قصص وحكايات شعبية في معرض جديد لدلندا الحسن

لوحات التشكيلية الأردنية تظهر بالمعرض متسلسلة تبعا لتوالي أحداث القصة التي ترويها مع تنوعها من ناحية التكوين النفسي للشخصيات وانفعالاتها.
الثلاثاء 2024/04/30
لوحات متسلسلة

عمان- تقدم التشكيلية الأردنية دلندا الحسن في معرض “ود” المقام على غاليري جودار، لوحات مستقاة من أجواء القصص والحكايات الشعبية، وبشكل خاص من الميثولوجيا السومرية واليونانية والرومانية.

تتتبّع لوحات المعرض سيرة حياة البطل “ود” منذ ولادته مرورا بنشأته ورعاية عائلته له ثم شبابه، وهو بطل تربى مع الطيور، واستطاع حين كبر، كما يظهر في اللوحة الأخيرة، أن يحقق هدفه المتمثل في إنقاذ مجموعة من الأطفال اختطفتهم جنيّة وحبستهم داخل شجرة.

وقالت الحسن إن عنوان المعرض يشير إلى أهمية نشر المحبة بين الناس، فـ”نحن بحاجة كبيرة إلى المحبة والمودة والتراحم.. وهذه رسالتي التي أريد قولها من خلال الحكاية واللون”.واستخدمت الحسن تقنيات مزج لوني تعتمد على تجاور الألوان القوية مع الألوان الهادئة، وجاء هذا المزج “بطريقة فطرية وبما يعكس المشاعر” وفقا لتعبيرها، موضحة أن هذا المنحى مرتبط بتأثرها بالمدرسة الوحشية، حيث يتم المزج بين الألوان الحارة والدافئة معا.

تقترب البنية الكلية للوحات من تجسيد شكل الوردة، وهو ما يتوافق مع فكرة قصة المعرض، وحتى الطيور تتخذ في الأعمال المعروضة هذا التشكيل الناعم والانسيابي من الخطوط. فتقول الحسن في هذا السياق “من الطبيعي أن أميل للورود، وعنوان روايتي الأولى هو ‘أحلام الأوركيدا’، وبطلتها وردة، ورسم الورد يعبّر عن الأنوثة، فضلا عن أنه جزء من الطبيعة التي تربّيت فيها وغذّتني بصريا”.

بوكس

وكشفت الحسن عن أنها في مرحلة التأسيس لأيّ من لوحاتها تبدأ برسم شكل الوردة، ومنه تنطلق في رسم التشكيلات الأخرى ومزج الألوان. وتوضح “كنت أدمج في داخل بتلة الوردة الواحدة العديد من الألوان، فيتخذ الشكل الناتج سمة العشوائية أو أقوم بتنظيمه”، مشيرة إلى أن تحريك الفرشاة أثناء رسم بتلات الزهرة يساعدها على دمج الألوان، وهذا يعطي للّون عمقا وتأثيرا.

وتظهر لوحات الحسن بالمعرض متسلسلة تبعا لتوالي أحداث القصة التي ترويها، وتتنوع هذه اللوحات من ناحية التكوين النفسي للشخصيات وانفعالاتها، مع توازن مدروس بين الكتلة والفراغ والظل والضوء، وتناسق العناصر مجتمعة.

وعن علاقتها بلوحاتها، تقول الحسن “أتحاور خلال العمل مع اللوحة، وأحكي مع تفاصيلها، وهذا التقارب بيننا ينعكس على المتلقي الذي يشعر بأنه في حوار مع العمل أيضا”.وتضيف “هذه عملية صعبة وتتطلب تفرغا نفسيا وذهنيا، إذ إنني أعيش داخل القصة وأقترب من فهم كل تفصيلة فيها، لأخرج بالتشكيل الواضح والمعبّر عنها، وهو ما أسميه ‘الحبل الخفي’ الذي يربطني بأعمالي ويربطها بعضها ببعض”. دلندا الحسن، كاتبة ورسامة أردنية، حاصلة على بكالوريوس إحصاء واقتصاد من جامعة اليرموك عام 2001، ودبلوم فنون جميلة من مركز تدريب الفنون الجميلة عام 2010، ودبلوم تصميم داخلي من كلية القدس عام 2012، تعمل باحثة إحصائية في ديوان الخدمة المدنية في الأردن، صدرت لها عدة مؤلفات “تباشير” (نتاج ورشة الكتابة الإبداعية مع مجموعة قصاصين) 2014، و”تقاسيم” (نتاج محترف الكتابة الإبداعية مع مجموعة قصاصين) 2017، ورواية “أحلام الأوركيدا” 2017. شاركت في عدة ملتقيات للقصاصين الشباب، وفازت في مسابقة القصة القصيرة في مسابقة سواليف 2013 عن قصة “المدينة الحجرية”.

وتفضّل الحسن أن ترسم لوحات عدة بالتزامن، ليتسنى لها التفكير في الروابط بينها وضمان أن تكون الأفكار متتابعة وفي السياق نفسه.

وتجربة الفنانة التشكيلية جاءت متأثرة بكونها روائية وكاتبة، وهي تقول في هذا السياق “هناك ارتباط بين أعمالي الفنية والأدبية، فأنا أتفاعل مع ما أقرأ ويظهر ذلك التأثر على شكل لوحات”، مضيفة “مخزوني المتراكم عبر القراءة والكتابة يتفاعل في داخلي ليتحول إلى رسومات وألوان”.

وتؤكد الحسن أن ثيمة السرد أو الحكي لا تنفصل عنها حتى بالرسم، فهي تروي القصص “عبر السرد وعبر اللون في آن”، مشيرة إلى أنها تتوقف عن الرسم أحيانا لتقرأ وتكتب، كي يتسنى لها تتبّع الرابط المشترك بين القصص والحكايات والعثور على العناصر المشتركة التي يمكنها الاشتغال عليها داخل اللوحة عند العودة إليها مجددا.

ومثال ذلك أن الزائر يشاهد في اللوحة الأولى بالمعرض قوس “مرسول الحب” في الميثولوجيا اليونانية، الذي يجسد حضور البطل “ود” نفسه، ويكون الخيط مشدودا في إشارة إلى أن السهم خرج من القوس وانطلق بعيدا، وفي آخر لوحة بالمعرض، يظهر السهم وقد اخترق الشجرة التي تحرّر الأطفال منها وحُبست الجنية في داخلها، في إشارة إلى انتهاء المأساة التي صنعتها الجنية وتغلّب “ود” عليها.

تقول الفنانة دلندا الحسن في سياق هذه الفكرة “ما قدمته في هذا المعرض هو إسقاط على أوضاع الأطفال الذين عانوا من الحروب، وإيصال رسالة تدعو إلى المحبة والسلام”.

◄ تجربة الفنانة التشكيلية جاءت متأثرة بكونها روائية وكاتبة
تجربة الفنانة التشكيلية جاءت متأثرة بكونها روائية وكاتبة
◄ البنية الكلية للوحات تقترب من تجسيد شكل الوردة، وهو ما يتوافق مع فكرة قصة المعرض
البنية الكلية للوحات تقترب من تجسيد شكل الوردة، وهو ما يتوافق مع فكرة قصة المعرض

 

14