخراط قطر الجادّ في جهود محاربة الإرهاب والتصدّي لجماعاته، الأمر الذي قد يجعل من ضمّ قطر لمجموعة دول الناتو أمرا بالغ الصعوبة.

كذلك تمثّل العلاقة المتنامية بين قطر وإيران عامل تعميق لعدم الثقة بالدوحة، إذ تسير السياسة القطرية في هذا المجال عكس اتجاه الاستراتيجية الأميركية لمحاصرة النفوذ الإيراني وتحجيمه.

وقبل أيام تطوّع العطية نفسه للدفاع عن طهران، قائلا إنّ بلاده لن تقبل الانجرار إلى حرب مع إيران التي وصفها بالجارة داعيا إلى الحوار معها، وإلى الحفاظ على الاتفاق النووي الذي وقّعته مع ست قوى عالمية وانسحبت منه الولايات المتحدة مؤخّرا.

3