قطاع الصيد البحري يوسع آفاق معالجة البطالة في المغرب

اتسعت مؤشرات انتعاش قطاع الصيد البحري المغربي ليصبح من أبرز محركات معالجة البطالة وتعزيز آفاق النمو المستدام، في ظل تنامي الصادرات بفضل الحوافز الحكومية لأهل المهنة في إطار استراتيجية “أليوتيس 2020”.
أغادير (المغرب) -انعكس ارتفاع إنتاج قطاع الصيد البحري المغربي في إطار استراتيجية “أليوتيس 2020” على فرص التوظيف بشكل كبير، وهو ما يفتح آفاقا واسعة لمعالجة تحديات البطالة وتعزيز الصادرات.
ويتسلح المغرب بموقعه وسواحله الطويلة لتعزيز الشراكات مع أفريقيا في القطاع، حتى يكون مركزا يربط القارة بدول العالم، خصوصا بعد عودته إلى عضوية الاتحاد الأفريقي.
ولمس اقتصاديون المنحى الاستراتيجي في التعاون التنموي المغربي الأفريقي من خلال الدورة الخامسة من معرض “أليوتيس” الذي اختتمت فعالياته أمس، بمدينة أغادير تحت شعار “التكنولوجيات الجديدة في مجال الصيد البحري”.
وقال وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش في تصريحات صحافية إن “المعرض يعد تظاهرة اقتصادية كبيرة على الصعيد الأفريقي”، مبرزا أنه يحتل الصدارة على صعيد القارة في مجال الصيد البحري.
ويأتي المعرض بعد أيام من زيارة العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس إلى المغرب، والتي كان من نتائجها توقيع اتفاقية تعاون في مجال الصيد البحري.
115 ألف فرصة عمل مباشرة، تطمح الرباط لتوفيرها خلال العام المقبل ضمن استراتيجية المغرب الأزرق
وذكر المشرفون على المعرض في بيان تلقت “العرب” نسخة منه أن أخنوش أجرى مباحثات على هامش المعرض مع نظيره الإسباني لويس بلاناس بيشاديس لاستكشاف فرص الشراكات الممكنة في القطاع.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن حجم الإنتاج بلغ العام الماضي 1.4 مليون طن، ما يمثل نسبة 84 بالمئة من الهدف المحدد في مخطط المغرب الأزرق.
واعتمدت الرباط منذ 2009، استراتيجية “أليوتيس” لتطوير مصايد الأسماك وتعزيز مراقبة أنشطة الصيد بواسطة الأقمار الاصطناعية.
ويقول أخنوش إن حجم الإنتاج يوازي في الوقت الحالي ما يعادل معدل نمو سنوي يبلغ نحو 2.3 بالمئة خلال الفترة 2010-2018.
وأوضح أن القطاع حقق من خلال سلسلة الإنتاج عوائد تقدر بنحو 11.6 مليار درهم (1.1 مليار دولار)، بينما المستهدف بحلول العام المقبل يبلغ 2.3 مليار دولار سنويا.
وتعد النرويج أحد أبرز المستورين عالميا بالنسبة لمنتوجات الصيد البحري المغربي، حيث تستقبل حوالي 2480 طنا سنويا من المغرب، بقيمة 72 مليون درهم (7.5 مليون دولار) يمثل فيها زيت السمك 98 بالمئة من حيث الحجم والقيمة.
ويؤكد المسؤولون المغاربة أن هذا الأمر جلب المزيد من فرص العمل للقطاع، حيث تمكن المغرب خلال عام 2017، من توفير ما يناهز 108 آلاف فرصة عمل في القطاع، فضلا عن حوالي 97 ألف فرصة غير مباشرة من خلال صناعة وتربية الأحياء البحرية. وفي ضوء تلك الأرقام، فقد تحققت نسبة 84 بالمئة من الهدف، الذي حددته أليوتيس لعدد فرص العمل المحددة عند 115 ألف فرصة عمل مباشرة.
وتستوعب أوروبا نحو 60 بالمئة من صادرات قطاع الصيد البحري المغربي، وهذا ما دفع خبراء وزارة الاقتصاد والمالية إلى التأكيد على أن الانفتاح على الأسواق الجديدة، وخصوصا في قارة أفريقيا، يمكن أن تكون له آثار إيجابية على تطوير القطاع.
وتتضمن الاستراتيجية المتكاملة والشاملة، حسب أخنوش، الحصول على المنتجات السمكية، مع ضمان التنمية المستدامة للأنشطة، بالإضافة إلى احترام البيئة والتوازن البحري، وهو ما يأتي في إطار تصور المغرب لنموذج التنمية في المستقبل.
وقالت كلاوديا فيداي، سفيرة الاتحاد الأوروبي بالمغرب، على هامش النسخة الخامسة من معرض أليوتيس الدولي، بأغادير إن “مخطط المغرب الأزرق مهم جدا، والاتحاد الأوروبي يحاول بمعية المغرب تأهيل وتشجيع الاقتصاد، على اعتبار أن الرباط تصدر أسماكا كثيرة صوب أوروبا، وهو ما يقتضي المساعدة من أجل مستقبل مشترك”.
وعلى مستوى الشراكات جدد المكتب الوطني للصيد، الأسبوع الماضي ضمن فعاليات معرض شراكاته مع كل من فرانس أكري مير وميناء لوريون كيرومان تخص تحسين الإدارة المالية للمعاملات التجارية، ودعم المصدرين والمستوردين من المغاربة والفرنسيين.
وإلى جانب ذلك، سيتم تطوير نظام تتبع المأكولات البحرية، والتركيز على تسويق منتجات المصايد والتدريب والابتكار والتعاون الإقليمي، بالإضافة إلى دعم المصدرين والمستوردين المغاربة والفرنسيين.
وأكدت أمينة الفكيكي، مديرة المكتب الوطني للصيد، إن “المكتب يقوم بمجهود كبير من أجل تعزيز شراكاته الأساسية في ما يتعلق بتثمين المنتجات البحرية، وعصرنة التسويق”.
وبالنسبة للاستثمارات الخاصة القائمة على الأرض خلال الفترة 2010-2017، تم تسجيل 2.6 مليار درهم (215 مليون دولار) بينها 214 مليون دولار، تتعلق بالتراخيص الجديدة.
وأكدت وزارة الفلاحة المغربية أن معدل النمو السنوي للاستثمارات الخاصة بلغ نسبة 13 بالمئة خلال الفترة الممتدة بين 2010 و2017.
وناهز إنتاج وحدات التثمين 800 ألف طن في 2017 مقابل نحو 570 ألف طن في 2010، بمعدل نمو سنوي بلغ 5 بالمئة خلال كل تلك الفترة.
ويرى مسؤولون فرنسيون أن بلادهم تبحث عن أسواق من أجل تدعيم وارداتها من الأسماك، ويتم التنسيق مع المصدرين المغاربة، خصوصا أن قطاع الصيد بالمغرب يعمل وفق معايير جيدة مماثلة لما هو عليه الحال في القارة الأوروبية.
ورغم الأداء الجيد الذي سجله قطاع المصايد إلى حدود اليوم، فقد رصد تقرير صادر عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية بوزارة الاقتصاد والمالية، أن ذلك لا يزال غير كاف نظرا للفرص التي لم يتم استغلالها في هذا القطاع حتى ألان.
وتعتبر استدامة مصائد الأسماك من بين القضايا التي تؤرق جميع مناطق العالم، حسب أخنوش، الذي قال إن “الوضع الحالي يحتاج إلى المزيد من العمل من أجل حماية النظم الإيكولوجية الأرضية والبحرية”.