قطر المحرجة تستضيف قمة لكبار مصدري الغاز بينهم روسيا

موسكو: الأسهل على الاتحاد الأوروبي التحول إلى الحطب.
الخميس 2022/02/10
قوة ناعمة في صراع خشن

الدوحة - تستضيف قطر في الثاني والعشرين من فبراير الجاري قمّة لكبار مصدري الغاز الطبيعي ومن بينهم روسيا، وسط ترجيحات بإثارة مسألة إمدادات الغاز إلى أوروبا على وقع التوترات المستمرة بين موسكو وكييف.

وتتوقع أوساط سياسية خليجية أن تتضمن القمة السنوية لـ”منتدى الدول المصدرة للغاز” حديث مصارحة بين الجانبين الروسي والقطري حيال العرض الأميركي المتمثل في تولّي الدوحة ومزودين آخرين تعويض أي نقص في الإمدادات إلى أوروبا.

ولم تؤكد قطر ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيحضر شخصيا القمة السنوية للدول المصدرة للغاز في الدوحة، لكن من المنتظر أن ترسل موسكو عبر وفدها برسائل واضحة حيال خطورة مجاراة المطالب الأميركية.

وكانت الولايات المتحدة طلبت من حليفتها قطر وآخرين المساعدة في توفير إمدادات طارئة في حال قُطعت إمدادات الغاز الروسية عن غرب أوروبا جراء الصراع مع أوكرانيا. وجرى بحث هذه المسألة خلال زيارة أداها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الأسبوع الماضي إلى واشنطن والتقى خلالها بالرئيس جو بايدن.

موقف الدوحة رهين مآلات الأزمة الأوكرانية والمباحثات التي تجريها واشنطن مع أكثر من طرف بحثا عن بدائل للغاز الروسي

وتبدي قطر حذرا شديدا في التعاطي مع الطلب الأميركي لعوامل متداخلة من بينها خشيتها من أن تجد نفسها في قلب صراع دولي لا يمكن التنبؤ بمآلاته، فضلا عن كون قطر لا تملك مخزونا كافيا يتيح لها تعويض الغاز الروسي، وهو ما سبق أن أكدته.

وتحاشت موسكو الإدلاء بأي تصريحات رسمية ومباشرة حيال العرض الأميركي لقطر، لكن المندوب الروسي لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيجوف أكد الثلاثاء أن الاتحاد الأوروبي غير قادر في الوقت الراهن على استبدال الغاز الروسي.

وقال تشيجوف لوكالة “سبوتنيك” الروسية إن “المفوضية الأوروبية تبحث مع الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى إمكانية توسيع إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك لا تستطيع الولايات المتحدة توفير الغاز بكميات من شأنها أن تغطي جميع احتياجات الاتحاد”.

وأوضح أن “قطاع الغاز في الولايات المتحدة قطاع خاص، عندما تكون الأسعار أعلى في آسيا يذهب الغاز الطبيعي المسال إلى هناك، كما كان الحال في العام الماضي، عندما لم يصل الكثير من الغاز المسال الأميركي إلى أوروبا”.

وأشار تشيجوف إلى أن إمدادات الغاز الطبيعي المسال من قطر وبعض الدول الأخرى متعاقد عليها “لسنوات مقبلة”، معرباً عن اعتقاده “أن الاتحاد الأوروبي ليس لديه إمكانيات كبيرة لزيادة واردات الغاز الطبيعي المسال بشكل كبير”.

وقال الدبلوماسي الروسي إن “الاتحاد الأوروبي اليوم غير قادر فعلياً على استبدال غازنا بالكامل، وسيكون من الأسهل عليه حقاً التحول على الفور إلى الحطب، ونسيان جميع مبادئه الخضراء”.

ويعتمد الاتحاد الأوروبي على روسيا في أكثر من ثلث حاجاته من الغاز، ومن شأن أي تعطل للتدفقات أن يفاقم أزمة طاقة دفعت بالفعل فواتير المستهلكين إلى مستويات شديدة الارتفاع.

ويرى مراقبون أن موسكو ستحرص خلال القمة المنتظرة على إيصال رسالة إلى الدوحة وباقي المزودين بأن أي انخراط في ما تعتبره اللعبة الأميركية ضدها سينعكس سلبا عليهم بقدر تضررها.

وكانت وسائل إعلام روسية قريبة من الكرملين هاجمت بقوة التحركات الأميركية في البحث عن بديل للغاز الروسي، ووجهت تحذيرات للدوحة بشأن خطورة الاستجابة للإغراءات الأميركية.

وكتب إيغور سوبوتين، في مقال نشرته “نيزافيسيمايا غازيتا”، مؤخرا “ليس من صالح الإمارة الخليجية أن تنجرف خلف إرضاء مصلحة الولايات المتحدة، فالخطة المطروحة تخلق عامل توتر مصطنع في العلاقات مع روسيا”.

ويرى خبراء أنه لئن كانت قطر حريصة على تقديم نفسها للولايات المتحدة وباقي المنظومة الغربية على أنها حليف يمكن الركون إليه وقت الأزمات كما حصل مع أزمة أفغانستان، فإن مسألة أن تتولى تعويض النقص في إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا لا تخلو من تعقيدات حتى وإن أرادت الدوحة ذلك.

قطر تبدي حذرا شديدا في التعاطي مع الطلب الأميركي لعوامل متداخلة من بينها خشيتها من أن تجد نفسها في قلب صراع دولي لا يمكن التنبؤ بمآلاته

ويشير الخبراء إلى أن الأمر لا يقتصر على مخاطر “التحرش بالدب الروسي”، بل يتجاوز ذلك إلى مسألة عدم امتلاك الدوحة لفائض كبير من الغاز يمكّنها من تعويض أي نقص في الإمدادات إلى أوروبا.

ولا تريد الدوحة أن تخلّ بالتزاماتها حيال الموردين التقليديين في آسيا لاسيما الصين واليابان وكوريا الجنوبية، حيث أن ذلك قد يدفع هذه الدول إلى البحث عن بديل.

ويلفت الخبراء إلى أن قطر تحرص في تعاملاتها على إبرام عقود طويلة الأجل، لتجنب أي هزات، وهذا غير منتظر في الحالة الأوروبية.

ويقول الخبراء إن قطر تتأنى في اتخاذ أي خطوة، إلى حين اتضاح مسارات الأمور سواء بالنسبة إلى الأزمة الأوكرانية أو لجهة المباحثات التي تجريها الولايات المتحدة مع أكثر من طرف لتوفير بدائل عن الغاز الروسي.

وكشفت مصادر مطلعة لوكالة رويترز الأربعاء أن الولايات المتحدة طلبت الاجتماع مع إيني وتوتال إينرجيز وشركات أخرى للطاقة تعمل في الجزائر للوقوف على إمكانية جلب المزيد من الغاز الطبيعي من البلد الواقع في شمال أفريقيا.

وقال أحد المصادر “الولايات المتحدة طلبت اجتماعا مع إيني بشأن الجزائر”. وتعد إيني، التي لديها سلسلة عقود طويلة الأجل للغاز مع سوناطراك الجزائرية، أحد أكبر المنتجين الأجانب في الجزائر.

وذكر مصدر ثان أن واشنطن تواصلت مع توتال إينرجيز الفرنسية وشركات أخرى في المنطقة، من بينها إكوينور وأوكسيدنتال بتروليوم. وقال مصدر آخر إن إيني وأوكسيدنتال وتوتال اجتمعت للتنسيق بشأن غاز الجزائر وإمكانية إجراء زيادة محتملة في الإنتاج.

3