قطاع الطاقة العالمي يحيد عن مسار خفض الكربون

لندن - تكشف أحدث التقييمات الدولية أن قطاع الطاقة العالمي لا يزال يستمر في تجاهل الالتزام بخطط خفض الانبعاثات الدفيئة، الأمر الذي يعقد جهود الالتزام بالحياد الكربوني.
وأظهرت مراجعة إحصائية سنوية لمعهد الطاقة الخميس أن انبعاثات الكربون العالمية سجلت مستوى قياسيا مرتفعا للعام الرابع على التوالي في 2024 مع استمرار زيادة استخدام الوقود الأحفوري، حتى مع بلوغ الطاقة المتجددة مستوى قياسيا.
ويسلط تقرير المعهد، ومقره بريطانيا، الضوء على التحدي المتمثل في محاولة إنهاء اعتماد الاقتصاد العالمي على النفط والغاز، الذي لا يزال المصدر الأساسي للطاقة مع إصرار كبار المنتجين على زيادة استثماراتهم في هذا القطاع.
وكان العام الماضي هو الأعلى حرارة على الإطلاق، إذ تجاوزت درجات الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية للمرة الأولى.
وكتب معدو التقرير أن "العالم شهد ارتفاعا سنويا بلغ اثنين في المئة في إجمالي إمدادات الطاقة في عام 2024، وسجلت جميع مصادر الطاقة مثل النفط والغاز والفحم والطاقة النووية والكهرومائية والطاقة المتجددة زيادات، وهو ما حدث آخر مرة في عام 2006.”
وأدى ذلك إلى زيادة انبعاثات الكربون بنحو واحد في المئة في 2024 وتجاوز المستوى القياسي المسجل في العام السابق عند 40.8 غيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
ومن بين جميع أنواع الوقود الأحفوري العالمي، شهد الغاز الطبيعي أكبر زيادة في توليد الطاقة بلغت 2.5 في المئة. في الوقت نفسه، نما الفحم 1.2 في المئة ليظل أكبر مصدر لتوليد الطاقة على مستوى العالم، في حين كان نمو النفط أقل من واحد في المئة.
وأظهر التقرير أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية شهدتا نموا بلغ 16 في المئة في 2024، أي أسرع تسع مرات من إجمالي الطلب على الطاقة.
وتولى معهد الطاقة، الذي يضم متخصصين في مجال الطاقة من مختلف المستويات، بالتعاون مع شركتي الاستشارات كي.بي.أم.جي وكيرني، العام الماضي إعداد التقرير بدلا من عملاق الطاقة البريطاني بي.بي.
ويؤكد محللون أن العالم ليس في طريقه لتحقيق الهدف العالمي المتمثل في زيادة قدرة إنتاج الطاقة المتجددة إلى ثلاثة أمثال بحلول عام 2030 على الرغم من إضافة كميات قياسية.
وقال رومان دوبار الخبير في شركة كيرني للاستشارات، والمدير الإداري لمعهد كيرني للتحول في مجال الطاقة، وهو أحد معدي التقرير “كان العام الماضي نقطة تحول أخرى في مجال الطاقة العالمية، مدفوعا بالتوترات الجيوسياسية المتزايدة.”
وعُقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) في دبي في عام 2023، ووقّعت الدول خلاله على اتفاق للتحول عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة لتحقيق صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2025.
وكانت وكالة الطاقة الدولية قد نشرت تقريرا قبل فترة أظهر ارتفاعا في إجمالي الانبعاثات المرتبطة بالطاقة العام الماضي بنسبة 0.8 في المئة على أساس سنوي مسجلاً أعلى مستوى له على الإطلاق عند 37.8 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون.
وبحسب الوكالة زادت الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود بنحو واحد في المئة، أي 357 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، بينما انخفضت الانبعاثات الناتجة عن العمليات الصناعية بنسبة 2.3 في المئة، أي ما يعادل 62 مليون طن من الكربون.
وكان نمو الانبعاثات أقل من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي البالغ 3.2 في المئة، ما أعاد إلى الواجهة الاتجاه السائد منذ عقود، والمتمثل في فصل زيادة الغازات عن النمو الاقتصادي، والذي توقف في عام 2021.
وعلى النقيض من ذلك يشهد العالم نموًا مطردًا في القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة في ظل رغبة العديد من الدول بالإسراع في تقليص الانبعاثات الدفيئة، على الرغم من التحديات الجيوسياسية والاقتصادية والتكنولوجية التي تواجه هذا القطاع منذ سنوات.
وترصد الإحصائيات ارتفاعا في القدرة الإنتاجية العالمية للطاقة المتجددة بنسبة 377 في المئة خلال السنوات العشر الماضية، لتصل إلى 4.44 تيراواط، مدفوعةً بانخفاض تكاليف المعدات والتركيب والدعم القوي للسياسات.
وساهم الوعي المتزايد بتغير المناخ والاحتباس الحراري، إلى جانب انخفاض تكاليف معدات طاقة الرياح والشمس والحوافز السياسية القوية، في تعزيز سعة الطاقة البديلة العالمية من 0.93 تيراواط في عام 2015 إلى 4.44 تيراواط في عام 2024.