قضاة ووزراء والآن رئيس الأركان: صعود للمستوطنين في حكم إسرائيل

القدس- للمرة الأولى، سيشغل مستوطن منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، ويعد هذا المنصب بمثابة تتويج لتزايد نفوذ مجموعات المستوطنين، التي تطوّرت من أعداد صغيرة من الأيديولوجيين الدينيين إلى قوة متنوعة ومؤثرة في إسرائيل، حيث وصل أعضاؤها إلى أعلى المراتب في الحكومة والمؤسسات الرئيسية الأخرى.

ويقول منتقدون إن النفوذ السياسي الهائل للمستوطنين يهدد أيّ أمل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة ويهدد مستقبل إسرائيل ديمقراطيا. ويرون أن تعيين الميجر جنرال هيرتسي هاليفي يكشف مدى الترابط الحقيقي بين المستوطنين والجيش.

وبعد الموافقة على ترشيح هاليفي يوم الأحد، من المتوقع أن يبدأ فترة ولايته التي تبلغ ثلاث سنوات في الـ17 من يناير المقبل.

وقال شبتاي بنديت من منظمة السلام الآن المناهضة للاستيطان “ليس من المستغرب أننا وصلنا إلى نقطة يكون فيها رئيس الأركان مستوطنا أيضا”.

ويقول آخرون إن هاليفي، وهو نائب رئيس الأركان حاليا، يتمتع بمسيرة عسكرية متميزة، ولن يؤثر مكان إقامته على قراراته. وقد شغل منصب رئيس وحدة هيئة الأركان العامة (سييرت متكال) والمخابرات العسكرية وقاد القيادة الجنوبية حيث أشرف على العمليات في قطاع غزة.

وأشاد وزير الدفاع بيني غانتس بهاليفي كضابط. وقال عند ترشيحه “ليس لديّ شك في أنه الرجل المناسب لقيادة الجيش”.

ووُلد هاليفي بعد أشهر قليلة من حرب 1967 عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية وترعرع في القدس. وهو سليل حاخام يُنظر إليه على أنه والد حركة الاستيطان الحديثة. ويعيش في مستوطنة كفار هورانيم التي تتاخم الخط غير المرئي بين إسرائيل والضفة الغربية.

وقد يكون العديد من أولئك الذين انتقلوا إلى كفر هورانيم قد انجذبوا إلى أسعار المساكن الأرخص في موقع مركزي بين القدس وتل أبيب، وليس بسبب أيديولوجية راديكالية. لكن اختيار العيش في مستوطنة غالبا ما يشير إلى بعض الميول السياسية القومية.

ولم يكشف البحث في بعض خطابات هاليفي السابقة وتصريحاته العامة عن رأيه في المشروع الاستيطاني اليهودي.

في المقابل، احتضنت حركة المستوطنين قائد الجيش الجديد. وقال يسرائيل غانز رئيس مجلس الاستيطان الإقليمي الذي يضم كفار هورانيم “نحن فخورون بأن رئيس الأركان الجديد مستوطن”. وقال إنه يتوقع أن يعمل أيّ رئيس أركان مع الإيمان بـ”استقامة” الاستيطان اليهودي و”تعميق جذور” المستوطنين اليهود.

وارتفع عدد المستوطنين منذ عام 1967 إلى حوالي 500 ألف نسمة، وهم يعيشون في أكثر من 130 مستوطنة وبؤرة استيطانية في الضفة الغربية. ويعيش ما يقرب من 3 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية، معظمهم في مراكز سكانية شبه مستقلة تديرها السلطة الفلسطينية.

ويعتبر جزء كبير من المجتمع الدولي المستوطنات غير شرعية وتشكل عقبات أمام السلام.

ويدعم الجيش الإسرائيلي وجود المستوطنين في الضفة الغربية كما يشرف على مرافقة المستوطنين عندما يريدون زيارة مواقع حساسة أو الخروج في مسيرة أو احتجاج.

ووصل المستوطنون إلى مناصب رئيسية في المؤسسات الإسرائيلية على مر السنين.

وتضم القائمة الحالية قاضيين عضوين على الأقل في المحكمة العليا للبلاد. وتولى سياسيون من المستوطنين منذ فترة طويلة مهام وزارية في الحكومة، بما في ذلك أفيغدور ليبرمان الذي شغل منصب وزير للخارجية والدفاع والمالية في إسرائيل. كما شغل المستوطنون مناصب رئيسية في المؤسسات الثقافية والهيئات التي تخصص الأراضي. وكان رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت في السابق زعيما للمستوطنين، رغم أنه لم يكن يعيش في مستوطنة.

واحتضن عالم الثقافة، الذي كان يوما ما دعامة أساسية لليبرالية واليسار الإسرائيلي، المستوطنين وعرضهم في برامج تلفزيون الواقع، بينما يوافق الفنانون والموسيقيون بشكل متزايد على الأداء في المستوطنات أو قبول التمويل من رعاة المستوطنين.

ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن المحامية الفلسطينية ديانا بوتو أن تعيين مستوطن رئيسا للأركان يثير مخاوف من أن سلوك الجيش تجاه الفلسطينيين سيزداد سوءا، مما يزيد من ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي وجعل إقامة دولة فلسطينية أمرا مستبعدا.

وأضافت “يسود اعتقاد خيالي في المجتمع الدولي مفاده أن هناك إسرائيل ومن ثم هناك المستوطنات، وكأنهما منفصلان عن بعضهما البعض. لكننا في الحقيقة نرى أنهما شيء واحد”.