قطاع السفر العالمي يراقب بقلق تداعيات الحرب في غزة

شكلت عودة الحرب في الشرق الأوسط صدمة كبيرة لأوساط قطاع السفر في العديد من البلدان في ظل بروز آفاق غامضة لحركة الطيران العالمية جراء إلغاء المسافرين للحجوزات مما قد يكبد الشركات خسائر بينما كانت تتطلع إلى زيادة تحسين أداء أعمالها.
نيويورك - أظهرت بيانات لشركة فوروارد كيز لتحليل حركة السفر تراجع حجوزات الطيران الدولية على مستوى العالم منذ اندلاع أحدث صراع بين إسرائيل والفلسطينيين خاصة في الأميركتين مع إلغاء الناس رحلاتهم إلى الشرق الأوسط ومختلف أنحاء العالم.
وتزيد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من الأخطار الجيوسياسية على جميع الأسواق، بما في ذلك السياحة، من حيث تفاقم الصراع واتساع رقعته وامتداد فترته الزمنية، مع ترقب المستثمرين لما سيحدث إذا اجتذب النزاع دولا أخرى.
وتراجع الطلب العالمي على السفر منذ الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل مطلع الشهر الماضي، ونفذت إسرائيل بعدها ضربات جوية وعمليات برية على غزة.
ونقلت رويترز عن أوليفييه بونتي نائب رئيس قسم التحليلات في فوروارد كيز قوله إن "هذه الحرب مأساة إنسانية كارثية ومفجعة، وهذا من شأنه أن يجعل الناس يعزفون عن السفر إلى المنطقة، كما أنه يؤثر على ثقة العملاء في السفر إلى أماكن أخرى".
وانخفضت حجوزات الطيران الدولية من الأميركتين بنحو 10 في المئة في الأسابيع الثلاثة التي تلت السابع من أكتوبر 2023 مقارنة بعدد التذاكر الصادرة قبل ثلاثة أسابيع من الهجوم، وفقا لبيانات تذاكر الطيران من فوروارد كيز.
كما تقهقرت حركة السفر في الشرق الأوسط مع انخفاض تذاكر الطيران الدولية الصادرة في المنطقة تسعة في المئة في الفترة نفسها قبل عام. وتشير الأرقام أيضا إلى انخفاض حجوزات الطيران الدولية للسفر إلى المنطقة 26 في المئة في الأسابيع الثلاثة التي أعقبت الهجوم. وانخفضت حجوزات الطيران الدولية خمسة في المئة في المتوسط عبر المناطق، مما أثر على التعافي في حركة السفر عالميا بعد الجائحة.
وقال بونتي إن "الحجوزات قبل يوم واحد من الهجوم أظهرت أن السفر الجوي العالمي في الربع الأخير من العام سيتعافى بنسبة 95 في المئة مقارنة مع مستويات 2019، لكن اعتبارا من أواخر أكتوبر انخفضت التوقعات إلى 88 في المئة".
ولم يكشف الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) حتى الآن عن إحصائيات دقيقة عن تأثيرات الحرب في غزة والتداعيات المترتبة عنها في المستقبل.
وكان معرض سوق السفر العالمي الذي اختتمت فعالياته الخميس الماضي في لندن قد توقع في تقرير يرصد أحدث الاتجاهات التي تشكل الصناعة أن ينتعش السفر المحلي والداخلي في الشرق الأوسط.
ورجح التقرير الذي نشر بالتعاون مع شركة توريزيم إيكونوميكس أن يصل عدد زوار المنطقة بغرض الترفيه هذا العام إلى 33 مليوناً، مقارنة بنحو 29 مليونا في عام 2019.
ويقول معدو التقرير إن الزيادة تعني أن الشرق الأوسط هو المنطقة الوحيدة التي تعافت بالكامل من الأزمة الصحية من حيث الحجم.
وأشاروا إلى أنه عند قياسها بالدولار، تتصدر المنطقة من حيث النمو، مع زيادة بنسبة 46 في المئة في الإنفاق الداخلي في هذا القطاع مقارنة بعام 2019.
ووفق التقرير، يتفوق الشرق الأوسط على جميع المناطق الأخرى في مجال السفر الداخلي الذي نما بواقع 176 في المئة منذ عام 2019، وإن كان ذلك من قاعدة منخفضة.
وفي خضم ذلك، تسارع شركات الطيران في شراء عقود المشتقات النفطية للتحصن ضد ارتفاع أسعار النفط الخام الذي شهدته في الأسابيع الأخيرة، حيث تُنذر الحرب في غزة بزيادة فواتير الوقود.
مؤشرات حول نشاط القطاع
- 5 في المئة تراجع حجوزات الطيران عبر المناطق
- 9 في المئة انخفاض التذاكر الدولية إلى الشرق الأوسط
- 10 في المئة تراجع حجوزات الطيران من الأميركيتين
- 26 في المئة انخفاض الحجوزات الدولية إلى الشرق الأوسط
ويُشير تجار وسماسرة في سوق النفط إلى وجود زيادة ملحوظة في نشاط التحوط من قبل المستهلكين منذ اندلاع الصراع. كما أكد مسؤولون تنفيذيون في قطاع الطيران هذه التحركات خلال إعلانات الأرباح في الفترة القليلة الماضية.
وتظهر موجة النشاط بوضوح في زيادة أحجام صفقات الشراء والخيارات حيث يهدف المشترون إلى حماية أنفسهم من الارتفاع الكبير في الأسعار.
ورغم تراجع أسعار النفط إلى مستويات ما قبل الحرب وعدم توسع الصراع إلى المناطق الرئيسية المنتجة للنفط، ما تزال شركات الطيران تتوقع خطر ارتفاع سعر هذه السلعة التي عادة ما تمثل أكبر نفقاتها.
وقال ستيفن زات المدير المالي لشركة أير فرانس خلال إعلان الأرباح الأسبوع الماضي “سننجزها بسرعة كبيرة”، في إشارة إلى السرعة التي تستهدفها شركته للوصول إلى حجم التحوط المطلوب من استهلاك الشركة للوقود بأوائل العام المقبل. وأضاف “نقترب من نسبة 70 في المئة لتفادي أي زيادة مفاجئة في أسعار النفط”.
وتقوم شركات الطيران عموما بالتحوط من زيادة قيمة فواتير الوقود الخاصة بها من خلال مجموعة متنوعة من أدوات المشتقات، بما في ذلك عقود الخيارات والمقايضات.
ولا تخلو هذه الإستراتيجية من المخاطر، فخلال الوباء خسرت شركات مليارات الدولارات بسبب هذه الممارسة، إذ أدى تدهور السفر العالمي إلى تكبدها خسائر ضخمة من مراكز المشتقات التي اتخذتها، ولم تستطع تعويض فواتير الوقود مع توقف الرحلات الجوية.
وتسببت الخسائر التي تكبدتها العديد من شركات الطيران، وخاصة الأوروبية منها، في بطء عودتها إلى السوق ودفعتها إلى تقليص مراكز التحوط الخاصة بها. وحتى قبل أزمة الجائحة، أدت الخسائر إلى تخلي البعض من الشركات في الولايات المتحدة عن هذه الممارسة.