قضايا المناخ والبيئة تشغل التونسيين الشباب بشكل متزايد

تونس - بات العديد من الشباب التونسيين يولون اهتماما بقضايا المناخ في السنوات الأخيرة لتداعياته السلبية على الوضع البيئي، بعد أن تم تجاهل هذا الملف بسبب وجود العديد من الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية الحارقة إضافة إلى الصراع السياسي.
ومؤخرا ظهرت العديد من الحركات الشبابية التي تهتم بملفات المناخ والبيئة التي باتت حساسة بفعل تأثيراتها السلبية، خاصة وأن تونس باتت من أبرز الدول المتأثرة بالتغيرات المناخية بما تحمله من تداعيات سلبية على جودة الحياة.
ونظّم العشرات من الناشطين في “حركة شبيبة من أجل المناخ في تونس” وقفة أمام المسرح البلدي بالعاصمة للمطالبة بإعلان “حالة طوارئ مناخية” في البلاد في خضم ما يصفه كثيرون بأزمة بيئية ومناخية في البلاد باتت تحظى باهتمام الشباب.
ورفع المحتجون شعارات من بينها "شباب يريدون عدالة مناخية" و"الصحة قبل الربح" و"عدالة مناخية.. حق حق”، و"تونس تونس حرّة حرّة.. والتلوث على بره".
وقال الأمين العام للحركة أحمد الحاج الطيب “نحن شباب وشابات اجتمعنا أمام المسرح البلدي للمطالبة بحقنا في بيئة سليمة وحقنا في الماء والحياة”. وأضاف الحاج الطيب أن “التغيرات المناخية ألقت بظلالها على تونس وتعتبر أكبر كارثة تهدد البلاد”.
◙ في ظل محدودية البرامج الحكومية التي تهتم بالشأن البيئي والمناخ بات الشباب مهتمّين بملفات بيئية
وتابع “لذلك وقفنا اليوم لمطالبة رئيس الجمهورية قيس سعيّد ورئيسة الحكومة نجلاء بودن بإعلان حالة الطوارئ المناخية التي تعني الاعتراف بأن التغيرات المناخية تهدّد حياة المواطن والبلاد التونسية على جميع الأصعدة".
وزاد الحاج الطيب "اليوم نطلب منهم (رئاسة الجمهورية والحكومة) إعلان حالة طوارئ مناخية واتخاذ منهج اقتصادي جديد صديق للبيئة مثل الطاقة المتجددة والزراعات البيولوجية والمياه المستدامة".
وقال "نطالب اليوم بالعدالة المناخية والتربية البيئية لتثقيف الأطفال وتوعيتهم". ووفق "حركة شبيبة من أجل المناخ في تونس" فإن إعلان حالة الطوارئ المناخية إستراتيجية تستخدمها الحكومات والعلماء للإقرار بأن البشرية في حالة طوارئ لمواجهة كارثة مناخية.
وتأسست الحركة عام 2019 بتونس من قبل ناشطين شباب داعمين لاستدامة البيئة، وتهدف إلى "الحفاظ على مستقبل صحي ومستدام لأجيال اليوم والأجيال القادمة"، حسب تعريفها بنفسها في بياناتها.
ويرى مراقبون أنه في ظل محدودية البرامج الحكومية الفعالة التي تهتم بالشأن البيئي وبملفات المناخ بات الشباب مهتمين بملفات بيئية على غرار الاحتباس الحراري مع اتساع ظاهرة التلوث البيئي، بالتزامن مع تراجع مراقبة الجهات المختصة بسبب عدة عوامل منها العامل المادي ونقص الموارد البشرية.
وكان المسؤول المكلف بملف تونس في اتفاقية الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية محمد الزرلّي قال في مايو الماضي إن تونس تحتاج إلى اعتمادات مالية بقيمة 19.3 مليار دولار حتى عام 2030 لتنفيذ تعهداتها لحماية المناخ موضحا أن التزامات تونس تقضي بضرورة تقليص 45 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عام 2030 بدل 41 في المئة محددة سابقا.
◙ تونس تحتاج إلى 19.3 مليار دولار لتنفيذ تعهداتها لحماية المناخ وتقليص 45 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة
وكانت تونس أصدرت النسخة المعدلة من مساهمتها المحددة وطنيا في مجال البيئة والمناخ، وقدمتها إلى المنصة الأممية للاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ.
وركزت هذه النسخة المعدلة على مجالات عدة بينها الاقتصاد الدائري (تقليص النفايات وتدويرها)، والأمن الغذائي والمائي والتنمية الاجتماعية لخلق الثروة لكن يبقى هذا الجهد بسيطا.
وفي المقابل تعمل القوى الشبابية على التحسيس ميدانيا بأهمية مواجهة ظاهرة تغير المناخ وأزمة البيئة خاصة وأن الحكومات التونسية المتعاقبة خلال السنوات العشرين الماضية على الأقل، لم تعط الموضوع الأهمية التي يستحقها ولم تخطط لمشاريع كبرى يمكن أن تساعد على تجاوز الأزمة العالمية.
وتعتبر هذه الجهود الشبابية رغم الحماس الذي يدفعها غير كافية على مواجهة ظاهرة تغير المناخ، حيث يرى مراقبون أن الدولة مطالبة بالعمل بجد على دعم التحركات والأنشطة التي تعنى بالبيئة وتخصيص مقاربات فعالة لمواجهة الظواهر البيئية والمناخية المقلقة.
ويرى خبراء في مجال المناخ والبيئة أن تونس تشهد فترة من الجفاف في أغلب أنحاء البلاد مع تراجع كميات الأمطار، حيث شهد مستوى سطح البحر ارتفاعا مع زيادة الملوحة والحموضة.
وسيحدث هذا التغير المناخي وفق مراقبين وخبراء جملة من المخاطر على الزراعة والصيد البحري والسياحة، مما يضاعف من المخاطر الحالية في هذه القطاعات.
وكشف تقرير محلي تم إنجازه من قبل مراكز أبحاث تابعة لوزارة البيئة التونسية بالاشتراك مع سفارة المملكة المتحدة أن قطاعات الزراعة والصيد البحري والسياحة في تونس ستتأثر بصفة كبيرة بالتغيرات المناخية.