قضاء الوقت أمام الأجهزة الإلكترونية يقلل مهارات الأطفال اللغوية

الباحثون يؤكدون في دراستهم أن تربية الطفل في بيئة غنية لغويا تعد أمرا حيويا من أجل التطور اللغوي المبكر.
الاثنين 2024/03/25
فقدان الكثير من اللحظات المهمة

سيدني- يقوم الأطفال بمحاكاة كل ما نقوم به، بما في ذلك علاقاتنا مع أجهزتنا.. وفي دراسة أسترالية حديثة أظهرت نتائجها أن ترك الطفل مع جهاز ذكي مدة طويلة يفقده فرصة تكوين زاده اللغوي بشكل سريع مقارنة بالأطفال الذين يتم التحدث معهم والتفاعل معهم بكثرة في المنزل بعيدا عن الشاشات الذكية.

ولفت فريق البحث الذي أجرى الدراسة إلى أن تقضية فترة طويلة في تصفح التطبيقات والمواقع الإلكترونية من خلال أي هاتف ذكي ليست بالطبع الوسيلة الأكثر صحية لأي شخص بالغ لقضاء وقت فراغه، محذرين من أن البقاء وقتا طويلا أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية، بالنسبة إلى الأطفال، يعني فقدان الكثير من اللحظات المهمة لتطوير مهارتهم اللغوية.

ويمتلك نحو نصف الأطفال الذين يبلغون من العمر 8 أعوام وأقل كل واحد منهم جهازا لوحيا خاص به ويمضي نحو 2.25 ساعة يوميا أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية لمتابعة ما يحلو له من برامج وتطبيقات، وفقا لما ذكرته منظمة كومن سينس ميديا الأميركية غير الربحية، التي تعتبر المصدر الرئيسي لتقديم التوصيات للأسر بالنسبة إلى ما يتعلق بالترفيه والتكنولوجيا.

◙ يتعين على الآباء بدلا من ذلك استخدام الوقت الذي يمضيه الأطفال مع الأجهزة الإلكترونية كفرصة للتفاعل معهم

وقال العلماء في مقالة نُشرت في دورية الجمعية الأميركية لطب الأطفال إنه خلال الوقت الذي يمضيه الأطفال أمام جهاز الحاسب اللوحي أو لوحة التحكم، يتفاعلون بصورة أقل مع البالغين، ويلتقطون كلمات أقل من آبائهم، كما يستمعون لأحاديث أقل، وهو ما يعد عنصرا أساسيا لبناء مهاراتهم اللغوية، وهي العملية التي يمكن بالتالي أن تشهد تأخرا.

ويشير الباحثون إلى أن عدة دراسات كشفت أنه من المهم من أجل تحقيق التحصيل اللغوي للطفل وتطوره الاجتماعي-العاطفي أن يتم التحدث معه والتفاعل معه بكثرة في المنزل.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أفادت في إرشادات جديدة لها أصدرتها خلال عام 2019 أنه يتعين على الأطفال أقل من خمسة أعوام تمضية وقت أقل في مشاهدة شاشات الأجهزة الإلكترونية والحصول على قسط جيد من النوم وتمضية وقت أطول في اللعب النشط وذلك من أجل النمو بصورة صحية.

مع ذلك، ركزت الكثير من تلك الدراسات على تأثير تمضية الوالدين وقتا طويلا أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية وليس على تأثير تمضية الطفل لوقت طويل أمامها.

ومن أجل دراستهم، فحص الفريق بقيادة ماري بروش من جامعة أديلايد الأسترالية بيانات تتعلق بـ220 أسرة تم تسجيلها كل ستة أشهر من يناير 2018 إلى ديسمبر 2021 باستخدام تكنولوجيا التعرف على الكلام.

2.25

ساعة يوميا يمضيها الطفل أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية لمتابعة ما يحلو له من برامج وتطبيقات

وتضمنت السجلات كل من الوقت الذي تمت تمضيته أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية والبيئة اللغوية العامة في المنزل للأطفال من عمر 12 إلى 36 شهرا خلال نحو 16 ساعة يوميا.

وخلص الباحثون إلى أن كل زيادة في الوقت الذي تتم تمضيته أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية يعني تقلص الأحاديث بين الآباء والطفل، مما يعني أن الطفل سمع كلمات أقل من البالغين في المنزل، وتحدث بكلمات أقل وشارك بصورة أقل دورية في الأحاديث.

وقد لوحظ التأثير الأكبر للوقت الذي تتم تمضيته أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية في عمر 36 شهرا.

وحتى بين الأسر الملتزمة بتوصيات منظمة الصحة العالمية المتعلقة بالفترة التي يمكن تمضيتها أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية، وهي ليست أكثر من ساعة يوميا للأطفال الذين يبلغون من العمر ثلاث أعوام، فإن الأطفال ربما يفقدون تعلم نحو 400 كلمة من البالغين يوميا.

مع ذلك، فإنه وفقا للتقديرات، يعتبر المتوسط الحقيقي للوقت الذي يمضيه الكثير من الأطفال أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية أعلى بكثير.

وقال الباحثون إن الأطفال الذين يبلغون من العمر ثلاثة أعوام، وشملتهم الدراسة، أمضوا نحو 172 دقيقة أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية يوميا، مما يعني أنهم فقدوا تعلم نحو 1000 كلمة يوجهها البالغون إليهم.

◙ البقاء وقتا طويلا أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية، بالنسبة إلى الأطفال، يعني فقدان الكثير من اللحظات المهمة لتطوير مهارتهم اللغوية

ولم تتطرق نتائج الدراسة إلى ما إذا كانت لدى الأطفال الذين أمضوا ساعات طويلة أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية حصيلة مفردات لغوية أقل ومهارات لغوية أضعف.

وأوضح الفريق البحثي أن تربية الطفل في بيئة غنية لغويا تعد أمرا حيويا من أجل التطور اللغوي المبكر.

وأضاف الفريق البحثي أنه على الرغم من أن التحدث للأطفال يجب أن يكون نشاطا بسيطا وغير معقد، فإن تخصيص وقت من أجل إجراء حديث ملائم غالبا ما لا يكون أمرا سهلا في ظل صخب وضجيج الحياة اليومية.

ويرغب الكثير من الآباء في إبعاد أطفالهم عن شاشات الأجهزة الإلكترونية، ولكن يأتي الضغط المصاحب للحياة اليومية، ويصبح من الصعب الاستحمام أو الطبخ أو التحدث على الهاتف دون مساعدة من خلال السماح للطفل بمتابعة شاشة إحدى الأجهزة الإلكترونية.

وأشار الفريق إلى أنه على الرغم من أنه من غير المنطقي دعوة الأسرة لإبعاد أطفالها تماما عن شاشات الأجهزة الإلكترونية، فإنه يتعين على الآباء بدلا من ذلك استخدام الوقت الذي يمضيه الأطفال مع الأجهزة الإلكترونية كفرصة للتفاعل معهم.

16