قصف إسرائيلي المستشفى المعمداني يجبر على إجلاء قسري للمرضى

غزة - أكد الجيش الإسرائيلي اليوم الأحد تنفيذه غارة جوية استهدفت مبنى داخل المستشفى الأهلي (المعمداني) شمال قطاع غزة، مشيرا إلى أن الهدف كان مركز قيادة تابع لحركة حماس يقع داخل المنشأة الطبية.
ووفقا للجيش وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، استخدم عناصر حماس المستشفى للتخطيط وتنفيذ هجمات، بما في ذلك عمليات استهدفت مدنيين إسرائيليين، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل العملياتية.
وأشار الجيش الإسرائيلي إلى اتخاذ "إجراءات احترازية" قبل الغارة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين وتقليل الأضرار بالمستشفى، بما في ذلك إصدار تحذير مسبق، مؤكدًا عدم تسجيل أي إصابات.
بيد أن روايات شهود عيان ومصادر طبية وحكومية محلية في غزة قدمت صورة مختلفة، حيث أفادوا بأن غارة جوية إسرائيلية استهدفت في وقت مبكر من صباح الأحد قسم العمليات الجراحية ومحطة توليد الأكسجين الطبي في المستشفى المعمداني وسط مدينة غزة، مما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منه وإلحاق أضرار جسيمة بمبان أخرى كانت تؤوي مرضى وجرحى ونازحين.
ووصف المدير العام لوزارة الصحة في غزة، منير البرش، الوضع بـ "الكارثي الذي لا يمكن وصفه"، مشيرًا إلى أن "الجرحى والمرضى في الشوارع" وأن "القصف لم يتوقف والغارات مستمرة". وأضاف أن طفلاً مصابًا توفي لاحقًا نتيجة صعوبة نقله وشدة الألم.
وأظهرت صور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي - لم يتم التحقق من صحتها بشكل مستقل - عشرات العائلات النازحة تغادر المكان، فيما يقوم البعض بجر ذويهم المرضى على أسرة المستشفيات في حالة من الذعر والهلع.
ووفقًا لشهود عيان، كانت هناك تهديدات سابقة من الجيش الإسرائيلي بقصف المستشفى، مما دفع العديد من الجرحى والمرضى إلى مغادرته والافتراش في الشوارع المحيطة في ظل الظروف الجوية الباردة.
يُعد المستشفى المعمداني مركزا حيويا يقدم خدماته الصحية لأكثر من مليون فلسطيني في محافظتي غزة وشمال غزة، وذلك في ظل الانهيار شبه الكامل للمنظومة الصحية نتيجة للعمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة منذ أكتوبر 2023 والتي تستهدف بشكل ممنهج المستشفيات والمراكز الصحية.
في سياق متصل، أفاد مسعفون في وقت سابق بأن صاروخين إسرائيليين أصابا مبنى داخل مستشفى رئيسي في قطاع غزة اليوم الأحد، مما أدى إلى تدمير قسم الطوارئ والاستقبال وإلحاق أضرار بمبان أخرى، وأجبر مسؤولين في قطاع الصحة في المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) على إخلاء المبنى من المرضى بعد تلقي تحذير هاتفي من شخص زعم أنه من الأمن الإسرائيلي قبل وقت قصير من الهجوم.
وعبرت وزارة الصحة في غزة عن استنكارها الشديد "لاستهداف الاحتلال للمستشفى المعمداني"، مؤكدة أن القصف المتعمد أدى إلى "إخلاء قسري للمرضى والعاملين".
وتأتي هذه الأحداث في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، والتي تستهدف بشكل متكرر المنشآت الطبية، وفقًا لتقارير فلسطينية ودولية.
ونددت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بالهجوم في بيان أصدره المكتب الإعلامي الحكومي التابع لها، ووصفت الهجوم بأنه "جريمة جديدة مروعة".
وقالت في البيان "سبق أن دمر الاحتلال عمدا 34 مستشفى وأخرجها عن الخدمة في إطار خطة ممنهجة للقضاء على ما تبقى من القطاع الصحي في قطاع غزة، وكذلك استهدف العشرات من المراكز الطبية والمؤسسات الصحية في انتهاك فاضح لكل المواثيق الدولية واتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف المنشآت الطبية".
في المقابل، تقول إسرائيل إن حماس تستغل بشكل ممنهج بنية تحتية مدنية وإن مقاتليها يعملون بشكل متكرر من مستشفيات في القطاع، وهو اتهام نفته الحركة مرارا.
وشنت القوات الإسرائيلية غارات ومداهمات متكررة لمنشآت طبية في القطاع.
ويُذكر أن المستشفى المعمداني نفسه كان مسرحًا لحادث مأساوي في أكتوبر 2023، حيث أودى انفجار بحياة المئات. وتبادلت حينها الفصائل الفلسطينية وإسرائيل الاتهامات بشأن المسؤولية عن الانفجار.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن الانفجار جاء نتيجة ضربة جوية إسرائيلية، بينما قالت إسرائيل إن الانفجار نجم عن صاروخ أطلقته حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية عن طريق الخطأ. ونفت الحركة مسؤوليتها. وخلصت هيومن رايتس ووتش فيما بعد إلى تلك النتيجة بعد إجراء تحقيق.