قطر المتحمّسة للمونديال تتجاهل تداعيات الطفرات المتحوّرة من كورونا

في حال صدقت التوقعات بشأن جائحة طويلة الأمد، فإن آمال القطريين في إنجاز مونديال استثنائي ستصبح في مهب الريح.
الأربعاء 2021/08/11
الوباء يزعج أحلام الدوحة لتقديم مونديال مثالي

الدوحة - بعد أولمبياد طوكيو يتحوّل التركيز في عالم الرياضة إلى بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 التي تستضيفها قطر، مع استمرار التساؤلات حول فايروس كورونا، وكذلك مسألة حقوق الإنسان في الإمارة الخليجية الثرية.

وعلى عكس الألعاب التي أقيمت في ظل ارتفاع أعداد الإصابات في طوكيو إنما من دون المتفرجين للحد من انتقال الفايروس، يصرّ منظمو بطولة كأس العالم 2022 على أنّها ستقام في ملاعب ممتلئة عن آخرها بمحبي اللعبة.

وقد يكون المونديال المقبل أول حدث رياضي عالمي حقيقي يحضره المشجعون منذ بدء انتشار فايروس كورونا في نهاية عام 2019 في حال أقيمت دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين 2022 خلف أبواب مغلقة كما اقترح مسؤول من اللجنة الأولمبية الدولية.

غير أنه في حال صدقت التوقّعات الكثيرة المتداولة بشأن جائحة طويلة الأمد قد ترافق البشرية لسنوات أخرى وحدوث موجات متلاحقة من الوباء، فإن آمال القطريين في إنجاز مونديال استثنائي ستصبح في مهب الريح، وعند ذلك ستجني قطر سمعة سلبية مضادة تماما لتلك التي سعت لتحقيقها وصرفت أموالا طائلة تعادل ميزانيات بعض الدول لأجلها.

ويفرض انتشار الوباء بشكل كبير على الدولة الخليجية تحديات؛ فهي ملزمة بإيجاد حل لعملية تنظيم مونديال آمن، خاصة أنه من المحتمل أن يبقى الفايروس منتشرا في جميع أنحاء العالم بحلول أواخر سنة 2022. وتعرضت اليابان بالفعل إلى بعض مشاكل استضافة حدث رياضي كبير في خضم الجائحة، كما نظمت أولمبياد طوكيو دون جمهور في الكثير من الألعاب الأولمبية.

وكانت الإمارة المضيفة الثرية تعهّدت بتنظيم بطولة “اعتيادية”، واعدة بتلقيح المشجعين المسافرين من البلدان التي يسير فيها التلقيح ببطء.

قطر تعهدت بتوفير مليون جرعة من لقاحات كوفيد – 19 للأفراد غير المحصّنين الذين سيسافرون إلى الدولة الخليجية. ولم تُنشر بعد تفاصيل برنامج التلقيح الخاص بالبطولة

وقال دانيل رايش الأستاذ المساعد في جامعة جورجتاون قطر لوسائل إعلامية “مهما حدث، أتوقّع أن يكون لدينا مشجعون في الملاعب، بمن فيهم أجانب”، مضيفا “قطر رائدة في تطوير مفاهيم الرياضة أثناء الوباء ونظّمت العديد من الفعاليات”.

وقطر أول مستضيف شرق أوسطي على الإطلاق لكأس العالم، كانت محطة لتلقيح الرياضيين الذين شاركوا في ألعاب طوكيو، إلى جانب رواندا، بالإضافة إلى استضافتها لفريق اللاجئين.

وتعهدت قطر بتوفير مليون جرعة من لقاحات كوفيد – 19 للأفراد غير المحصّنين الذين سيسافرون إلى الدولة الخليجية. ولم تُنشر بعد تفاصيل برنامج التلقيح الخاص بالبطولة.

وعلى الرغم من ميزانية قطر غير المحدودة – على ما يبدو – لتوفير السلامة والتوقي من كوفيد – 19 في المونديال فإنه من المحتمل أن تتسرب بعض الإصابات وقد تكون مرتبطة بتفشي الوباء أثناء كأس العالم أو بعده.

