قضية "بيع مقاعد" تضع أحد أبرز الأحزاب المنافسة على الانتخابات التشريعية في الأردن قيد المساءلة

أمين عام حزب إرادة ينفي مثوله أمام النائب العام ويحذر “المسيئين”.

السبت 2024/07/20
مخاوف كبيرة

وجدت قيادة حزب إرادة نفسها في موقف محرج نتيجة منشور على فيسبوك لأحد الأعضاء أشار فيه إلى دور المال السياسي في تشكيل قائمات الحزب. ووصلت القضية إلى مكتب النائب العام، وسط مخاوف قيادة “إرادة” من تأثير ذلك على حظوظ الحزب في الانتخابات التشريعية المنتظرة.

عمان - يواجه حزب إرادة، وهو أحد أبرز الأحزاب الأردنية المنافسة في الانتخابات التشريعية المقبلة، هزة سياسية على خلفية منشور لأحد أعضائه انتقد فيها آلية اختيار المرشحين للاستحقاق لاسيما على مستوى المراكز الأولى في القائمات وتحميلهم أعباء مالية لا طاقة لهم بها. ورغم أن العضو وهو الشاب غيث العجارمة، سارع إلى حذف المنشور ونشر لاحقا بيانا توضيحيا أكد فيه أن ما حصل هو سوء فهم من قبله، لكن المنشور تم تداوله على نطاق واسع.

ولم تبق الأزمة حبيسة المواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام المحلية حيث تدخلت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وأحالت الأمين العام للحزب نضال البطاينة، ومسؤولين في الحزب إلى النائب العام. وتترافق القضية مع تسريبات كثيرة عن دخول المال السياسي بقوة على خط تشكيل القائمات الحزبية المشاركة في الاستحقاق، خصوصا المتعلقة بالمقاعد الأولى، وهو أمر حذر منه مسؤولون وخبراء لما له من تأثير خطير على تركيبة البرلمان المقبل، وضربا لجوهر عملية التحديث السياسي التي جرت في المملكة خلال العامين الماضيين.

وقال الناطق باسم الهيئة المستقلة للانتخاب، محمد خير الرواشدة، إنَّ القضية التي تمَّت إحالتُها إلى النائب العام تتعلق بمنشور على موقع التواصلِ الاجتماعي “فيسبوك”، تضمَّن إعلان انسحاب من الترشُّح للانتخابات النيابية المقبلة عن مقعد الشباب ضمن قائمةٍ حزبيةٍ تتنافس على مقاعد الدائرة العامة، وأن هذا المنشور جاء كإعلان عن رفضه “دفع مبالغَ ماليةٍ لا تندرج تحت بند التبرع، وذلك مقابل ترشُّحه عن القائمة الحزبية التي ينتمي إليها”.

وأشار الرواشدة إلى أن الهيئة أرفقت مع الشكوى معززات وصلتها وهي “محادثات عبر تطبيق ‘واتساب’، تظهر مفاوضات حول قيمة المبالغ المالية المطلوبة”، كما تضمنت المحادثات تفاصيل حول الاتفاق المالي بين الطرفين الرئيسيين في القضية. ومن جهته قال رئيس الهيئة العليا للانتخابات موسى المعايطة، خلال زيارة تفقُّدية للجان الانتخابية في دائرتي جرش وعجلون إنه لا أحد فوق القانون ومن يخالف سيحاسب.

موسى المعايطة: لا أحد فوق القانون ومن يخالف القانون سيحاسب
موسى المعايطة: لا أحد فوق القانون ومن يخالف القانون سيحاسب

وكان العجارمة قال في المنشور الذي أثار جدلا واسعا قبل أن يسحبه “أعلن انسحابي من الترشح رغم تبليغي بشكل رسمي بالحصول المشروط على مقعد متقدم جدًا ضمن القائمة الحزبية الوطنية، ولن أرضى بدفع المبالغ المطلوبة والتي تتجاوز قدرات معظم الشباب الأردني، ولا تندرج أبدًا تحت بند التبرع”. مضيفا “أعلن استقالتي من الحزب لعدم إيماني بآلية انتقاء المرشحين على مقعد الشباب ضمن القائمة الحزبية”.

وليس من الواضح بعد القرار الذي سيجري اتخاذه بحق الحزب لاسيما وأن القضية باتت في عهدة النيابة العامة في الأردن، لكن الأمين العام لحزب إرادة سارع إلى توضيح موقف الحزب من القضية واعتبر أن ما حصل ناتج عن سوء فهم للعضو، متهما أطرافا لم يسمها بالعمل على استغلالها لتشويه الحزب. وقال البطاينة في بيان إنه لم يصله أو الحزب حتى لحظة إصدار هذا البيان أي شيء رسمي بخصوص القضية، وأن الزوبعة التي أثيرت ليست إلا مشهدا جدليا.

وفي انتقاد بدا موجها للهيئة العليا المستقلة للانتخابات ولوسائل إعلام، قال البطاينة إنه لا يجوز التشهير بحزب وطني محترم بناء على منشور شاب على فيسبوك قام بشطبه ثم نشر بيان آخر أشار به أنه أساء الفهم بعد تواصل زملائه معه وإفهامه، وكان الأولى أن تبقى المعلومات التي نشرت سرية وتكون في عهدة القضاء الأردني العادل لأن ذلك أدى إلى التشهير بحزب وطني نال ثقة المواطن وأن من شأن ما حصل التأثير على ثقة الناس في الأحزاب والتي هي أصلا ضعيفة، كما أن التسريب سمح بتداول اسم الحزب وأمينه العام والإشارة إلى التورط بقضية مال سياسي في الإعلام دون وجه حق لاسيما أنه لم تثبت بعد الإدانة بل حتى لم يحقق بها أصلا.

ونفى الأمين العام لحزب إرادة بشكل قاطع تعاطي حزبه مع المال السياسي لا ببيع المقاعد ولا بأي شكل من الأشكال. وأشار البطاينة إلى من يحاولون التصيد أو المساس بالحزب أن يتذكروا أن هذا الأمر سيحبط الشباب وأن الحزب لن يتهاون ضمن إطار القانون مع أي مسيء. ويعد حزب إرادة أحد أبرز الأحزاب القادرة على المنافسة في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في سبتمبر المقبل، رغم حداثة تشكيله، وقد شكل مركز جذب، حيث يملك العدد الأكبر من المنتسبين.

ونجح الحزب في وقت سابق من العام الجاري في الفوز بمعظم مقاعد مجالس المحافظات، ويقول مراقبون إن الموقع الذي يحتله “إرادة” على الخارطة الحزبية في المملكة، تجعله في دائرة الاستهداف السياسي. ويلفت المراقبون إلى أنه بغض النظر عن العاصفة التي خلفها المنشور، فإن حظوظ الحزب الوسطى تبقى قوية لإحداث المفاجئة في الانتخابات المقبلة، والتي ستأذن بمرحلة جديدة يكون فيها للأحزاب حضور وازن في المعادلة السياسية داخل المملكة.

 

2