"قصص قديمة للبيع" حكايات تستلهم التراث وتغوص في حياة الناس

الكاتب ناصر كمال يلجأ إلى الإسقاط لتمرير أفكاره في قالب أدبي.
الثلاثاء 2023/08/15
لمحة عن المجتمع المصري (لوحة للفنان طه القرني)

القاهرة - تتضمن مجموعة “قصص قديمة للبيع”، التي صدرت مؤخرا للكاتب ناصر كمال عن دار يسطرون للطباعة والنشر، عددا من النصوص التي تدور في أجواء وأزمنة مختلفة.

تتنوع أجواء القصص في المجموعة، فمنها ما يصف مجتمع الجنوب والقرية المصرية بتقاليدها العريقة، ومنها ما ينتمي إلى التيار الرومانسي لاسيما القصص التي تعاين مشاعر الإنسان في مرحلة الشباب، وهناك قصص خيالية تدور في إطار الفنتازيا، وأخرى واقعية أو تعكس حياة الناس اليومية وتشابكات العلاقات الإنسانية وتعقيداتها.

وتتسم القصص بالأسلوب السهل الذي ينأى عن الغموض، فتخرج جملها “مكثفة ومعبرة عما يبغي البوح به” بحسب تعبير الكاتب نبيل بقطر، يرسمها القاص بقلمه، وينقلها إلى القارئ بسرد مشوق، موظفا الحوار الذي يعكس خصائص الشخصيات السردية ويرسم الحدود في ما بينها.

القصص تتنوع في المجموعة؛ فمنها الواقعية التي تعكس حياة الناس اليومية ومنها التي تدور في إطار الفنتازيا
القصص تتنوع في المجموعة؛ فمنها الواقعية التي تعكس حياة الناس اليومية ومنها التي تدور في إطار الفنتازيا

وتسيطر ثيمة “الرحيل” على المجموعة، فتتعدد تعابيره وأشكاله ودلالاته بين قصة وأخرى بما يؤكد رؤية القاص بأن الرحيل هو سنة الحياة. فقد جاء بمعنى “الموت” في بعض القصص، وبدا مرادفا للفراق أو البعد بمعنى السفر والهجرة في قصص أخرى، وعبر عن الاغتراب أحيانا، حتى وإن كان المرء وسط أهله وفي أرضه، فربما يعاني الانكفاء والتقوقع والرحيل داخل الذات.

ويلجأ القاص الذي أصدر سابقا مجموعة بعنوان “فتاة إيرلهام” (2020) إلى الإسقاط لتمرير أفكاره في قالب أدبي، محيلا العديد من الحكايات من الواقع المعيش إلى نصوص ناجزة، تخلص إلى فن القصة في الوقت الذي تبدو فيه أحيانا أغرب من الخيال نفسه.

وتكشف القصص عن حرص المؤلف على استلهام الموروث الشعبي والثقافي بما يشمله من عادات وتقاليد وقيم وممارسات. ووفقا لبقطر “هي قصصنا جميعا؛ نغرق في أحداثها.. نعيش بالأمل ونحن على يقين من رحيله”.

نقرأ على الغلاف الأخير من نصوص المجموعة “وجدتني وقد انتقلت بكامل جسدي إلى الفضاء. أتنقل بين النجوم والكواكب حتى لاحظت كوكبا برتقاليا لامعا في الأعلى. كان مبهرا فاتجهت إليه. مددت يدي لألمسه وأغوص فيه. قبضت يدي على الهواء وارتج جسدي. فتحت عيني لأجد نفسي على سور السطح أعلى منزلنا، وفي الأسفل يوجد الطريق الإسفلتي المزدحم بالسيارات والناس. تبدو خطواتهم العجولة عشوائية لا تفضي إلى نسق ما. أنا الآن مجرد بيدق لا يعرف طريقه. حاولت أن أتماسك، لكن جسدي ظل يرتخي، ثم في النهاية سقط متهاويا إلى أسفل. اصطدم بالطريق بلا ضوضاء”.

13