قطاع التأمين يستعين بالذكاء الاصطناعي للتحوط من مخاطر الاحتيال

تقنيات التعلم الآلي باتت عنصر أساسي لنمو القطاع المالي لأي اقتصاد في العالم.
الجمعة 2024/04/19
التكنولوجيا ليست مجرد أداة للترفيه!

باريس - تحولت شركات التأمين إلى التعويل على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لكشف محاولات الاحتيال التي يلجأ إليها بعض المرتبطين معها بعقود، ومنها مثلا المطالبات الملفقة بالكامل أو المتلاعب بتاريخها، والمبالغة في الإبلاغ عن الأضرار.

وباتت تقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي تمثل عناصر أساسية لنمو جميع القطاعات وازدهارها تقريبا بما في ذلك صناعة التأمين، التي تعتبر أحد واجهات القطاع المالي المهم لأي اقتصاد في العالم.

ويُشير الذكاء الاصطناعي إلى المجال الذي يمكن فيه للروبوتات محاكاة تصرفات البشر، أما تعلم الآلة فهو نوع من البرامج القائمة على الذكاء الاصطناعي والتي تتيح للآلات تطوير توقع أكثر دقة مما كان ممكناً في السابق.

وأسهم الوباء في تسريع وتيرة تبني التقنيات الجديدة واستخدامها، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، من أجل مستقبل أكثر ذكاء وكفاءة، حيث يعمل قطاع التأمين كغيره من القطاعات على اعتماد هذه التقنيات وتعديلها بما يتناسب مع احتياجاته.

90 في المئة من المستندات المزورة لا يمكن اكتشافها بالعين المجردة
90 في المئة من المستندات المزورة لا يمكن اكتشافها بالعين المجردة

ولاحظ رئيس وكالة مكافحة الاحتيال في مجال التأمين ماكسانس بيزيان لوكالة فرانس برس أن “شركات التأمين أبدت فورا اهتماما بالإفادة من الذكاء الاصطناعي في إدارة المطالبات، وخصوصا في ما يتعلق بالاحتيال”.

والأمر جدير فعلا بالاهتمام، إذ أن هذه الرابطة المهنية تقدّر قيمة عمليات الاحتيال على الممتلكات والمسؤوليات في فرنسا بما بين 2.1 و2.5 مليار يورو (2.24 و2.66 مليار دولار) كل عام.

ويستطيع الذكاء الاصطناعي أن يساعد، فور توقيع العقد، في اكتشاف ما إذا كان مستند مّا تعرّض لتعديلات ولو طفيفة، وعلى رصد أيّ تناقضات قد تكون موجودة بين مستندات مختلفة (وثائق هوية، شهادات تسجيل، وغيرها).

وكذلك يتيح، على سبيل المثال، اكتشاف ما إذا كانت صور أسقف منهارة مثلا مأخوذة من الإنترنت، أو ما إذا كان تم تعديل صور حقيقية لزجاج سيارة للإيحاء بأنه مكسور.

وأوضحت مديرة المراقبة ومكافحة الاحتيال في شركة أليانز فرانس ناديج فوشيه أن “90 في المئة من المستندات المزورة لا يمكن اكتشافها بالعين المجردة”.

وتطلق هذه الأدوات التكنولوجية أيضا تنبيها إذا اعتبرت أنّ ثمة أمراً غير طبيعي في تغييرات الرمز السري أو بيانات هوية مصرفية لمصرف أجنبي عبر الإنترنت أو اتصالاً بحسابات الزبائن من مكان غير اعتيادي.

ويوضح إريك سيبوني، المشارك في تأسيس شركة شيفت تكنولوجي الفرنسية المتخصصة في هذا المجال، أن استخدام رقم هاتف واحد لعدة مستفيدين من عقود التأمين، أو ورود أسماء لأشخاص مرتبطين بمطالبات عدة وبأدوار مختلفة، عناصر تفتح “مسارات دقيقة للتحقيق” في الاحتيال من جانب عصابات منظمة.

وتوصف أدوات تكنولوجيا المعلومات للكشف عن الاحتيال بأنها ذكية “لأنها تخضع لإعادة تعلم عبر نماذج تعلم عميق والتعلم الآلي يتم تحسينها تدريجا مع الاستخدام”، على ما يوضح فلوريان لاغاردير من شركة أليانز فرانس لوكالة فرانس برس.

وفي نهاية السلسلة، يكون هناك دائما موظف مسؤول عن إدارة مطالبات الموظفين هو الذي ينظر بالتفصيل في ملفات حددتها الأنظمة الآلية، ويحدد ما إذا كان هناك احتيال أم لا.

ولهذا المسار طابع قانوني ولكنه مرتبط أيضاً بقدرة التمييز، نظرا إلى أن “كل أنظمة الذكاء الاصطناعي تولّد نتائج إيجابية كاذبة”، وفق بيزيان.

شركات التأمين تعول تستخدم تقنيات وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لكشف محاولات الاحتيال التي يلجأ إليها بعض المرتبطين معها بعقود

وبالنسبة إلى شركة التأمين، فإن اعتماد أدوات جديدة للكشف عن الاحتيال ينتج عن المفاضلة بين تكلفة التطوير والتشغيل والوفورات الناتجة عن الكشف عن المطالبات الكاذبة التي لن تسددها.

وأوضح الفرع الفرنسي لشركة التأمين الإيطالية جنرالي الصيف الماضي أنه وفر نحو 20 مليون يورو (21.3 مليون دولار) بفضل الاعتماد على برمجيات شيفت تكنولوجي.

ويقول مستشار شركة بارتل ألكسندر هانينس لوكالة فرانس برس إن “أولئك الذين نفذوا مشاريع تصنيع لمكافحة الاحتيال لن يعودوا إلى الوراء”، لكنه يحذر من ضرورة عدم وصم حاملي وثائق التأمين واعتبارهم محتالين محتملين.

ويشير بيزيان إلى أن العلاقة بين شركة التأمين وعميلها تقوم على الثقة، ونادراً ما ترى شركة التأمين ما تقوم بتأمينه.

وبالمثل، يجب ألا تؤدي خطوات المراقبة إلى إبطاء معالجة المطالبات أكثر من اللازم، ما قد يؤدي إلى إزعاج المستفيدين من ذوي النية الحسنة من عقود التأمين.

وتقدر شركة موردر أنتيلجنس أن يبلغ حجم سوق التأمين العالمي خلال العام الجاري بحوالي 8.1 تريليون دولار. ومن المتوقع أن ينمو بمعدل سنوي مركب يزيد عن 4 في المئة حتى حلول العام 2029.

10