ولا يستبعد متابعون أن تواجه قطر أيضا قيودا قانونية من الدول التي تتبع استراتيجيات صارمة بشأن فايروس كورونا والمقاطعات غير الرسمية من قبل الزوار الذين لا يريدون المخاطرة بالإصابة بالمرض خلال كأس العالم.

وقال سايمون تشادويك مدير المركز الرياضي في جامعة إمليون “حققت طوكيو نجاحا (..) مع وجود القليل من المعارضة العامة بين الحاضرين بشأن القيود المفروضة”. وتابع أن على قطر أن “تتّبع وتضبط العمليات والإجراءات التي تم وضعها خلال الأولمبياد. والفرق الكبير بالطبع هو وجود المتفرّجين”.

Thumbnail

وقبل 18 شهرا فقط من الافتتاح، أصبحت الدولة الصغيرة ورشة كبيرة مليئة بمواقع البناء وأعمال الطرق التي تسبّبت في ازدحامات على نطاق واسع.

وأقر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بأنّ الوباء تسبّب في “تأخير” بعض مشاريع البنية التحتية “لكنه كان تأخيرا محدودا للغاية”.

وقال عن البطولة التي يأمل المسؤولون في أن تساهم بنحو 20 مليار دولار في الاقتصاد القطري “الاستعدادات.. ستكتمل كلها في الأشهر المقبلة”.

ولا تزال ثلاثة من ملاعب كأس العالم الثمانية، وجميعها ستعتمد على التكييف الاصطناعي رغم انعقاد البطولة في أشهر الشتاء، قيد الإنشاء.

وستخضع البنية التحتية لكرة القدم القطرية المقدّرة بالمليارات من الدولارات، لاختبار مهم عندما تستضيف بطولة كأس العرب لكرة القدم في الفترة بين 30 نوفمبر و18 ديسمبر القادمين في ستة ملاعب في جميع أنحاء البلاد.

وإلى جانب الوعود بأن البنية التحتية للبلاد ستكون جاهزة للبطولة، قدّمت قطر تأكيدات متكررة بشأن سجلها في مجال حقوق الإنسان والعمالة.

ولا تبدو الدوحة قد تجاوزت موجة واسعة تتجدد في كل مرة حول ملفها الحقوقي الذي واكبها منذ فوزها بحق استضافة المونديال قبل نحو عقد من الزمن.

بعض محبي كرة القدم والمعلّقين يخشون من ألا تقدّم الدوحة للزوار التجارب التي قدمتها دول أخرى في السابق

وألقت السلطات في مايو القبض على حارس أمن كيني كان قد نشر مقالات عن محنة العمال المهاجرين في البلاد التي تعتمد على العمالة الوافدة. ووجّهت إليه تهمة تلقي أموال من جهة أجنبية، مما أثار استياء الجماعات الحقوقية.

وبينما يتّهم نشطاء أصحاب العمل باستغلال العمال المهاجرين، تصرّ قطر على أنّها فعلت أكثر من أي دولة أخرى في المنطقة لتحسين ظروف هؤلاء.

وقال تشادويك “سرعة التغيير لن تكون كافية لإقناع بعض النقاد (..) فهناك أيضا معارضة كبيرة بين المحافظين داخل الحكومة وداخل المجتمع القطري بأن البلاد اضطرت بالفعل إلى تغيير الكثير”.

ونظمت عدة فرق أوروبية احتجاجات قبل مباريات تصفيات كأس العالم بما في ذلك النرويج وألمانيا.

ومن ناحية أخرى، يخشى بعض محبي كرة القدم والمعلّقين من ألا تقدّم الدوحة للزوار التجارب التي قدمتها دول أخرى في السابق.

ففي حين أن المشروبات الكحولية ستكون متاحة في مناطق المشجعين والمطاعم والفنادق، إلا أنّه من المحتمل ألا يتمكّن حاملو التذاكر العاديون من احتساء الكحول داخل الملاعب، وهو قرار لم يتّخذ بعد.

Thumbnail
12