قطاع البناء المصري على أعتاب أكبر طفرة بالمنطقة

وكالة فيتش تتوقع نموا في نشاط السوق بواقع 7.9 في المئة سنويا خلال العامين المقبلين.
الاثنين 2024/03/18
احذر عند الصعود إلى القمة!

حملت التوقعات عن سوق البناء والإنشاءات في مصر خلال المرحلة المقبلة في طياتها تفاؤلا كبيرا وذلك بالنظر إلى عدد من العوامل التي تدفع القطاع إلى النمو بشكل قوي وبمعدل يفوق أقرانه في منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها الاستثمارات الخليجية.

القاهرة- أشاعت مؤشرات إيجابية بشأن الصعود القوي لأعمال البناء والتشييد والإنشاءات في مصر، حالة من الطمأنينة بين أوساط هذا القطاع الحيوي بعودته إلى سالف نشاطه وبإمكانية تجاوز الإكراهات التي عانى منها بسبب الأزمة الاقتصادية.

وتوقعت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية في تقرير حديث أن ينمو القطاع بنسبة 7.5 في المئة للعام المالي الحالي الذي ينتهي في أواخر يونيو المقبل وبنحو 7.9 في المئة خلال العامين المقبلين على أساس سنوي.

وهذه الترجيحات تجعل القطاع يتفوق على معدلات نمو القطاع بدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حتى 2033، بحسب ما أوردته وكالة بلومبرغ عن فيتش الأحد.

وأشارت الوكالة في تقرير تناول آفاق قطاع البنى التحتية والتشييد في البلاد على مدى 10 سنوات، إلى وجود 4 عوامل أساسية تدعم نموه، على رأسها التدفقات المالية الخارجية، وفي مقدمتها الاستثمارات الوافدة من الإمارات والسعودية وقطر.

أحمد شمس الدين: العقارات تمثل أحد القطاعات الواعدة للاستثمار بالبلاد
أحمد شمس الدين: العقارات تمثل أحد القطاعات الواعدة للاستثمار بالبلاد

وبالإضافة إلى ذلك، تمويلات بإجمالي 20 مليار دولار منها 8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي و3 مليارات دولار من البنك، وأيضا 8 مليارات دولار من الاتحاد الأوروبي، فضلا عن تمويلات من بريطانيا واليابان.

وكانت مصر قد وقعت الشهر الماضي مع الإمارات صفقة استثمار عقاري، ستطور بموجبها شركة القابضة أي.دي.كي، لصندوق سيادي تابع لأبوظبي مشروع رأس الحكمة مقابل 24 مليار دولار بهدف تنمية المنطقة.

ويتضمن الاتفاق الثنائي تحويل 11 مليار دولار من الودائع التي سيتم استخدامها للاستثمار بمشاريع رئيسية في مصر.

ونقلت بلومبرغ عن مصادر مطلعة لم تفصح عن هوياته إن “السعودية تجري محادثات أولية لتطوير منطقة رأس جميلة على ساحل شمال البحر الأحمر، باستثمارات ستبلغ عدة مليارات من الدولارات، في حال تمّ الاتفاق على الصفقة”.

أما العامل الثاني الداعم للقطاع، بحسب فيتش، فهي الطلب المحلي القوي على العقارات السكنية المدعوم بتزايد عدد السكان وبنيتهم الديمغرافية الشابة.

كما أن النشاط السياحي الذي يحفز الطلب على مشاريع البنية التحتية والتطوير العقاري المرتبطة بالسياحة والفنادق والنقل سيكون من بين المحفزات الرئيسية لنمو قطاع البناء.

ويتمثل العامل الرابع وجود مشاريع كبرى قيد التنفيذ، وهي تتنوع ما بين المدن الجديدة والطاقة المتجددة وغيرها.

ورجّح أحمد شمس الدين، رئيس قطاع البحوث في شركة إي.ف.جي هيرميس القابضة خلال مقابلة مع بلومبرغ الشرق مؤخرا أن تمثل العقارات في مصر أحد القطاعات الواعدة للاستثمار، مع قرب خروج البلاد من أزمة السيولة التي مرّت بها.

علياء المبيض: لا مفر للحكومة من مواصلة الخطوات لدعم الاستثمارات
علياء المبيض: لا مفر للحكومة من مواصلة الخطوات لدعم الاستثمارات

لكن هذا النشاط المزمع لقطاع التشييد، يتزامن مع دعوات لكبح الإنفاق على المشاريع الكبرى، سواء عبر تصريحات سابقة لمسؤولي صندوق النقد أو لرجال أعمال، آخرهم الملياردير نجيب ساويرس.

