قطر أمام اختبار دفع حماس لتقديم تنازلات تنهي حرب غزة

الدوحة - أعلنت قطر الخميس أنها استأنفت دورها في جهود الوساطة للتوصل إلى وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة بعد تعليق وجيز، وسط ترجيحات بأن تعمد الدوحة إلى ممارسة ضغوط على الحركة الفلسطينية من أجل تقديم تنازلات، في سياق رغبتها في كسب ثقة الإدارة الأميركية الجديدة، واسترضاء إسرائيل التي سبق وأن انتقدت موقف الإمارة الخليجية، واتهمتها بالانحياز لحماس.
ويعتقد أنه جرى الاتفاق على عودة الوساطة القطرية، خلال زيارة أداها مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إلى إسرائيل وقطر أواخر الشهر الماضي، حيث يريد ترامب التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن قبل توليه منصبه في 20 يناير المقبل.
وتجد قطر نفسها أمام اختبار صعب، وهو الضغط على حماس بشأن التخفيف من شروطها، وهي تراهن في ذلك على الوضع الإقليمي الذي يميل لغير صالح محور إيران، وشعور قيادة حماس بالعزلة. وانخرط البلد الخليجي بالإضافة إلى مصر والولايات المتحدة في مفاوضات استمرت لأشهر ولم تكلل بالنجاح لتأمين التوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهرا.
◙ هناك خطط لجولة تالية من المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس في الدوحة قريبا للتوصل إلى اتفاق
واتهمت الحكومة الإسرائيلية مرارا الدوحة بلعب دور سلبي في الوساطة، وشككت في نزاهتها، الأمر الذي كان من بين الأسباب التي دفعت الدوحة إلى تعليق الوساطة، في نوفمبر الماضي. وقال مصدر مطلع الخميس اشترط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المحادثات، إن قطر “عادت الآن إلى الوساطة،” من دون أن يقدم تفاصيل عن إجراء أي اجتماعات أخيرا مع مسؤولي الطرفين المتحاربين.
وذكر مسؤول أميركي إن مساعدي الرئيس جو بايدن كانوا على علم باتصالات مبعوث ترامب مع مسؤولين إسرائيليين وقطريين وآخرين في الشرق الأوسط، ويرون أن ويتكوف يدعم اتفاق غزة في إطار نفس النهج الذي اتخذته الإدارة. وتحتفظ إدارة جو بايدن، وليس ويتكوف، بقيادة الجهود الرامية إلى إحياء مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة. وأجرى زعماء من حماس محادثات مع مسؤولين أمنيين مصريين في القاهرة الأحد الماضي.
وذكر المسؤول الأميركي لرويترز شريطة عدم الكشف عن هويته إن فريق الرئيس بايدن أطلع معسكر ترامب على المستجدات، لكن الجانبين لم يعملا معا بشكل مباشر. ولم يستجب فريق ترامب الانتقالي ولا ممثلون عنه وعن ويتكوف لطلبات من رويترز للحصول على تعليقات بشأن تلك الاجتماعات. وحذر ترامب الاثنين الماضي من أن الثمن سيكون باهظا في الشرق الأوسط إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة قبل تنصيبه في 20 يناير.
وكتب ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي “إذ لم يطلق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، وهو التاريخ الذي سأتولى فيه بكل فخر منصب رئيس الولايات المتحدة، فستكون هناك ‘مشكلة خطيرة‘ في الشرق الأوسط وكذلك بالنسبة إلى من ارتكبوا هذه الفظائع ضد الإنسانية.” وذلك في أكثر تعليقاته الصريحة عن مصير الرهائن منذ انتخابه في نوفمبر.
اقرأ أيضا:
وويتكوف الذي كلفه ترامب بملف الشرق الأوسط مستثمر في قطاع العقارات ومانح لحملة ترامب وله علاقات أعمال مع قطر ودول خليج عربية أخرى لكنه لا يملك أيّ خبرة دبلوماسية سابقة. والتقى ويتكوف برئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني في 22 نوفمبر في الدوحة.
وقال المصدر المطلع “اتفقا على ضرورة التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة قبل تنصيب ترامب حتى يتسنى لإدارة ترامب بمجرد توليها أن تلتفت لقضايا أخرى ومنها تحقيق الاستقرار في غزة والمنطقة.” واطلع المصدر على ما دار في اجتماعي ويتكوف في قطر وإسرائيل وطلب عدم ذكر اسمه. والتقى ويتكوف برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إسرائيل يوم 23 نوفمبر. وقال مسؤول إسرائيلي لرويترز إن ويتكوف التقى أيضا بأسر رهائن إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة. وأضاف أن ويتكوف “تحدث معهم عن جهود فريق ترامب لمحاولة إبرام اتفاق قبل التنصيب.”
وسافر الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني إلى فيينا في 24 نوفمبر ليجتمع مع رئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنياع الذي قاد الجانب الإسرائيلي في المحادثات مع قطر على مدى 14 شهرا مضت. وقال المصدر “هناك خطط لجولة تالية من المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس ربما في الدوحة قريبا لكن لم يتحدد تاريخ بعينه بعد.”
وذكر مسؤولون قطريون إن فريق حماس غادر الدوحة في الأسابيع الأخيرة بعد اعتراض واشنطن على وجوده. وجاء ذلك في أعقاب رفض حماس لمقترح وقف إطلاق النار قصير الأمد بعد محادثات في منتصف أكتوبر. وقال المصدر “فريق تفاوض حماس سيعود على الأرجح إلى الدوحة لتسهيل عقد مثل تلك المحادثات.”
واندلعت الحرب في قطاع غزة بعد هجوم غير مسبوق لحركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 تسبّب بمقتل 1208 أشخاص. وخطِف أثناء الهجوم 251 شخصا من داخل الدولة العبرية، لا يزال 96 منهم محتجزين في القطاع، بينهم 34 شخصا أعلن الجيش الإسرائيلي أنهم قضوا نحبهم. وتنفّذ إسرائيل ردّا على الهجوم حملة عسكرية عنيفة مع قصف مدمّر وهجمات برية في القطاع تسببت بمقتل 44580 شخصا في غزة غالبيتهم مدنيون من النساء والأطفال، وفق أرقام وزارة الصحة التي تديرها حماس، وتعتبرها الأمم المتحدة ذات صدقية.
وأتاح التوصل إلى هدنة وحيدة في الحرب في غزة في نوفمبر 2023، استمرت أسبوعا الإفراج عن رهائن إسرائيليين كانوا محتجزين في القطاع في مقابل معتقلين فلسطينيين لدى إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، لم تحرز جولات متتالية من المفاوضات أيّ تقدم. وكان ترامب تعهّد بتقديم دعم قوي لإسرائيل ووعد بالحد من الانتقادات العرضية التي عبرت عنها إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن. والثلاثاء، نتنياهو ترامب على “تصريحه القوي” بخصوص الرهائن.
وفي حديثه عن تحذير ترامب يوم الاثنين، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لرويترز الأربعاء إن كلام الرئيس المنتخب كان “انعكاسا قويا” للحاجة الملحة بين الجمهوريين والديمقراطيين إلى وقف إطلاق النار وإبرام اتفاق بشأن الرهائن. وقال بلينكن “سنمضي في كل السبل التي بوسعنا في الوقت المتبقي لنا سعيا لاستعادة الرهائن والتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وأعتقد أن بيان الرئيس المنتخب يعزز ذلك.”