وكان ساويرس قد دعا الحكومة في مقابلة تلفزيونية قبل يومين إلى عدم ضخ الأموال في المشاريع التي لا تحمل صفة الأولوية.

وبرر ذلك قائلا “حتى لا نعود بعد ثلاث أو 4 سنوات إلى الوضع الذي كنا عليه”، قبل أن تسهم صفقة رأس الحكمة في إحداث منعطف إيجابي للاقتصاد المصري.

ومن المرجح أن تبدأ مطلع العام المقبل عمليات ترفيق المرحلة الثانية من العاصمة الإدارية بكلفة 240 مليار جنيه (5 مليار دولار)، وفق ما قال رئيس شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية خالد عباس لبلومبرغ الشرق.

وكان عباس قد صرح سابقا أن الشركة ستنفق 60 مليار جنيه (1.2 مليار دولار) في عام 2024، لتسريع عمليات الإنشاءات وتشييد المرافق وتطوير البنية التحتية للمدينة الجديدة الواقعة شرق العاصمة القاهرة.

واعتبرت علياء المبيض كبيرة الاقتصاديين للشرق الأوسط في شركة جيفيريز خلال حلقة خاصة لمحطة الشرق التلفزيونية تحت عنوان “اقتصاد مصر.. الفصل الجديد”، أن على الحكومة مواصلة المزيد من الخطوات.

وأشارت الخبيرة اللبنانية في حديثها إلى ضرورة تقليص مشاريع البنية التحتية الكبرى والانضباط المالي للحكومة وإفساح المجال للقطاع الخاص.

في المقابل، يعتقد هشام عزالعرب، رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي، أن أسعار الفائدة التي رفعها البنك المركزي مؤخرا 600 نقطة أساس إضافية، تجعل القطاع العقاري بطليعة المرشحين للتأثر سلبا.

هشام عز العرب: العقارات في طليعة المرشحين للتأثر سلبا بسعر الفائدة
هشام عز العرب: العقارات في طليعة المرشحين للتأثر سلبا بسعر الفائدة

ومطلع فبراير الماضي، أفصح مطورون عقاريون أنهم أجّلوا طرح مراحل جديدة من مشاريعهم السكنية لحين إعادة استقرار سعر صرف الجنيه وأسعار لمواد البناء.

وأشاروا إلى أن الهدف من ذلك هو حتى يتمكنوا من إعادة تسعير وحداتهم في ضوء الزيادات اليومية لثمن هذه المواد، ومن ضمنها الحديد الذي قفز سعره 85 في المئة خلال عام.

وتأثرت مشاريع البنية التحتية، خلال العامين الماضي والحالي، بأزمة شح الدولار، حيث أدى نقص المواد الأولية إلى عرقلة إنجاز بعض هذه المشاريع الحيوية، كالطرق والكباري، بحسب مسؤولين في شركات مقاولات حكومية وخاصة.

ورغم التفاؤل، لكن خبراء فيتش يقولون إن ثمة ثلاثة تحديات يواجهها قطاع البنية التحتية والبناء في مصر تتصدرها حالة عدم اليقين إزاء الوضع الجيوسياسي في المنطقة بسبب الحرب في غزة وتوترات البحر الأحمر، ما قد يؤثر على إقبال المستثمرين.

كما أن الارتفاع المتوقع بمستوى التضخم بعد تحرير سعر صرف الجنيه، الأمر الذي يهدد قدرة المصريين الشرائية، سيكون حجر عثرة أمام القطاع، إضافةً إلى تحدٍ قانوني يتمثل في ضبابية إجراءات تسجيل ملكية الأراضي.

وكانت فيتش قد توقعت في تقرير سابق أن تزيد الحرب في غزة وإمكانية توسعها، المخاطر التي تحاصر اقتصادات الدول المجاورة، ولاسيما مصر والأردن.

وتفاقم التضخم بالبلاد خلال فبراير لأول مرة بعد أربعة أشهر من التراجعات، إذ قفزت أسعار المستهلكين 35.7 في المئة على أساس سنوي، مقابل 29.8 في المئة خلال يناير.

وحسب بيانات جهاز الإحصاء، زادت وتيرة التضخم على أساس شهري إلى 11.4 في المئة في فبراير من 1.6 في المئة في يناير.

11